تكشف وثائق ومعلومات عن تورط ممنهج لمسؤولين سوريين على مختلف المستويات، بما في ذلك وزراء ومحافظون وضباط أمن، في عمليات إخفاء أطفال معتقلين لدى النظام السوري البائد، وذلك عبر نقلهم من السجون ومقار الاحتجاز إلى دور الأيتام مع أوامر صارمة بالتعتيم على هوياتهم الحقيقية وقطع صلتهم بذويهم.
تظهر هذه الممارسات، التي امتدت على مدار سنوات حكم بشار الأسد، تنسيقاً وثيقاً بين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ووزارة الداخلية، والأجهزة الأمنية المختلفة، ومحافظي ريف دمشق ودمشق، بالإضافة إلى إدارات دور رعاية أطفال ومنظمات مجتمع مدني.

وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل: رأس حربة في إخفاء الأطفال
برز دور وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بشكل محوري في هذه الانتهاكات. وأشارت الوثائق إلى أن جميع الوزراء المتعاقبين شددوا في كتبهم الموجهة إلى دور الأيتام على "عدم الإفصاح عن هوية الأطفال مطلقًا تحت أي ظرف ولأي طرف".
1- ريما محمد رشدي قادري (وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، 2020): ساهمت بشكل مباشر في إدخال 16 طفلاً على الأقل إلى الملاجئ وترك أهاليهم في المعتقلات خلال عام واحد. دعم قراراتها مكتب المعاون ياسر عبد الأحمد ومديرية الخدمات الاجتماعية ودائرة المرأة والطفل.
2- الدكتورة سلوى عبد الله (وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، 2020-2021): ساهمت في إرسال 9 أطفال على الأقل إلى ملاجئ الأيتام خلال عام ونصف. بمعاونة مدير المكتب وائل البدين ودائرة الأسرة والطفولة. نسقت الوزيرة بشكل مباشر مع الهيئة السورية لشؤون الأسرة ومنظمة "اس او اس". كما ساهمت في إخفاء طفلة فرنسية عام 2020، ووقعت كتابًا بالموافقة على إعادة تسليم طفلة إلى شعبة المخابرات كانت مودعة في جمعية الأنصار الخيرية في دمشق.
3- ياسر عبد الأحمد (معاون وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، 2021): وقع على أوراق لنقل مجموعة من الأطفال من المخابرات الجوية إلى دور الأيتام وترك أهاليهم في السجون.
4- محمد سيف الدين (وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، 2023): وقع على أوراق بنفس الخصوص عام 2024 حول نقل أطفال من زنازين المخابرات إلى أحد دور الأيتام، لا يقل عددهم عن 11 طفلاً.
5- المهندسة سمر السباعي (وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، 2024): ساهمت بحسب الوثائق في عملية نقل الأطفال إلى بيوت الرعاية، عدد الأطفال 5.
6- لؤي المنجد (وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، 2024): وقع على تحويل ثلاثة أطفال على الأقل.
7- فاطمة رشيد (مديرة الشؤون الاجتماعية والعمل في ريف دمشق، 2018): ساهمت في نفس الأمر عام 2018. عدد الأطفال 7.
8- ميساء الميداني (مديرة الخدمات الاجتماعية): ساهمت بتسلم عدة أطفال إلى دور أيتام مع علمها أن ذويهم في المعتقلات ودون إعلام أي أحد من الأهل المتبقين.
9- "مديرة السياسات الاجتماعية" (الاسم غير مذكور في الوثيقة، 2023): نسقت مع رئيس شعبة الأمن السياسي عام 2023 لإخفاء مجموعة من الأطفال.
10- دالين فهد: دعمت وساهمت أيضا من خلال موقعها في مديرية الشؤون الاجتماعية.

محافظو دمشق وريف دمشق: شركاء في الجريمة
لعب محافظو ريف دمشق ودمشق دوراً رئيسياً في تسهيل نقل الأطفال وإخفائهم بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية:
1- بشر صبان (محافظ دمشق، 2018): ساهم في تحويلات شبيهة عام 2018 بالتنسيق مع المخابرات الجوية. عدد الأطفال 11.
2- المهندس علاء منير إبراهيم (محافظ ريف دمشق، 2018-2019 و 2020): ساهم في إخفاء أطفال عامي 2018-2019، ومرة أخرى عام 2020 بالتنسيق مع فرع التحقيق. عدد الأطفال 18.
3- صفوان سليمان أبو سعدة (محافظ ريف دمشق، 2024): ساهم في ذلك. عدد الأطفال 4.
4- المهندس معتز أبو النصر جمران (محافظ ريف دمشق، 2022): ساهم أيضاً. عدد الأطفال 5.
5- أحمد إبراهيم خليل (محافظ ريف دمشق، 2024): ساهم بالتعاون مع نائب رئيس المكتب التنفيذي جاسم محمد الحمود والمخابرات الجوية (فرع التحقيق) في تحويل أطفال المعتقلين إلى دور الأيتام. في كتاب واحد فقط تم تحويل 8 أطفال دفعة واحدة إلى دار أيتام لم يذكر اسمها في الوثيقة.
الأجهزة الأمنية: أدوات التنفيذ
شاركت مختلف الأجهزة الأمنية بفعالية في هذه العمليات، من الاعتقال إلى تسليم الأطفال، وحتى الضغط على دور الرعاية:
1- العقيد هشام نديم شحم (رئيس فرع سجن النساء بريف دمشق، 2022): وقع على عدة كتب عام 2022 مرسلة من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حول نقل أطفال من السجن إلى مراكز الأيتام.
2- اللواء نزار محمد حسن (قائد شرطة محافظة ريف دمشق، 2022): وقع على عدة كتب أيضاً عام 2022 فيما يخص تحويل أطفال من فرع سجن النساء بريف دمشق إلى مراكز الأيتام. عبر الوزارة.
3- اللواء علي مملوك: وقع على عدة قرارات متعلقة بأطفال غير سوريين تم نقلهم إلى مراكز الأيتام في دمشق وريف دمشق.
4- شعبة المخابرات (الفرع 227): نسقت مع دائرة الأسرة والطفل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل للإشراف وتنفيذ أوامر الوزير فيما يخص توزيع الأطفال على دور الأيتام. وقع على الأوراق رئيس الشعبة و العميد المكلف (لم يذكر الاسم في الوثائق).
5- المخابرات الجوية (فرع التحقيق): تورطت في نقل الأطفال بالتنسيق مع المحافظين (بشر صبان 2018، أحمد إبراهيم خليل 2024، علاء منير إبراهيم 2020) ومعاون وزير الشؤون الاجتماعية (ياسر عبد الأحمد 2021).
6- وزارة الداخلية (شعبة الأمن السياسي، 2023): أرسلت أطفالاً إلى دور الأيتام بشكل متكرر عام 2023، ونسقت مع "مديرة السياسات الاجتماعية" في نفس العام لإخفاء مجموعة أطفال.
رئيس النيابة العامة لدى محكمة قضايا الإرهاب (الاسم غير مذكور في الوثيقة، 2020): ساهم في إخفاء الأطفال عام 2020.

دور الأيتام ومنظمات: بين التواطؤ والإكراه
تورطت بعض دور الأيتام والمنظمات، سواء بشكل مباشر أو تحت الضغط، في استقبال هؤلاء الأطفال وإخفاء هوياتهم:
1- قرى الأطفال SOS (سمر دعبول، رئيسة الجمعية، ابتداءً من 2018): تلقت وأرسلت كتبًا إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وتواصلت مع المخابرات الجوية وشعبة المخابرات في موضوع إخفاء أطفال المعتقلين، وذلك في عدة كتب بدأت من عام 2018.
2- معهد التربية الاجتماعية للفتيات (منى السعود، مديرة، 2021): ساهمت في ترتيب زيارة ثلاث أخوات إلى فرع التحقيق في دمشق عام 2021.
3- مجمع لحن الحياة لرعاية الطفولة (لمى صواف وندى الغبرة، 2021): كان يوجد به مجموعة من الأطفال الروس، وتؤكد الوثائق على حركة نشطة لنقل أطفال سوريين عام 2021، كتاب رسمي وقعته هنادي الخيمي يثبت تغيير اسم أحد الأطفال!
4- دار الرحمة للأيتام: ساهمت في ذلك.
5- جمعية الأنصار الخيرية في دمشق (2020): كانت طفلة مودعة لديها قبل أن تأمر الوزيرة سلوى عبد الله بإعادتها إلى شعبة المخابرات، بالإضافة لعدد من الأطفال.
6- جمعية المبرة النسائية: ساهمت أيضا.
تُظهر هذه الشبكة المعقدة من المسؤولين والمؤسسات المتورطة مدى تجذر هذه الممارسة اللاإنسانية في بنية النظام السوري، والتي تنتهك أبسط حقوق الطفل وحقوق الإنسان، وتُمعن في تعذيب المعتقلين وعائلاتهم عبر استهداف أطفالهم.
الوثائق تغطي جزئيًا الفترة من عام 2018 إلى 2024 فقط. ما تزال الفترة من 2011 وحتى 2017 مجهولة تمامًا... العدد الكلي للأطفال 172 طفلا، بعضهم رضع..
التقرير لا يغطي أكثر من 10٪ من الجريمة...
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية