أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الإذاعات وغرض يعقوب .. ايوب الغنيمات

في منتصف هذا الشهر ومن قلب بيروت أعلنت محطة ( فرنسا 24 ) الاخباريه أنها مددت بثها الناطق بالعربية بعد أن كان بضع ساعات, محطة  التلفزه الإخبارية الفرنسية ليست بالجديدة فقد سبقتها بفترة بسيطة محطة ( أي فيلم ) للترويج للدراما الإيرانية .

البث التلفزيوني الموجهة باللغة العربية لم يكن وليد صدفه أو تجارب بلا هدف محدد , فقد بدأت الإذاعات الموجهة  أولا البث في مطلع القرن المنصرم ثم في مطلع الألفية الثالثة انطلقت محطات التلفزه الموجهة .

   فالإذاعة العربية لصوت روسيا خلال الحرب العالمية الثانية و تحديدا في 15 - آب 1943 تحت اسم (راديو موسكو ) لمدة نصف ساعة وكانت الإذاعة في بداياتها ذات طابع إخباري بحت. حاملة للمستمعين العرب ما يدور على جبهات القتال وانتصارات الجيش الأحمر ثم تحولت الإذاعة بعد ذلك لمرحلة نقل (الثورة البلشفية ) عبر الترويج للأفكار الماركسية والشيوعية والاشتراكية عبر ساعات إرسالها الطويلة وعبر عشرات العناوين من الكتب والمجلات التي كانت ترسل مجانا لمستمعيها, بقيت الإذاعة السوفييتية تحمل اسمها الشهير (راديو موسكو) لفترة طويلة ثم تحول نداؤها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي إلى إذاعة (صوت روسيا).

و قبلها ظهرت العديد من الإذاعات الناطقة بالعربية عقب ما يسمي " بحرب الأثير " ما بين إنجلترا ودول المحور آنذاك فكانت ايطاليا أول دولة غربية تنشئ إذاعة عربية تحت اسم إذاعة باري "Bari" سنة 1932 رغم وجود العديد من الإذاعات الاستعمارية المحلية المملوكة من قبل المستعمرين الفرنسيين في المغرب العربي, فجاء رد بريطانيا في العام 1938 بإنشاء خدمة إذاعية عربية من منطقة دفنتري Daventry ولم تكن تلك المحطة قادرة للوصول للعالم العربي فأنشأت بريطانيا في العام 1941 إذاعة ( الشرق الأدنى من جنين /فلسطين)التي انتقلت بعد نكبة عام 1948 إلى قبرص وهناك انطلقت من جديد تحت اسم ( صوت بريطانيا العظمى ) الذي تحولت بدورها الى إذاعة البي بي سي العربية , ثم في عام 1939 بدأ راديو باريس الفرنسي بثه العربي .

فقامت ألمانيا في العام 1939 بالرد على إذاعات الحلفاء حيث أطلقت إذاعة برلين العربية بصوت المذيع العراقي يونس صالح بحري الجبوري المعروف ( بيونس البحري) الذي حيى المستمعين العرب في أول بث بعبارة (هنا برلين .. حي العرب) تقليدا لعبارة (حي هتلر) النازية، وبدأ الافتتاح اليومي لتلك الإذاعة بالقران الكريم فما كان من الإذاعة الايطالية ألا أن افتتحت بثها بالقرآن الكريم .

و استمر انتشار الإذاعات الموجهة للعرب فظهرت إذاعة هولندا العربية ثم إذاعة اليابان العربية و إذاعة عموم الهند باللغة العربية وكانت اغلب تلك المحطات تحت إشراف وزارات الخارجية أو الأجهزة الأمنية السرية وكان العاملون فيها من خيره المثقفين العرب وأصحاب المهارات أمثال الشاعر إبراهيم طوقان والأديب حسن الكرمي والأديب الطيب صالح وغيرهم.

لم يكن الهدف فقط من تلك الإذاعات الأجنبية هو تقديم المعرفة والثقافة وبرامج تعليم اللغة - لغة أجنبية - والنشرات الإخبارية أو التعريف بسمات شعبها وثقافتهم وعاداتهم والحرية أو

الرخاء الاقتصادي بل غدت بعض تلك المحطات دائرة معارف كاملة ونافذة يطل منها المستمع أو المشاهد العربي على تلك الدولة وصفحات من تاريخها وجغرافيتها وشعرائها والموسيقيين والروائيين والمؤرخين والرسامين فيها.

وكان هناك أيضا حاجات في نفس يعقوب - كما يقال - فتعدد المصالح والسياسات الغربية في المنطقة العربية كثيرة ومتشعبة ولتحقيقها يجب التأثير على الرأي العام بصوره ما, حيث يقوم خبراء إعلاميون ونفسيون في بعض تلك الإذاعات - خصوصا الإذاعات التبشيرية - بمعالجة وصياغة الأخبار والبرامج بل واختيار الموسيقى رغم أن المتلقي العربي اليوم أكثر ذكاءً من ذي قبل ومن الصعب عليه الآن أن يقتنع بفكر مغاير لرأيه أو مغاير لثقافته الراسخة بسهوله مطلقة .

اليوم في عصر السموات المفتوحة قلت فعالية الرقابة والسيطرة الحكومية على ما يبث وقل تواجد المحطات الإذاعية فظهرت المحطات التلفزيونية الفضائية الموجهة - الدولية والدينية - باللغة العربية فظهرت المحطة الشهيرة والتي تقول إشارة التعريف بها (مشروع جديد من صديق قديم) أي (روسيا اليوم) والتي يعمل فيها العشرات من العرب كي تكون بديلة أو منافسا للأمريكية "الحرة" و بقيه المحطات من أمثال البي بي سي العربية ودويتش فيلي الألمانية و( تي ار تي  ) التركية و(اريرانغ ) الكورية و(سي سي تي في) الصينية .

فيما يبدو أن قصة حروب طروادة وحصانها الخشبي الذي حشر في داخله جيش واستطاع تحقيق النصر ألهمت خيال القائمين على تلك الوسائل الإعلامية المستعربة, فربما تستطيع تلك المحطات الموجهة تحقيق ما عجزت عن تحقيقه العساكر والبوارج والطائرات المقاتلة , لذلك من المقدر أن يستمر البث باللغة العربية , فقد حملت لنا الإخبار أن الحكومة اليابانية حاليا تعمل على أنشاء محطة فضائيه باللغة العربية.

 

صحفي وكاتب اردني
(88)    هل أعجبتك المقالة (84)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي