أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الأوبئة تهدد حياة معتقلي الثورة السورية في سجن رومية وسط تجاهل رسمي وإهمال صحي

أرشيف

تفاقمت الأزمة الصحية والمعيشية داخل سجن رومية اللبناني، ما وضع حياة مئات المعتقلين، ولا سيما معتقلي الثورة السورية، أمام خطرٍ مباشر بفعل انتشار الأوبئة وسوء الرعاية الطبية، وسط تجاهل رسمي وتعتيم إعلامي متواصل.

ويواجه نزلاء السجن الأكبر في لبنان ظروفاً قاسية، إذ يفتقرون إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة الأساسية، من غذاء وماء نظيف إلى وسائل النظافة الشخصية. وقد أدى هذا الإهمال إلى تفشي أمراض جلدية ومعدية، أبرزها الجرب، الذي يُعتقد أن مصدره فئران عُثر عليها في خزان المياه.

رعاية طبية محدودة مقابل احتياجات هائلة
نقيب الأطباء في لبنان، الدكتور شرف أبو شرف، صرح لوسائل إعلام محلية بأن 90% من حالات الجرب تمت معالجتها، مشيراً إلى أن أربعة أطباء فقط يتولون مهمة رعاية نحو 4500 سجين، ولمدة لا تتجاوز أربع ساعات يومياً.

غير أن شهادة أحد المعتقلين – طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية – كشفت واقعًا أكثر سوداوية، مشيرًا إلى أن هناك طبيبًا واحدًا فقط يغطي عدة مبانٍ داخل السجن، يضم كل منها ما بين 900 و1200 سجين. كما أن العيادات غالبًا ما تكون خالية من الأطباء، في ظل نقص حاد في الأدوية والمعدات.

وأكد المصدر أن السجناء المصابين بأمراض خطيرة كثيراً ما يفقدون حياتهم قبل وصول الطبيب، وإن وصل، فهو غير قادر على تقديم العلاج المطلوب. أما الأدوية، فلا تُصرف إلا على نفقة السجين، وإذا تطلبت الحالة دخول المستشفى، يُشترط دفع التكاليف أولاً.

الإهمال يحصد الأرواح
بحسب المصدر نفسه، فإن تأخر سيارات الإسعاف، التي يعود بعضها إلى أكثر من خمسين عاماً، يتسبب في العديد من الوفيات. وقد سُجلت وفاة 21 سجينًا خلال عام 2024 فقط نتيجة الإهمال الطبي، ينتمون إلى جنسيات مختلفة.

وأضاف أن البيئة داخل السجن تسهم في تفشي الأمراض، مع مياه ملوثة وهواء راكد ونظام نظافة يعتمد على جهود السجناء أنفسهم، مقابل أجر شهري يُفرض عليهم. كما ساهم الازدحام الشديد وسوء الصرف الصحي في انتشار أمراض جلدية ومزمنة، مثل الإكزيما، والفطريات، والبواسير، والسكري، والضغط، وأمراض القلب، من دون توفر العلاج.

انهيار المنظومة السجنية في لبنان
أكد تقرير حديث لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن أوضاع السجون في لبنان تشهد انهيارًا كبيرًا في ظل الأزمة الاقتصادية، حيث بات الاكتظاظ هو القاعدة، والرعاية الصحية في أدنى مستوياتها. وكشف التقرير أن سجن رومية المصمم لـ1200 سجين يضم حالياً أكثر من 4000 نزيل، في حين أن نحو 80% من سجناء لبنان محتجزون دون محاكمة.

وفي ظل هذا الواقع الكارثي، تبقى حياة معتقلي الثورة السورية داخل سجن رومية في مهب الإهمال، دون أي ضغط فعّال من جهات رسمية أو منظمات حقوقية لتحسين أوضاعهم أو المطالبة بإطلاق سراحهم. استمرار هذا الصمت، وفق مراقبين، لا يعكس فقط تجاهلاً لحقوق الإنسان، بل يرقى إلى شراكة ضمنية في معاناة مئات الأبرياء خلف القضبان.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(37)    هل أعجبتك المقالة (30)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي