"تثبيتنا مطلب حق".. بهذه الكلمات يختصر معلمو المخيمات في شمال حلب، الذين أفنوا سنوات في تعليم الأجيال النازحة وسط ظروف قاسية، شعورهم بالمرارة والتهميش.
يناشد هؤلاء المعلمون، الذين يحمل معظمهم شهادة البكالوريا وانقطعوا عن دراستهم الجامعية بسبب الحرب والتهجير، الجهات المسؤولة للنظر في أوضاعهم وتحقيق مطلبهم المشروع بتثبيتهم في وظائفهم، خاصة بعد أنباء عن تثبيت معلمين في مناطق أخرى دون استثناءات، على حد تعبيرهم.
يعيش معلمو المخيمات في شمال سوريا، وتحديداً في ريف حلب الشمالي، واقعاً صعباً يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم. فهؤلاء الذين اختاروا حمل رسالة التعليم في أحلك الظروف، يجدون أنفسهم اليوم على هامش الاهتمامات، رغم تضحياتهم الكبيرة. لسنوات، لا تقل عن ست بالنسبة للكثيرين منهم، عملوا في الخيام المتواضعة، متحدّين البرد القارس وحر الصيف، وسائرين بين الأوحال لإيصال نور العلم إلى أطفال حرمتهم الحرب من أبسط حقوقهم.
"ضحينا وعلمنا بأقسى الظروف بالخيم والبرد والطين، وراتب لا يكفي حق خبز، ورغم كل هذه الظروف ما يئسنا ولا تركنا أولادنا وإخوتنا"، بهذه الكلمات المؤثرة يلخص أحد المعلمين، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، معاناتهم المستمرة. ويضيف بمرارة أن تهميشهم يعود في جزء منه إلى كونهم يحملون شهادة البكالوريا، رغم أنهم طلاب جامعات في اختصاصات تعليمية، حالت ظروف النزوح والالتحاق بجبهات العمل الإنساني دون إكمال تعليمهم منذ عام 2012.
ويشير المعلمون إلى أن الأوضاع المادية الصعبة حالت دون التحاقهم بجامعات "المحرر"، التي تتطلب أقساطها مبالغ بالدولار الأمريكي، وهو ما يفوق قدرتهم في ظل رواتبهم الزهيدة والتزاماتهم العائلية كمعيلين لأسر نازحة.
تزداد حدة شعورهم بالغبن عند مقارنة أوضاعهم بما يرونه من إجراءات تتخذ في مناطق أخرى. يتحدث المعلمون عن "تثبيت الحكومة لمعلمي إدلب بدون استثناء"، مما يجعلهم يتساءلون عن سبب استثنائهم وتجاهل سنوات خدمتهم الطويلة وتضحياتهم في أصعب الظروف. ويطالبون بتطبيق معايير عادلة تضمن لهم الأمان الوظيفي الذي يستحقونه.
تؤكد التقارير الواردة من شمال سوريا على الظروف المعيشية والمهنية الصعبة التي يواجهها المعلمون بشكل عام، وفي المخيمات بشكل خاص. وتشمل هذه التحديات تدني الرواتب وعدم انتظامها، والعمل في بيئات غير ملائمة تفتقر لأبسط المقومات التعليمية، بالإضافة إلى نقص الدعم والموارد. وقد شهدت المنطقة في أوقات سابقة احتجاجات وإضرابات للمعلمين للمطالبة بتحسين أوضاعهم.
إن مطلب معلمي مخيمات شمال حلب بالتثبيت ليس مجرد سعي لتحسين أوضاعهم المادية، بل هو صرخة للمطالبة بالاعتراف بجهودهم وتضحياتهم، وتأكيد على حقهم في الأمان الوظيفي والاستقرار، ليتمكنوا من مواصلة رسالتهم السامية في تعليم جيل عانى ويلات الحرب والنزوح. ويبقى الوسم الذي أطلقوه #تثبيتنا_مطلب_حق شاهداً على عدالتهم قضيتهم وأملهم في أن تجد آذاناً صاغية.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية