أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مشاهدات في يوم حرية الصحافة..

أرشيف

لا يقبل من الصحافة أن تكون رمحاً، إنها البوصلة.

لايقبل من الصحافة أن تكون صدى أعمى، إنها الصوت المبصر لكل خلل أو تراخ أو انتهاك لقدسية القوانيين وحرمة المجتمع.  

لايقبل من الصحافة أن تكون مقصا يفصّل نسيج المجتمع على هواه، إنها الإبرة التي ترمم وتخيط ما تمزق من ذلك النسيج سترا للعورات. 

لا يقبل من الصحافة خطاب العنتريات، والتحدي، واستفزاز الرأي العام، واعتلاء صهوات النعامة والمشهر مع كل مولد إشاعة، إنها العقل الوازن الحليم، والبصيرة الثاقبة الممتدة إلى كل الجهات التي لايفطن لوجودها من أدمن التحديق في أرنبة أنفه.  

الصحافة ليست قاضيا يجرم الناس أو يبرئها، ولا جلادا يكيل السياط، وينزل القصاص.

إنها خادم أمين لجمع الأدلة.

ومعينا غيورا لنصرة الحقيقة وحلقة وصل  بين الحاكم والمحكوم، لتستوي الرؤية عند كليهما، وينجلي الغموض، وتظهر الحقيقة جلية ناصعة، فيتحقق العدل ويرضى الحاكم والمحكوم.

لا يقبل من الصحافة أن تكون زيتا يؤجج اشتعال النار عند استعار الحرائق الاجتماعية.

إنها الماء الذي يسارع لإخماد ألسنتها ودفن جمراتها تفاديا لاشتعال الحريق الكبير. 

 ليس صحافيا ذلك الذي ينظر لكاميرته ومايكه كبوابة لتحقيق الشهرة ومدخلا خصبا لجمع اللايكات، وحصد الترندات ومجالسة أصحاب الحظوة.
ليس صحافيا من يحول دموع الناس وفقرها وخوفها وبؤسها لمنبر يستعرض من فوقه نرجسيته وأناه المنتفخة، ورؤيته القاصرة، وشهوته الجامحة للتشفي والانتقام. 

الصحافي عين المجتمع المؤتمنة على رصد كل تفصيل بمهنية وموضوعية وصدق. 

إنها العين التي تموت متى  أبصرت نفسها، ومتى فعلت سقطت مشروعيتها بأن تكون عينا لرسالة الصحافة.

الصحافي ضمير كل الناس وصوتهم، وهذا ما لا يستوي مع مانراه من فظائع مهنية وغوغائية صبيانة تمارس بحق الصحافة من قبل صحيفيين أغرار.     

ليس صحافيا من يعتقد أن مهمة الصحافة المداهنة والمحاباة والتزلف والتدليس وتمجيد الإيجابيات، والتعتيم على السلبيات، واستغلال العقائد والانتماءات والولاءات من أجل التحشيد لتبني موقف والدفاع عنه أو العكس.   

وبالمقابل ليس صحافيا من يعتقد أن مهمة الصحافة النقد الفاجر لعمل أجهزة الدولة وتضخيم السلبيات، وتصيد الأخطاء في أدائها، والتحريض وتحقير التجارب، واستخدام الحقد والضغينة كمحرك للهدم والإحباط والتهويل عند نقل الخبر.

الصحافة مجهر الدولة الذي يعكس لها بكل نقاء وشفافية وأمانة ومسؤولية كل شاردة وواردة في آلية تطبيق ما فرضته من قوانين وأدبيات وظيفية على المجتمع، وتنبيهها إلى ما يكتنف تطبيق تلك القوانين من مصاعب وعثرات، فتعمل على تلافيها وحلها.

والصحافة أيضا هي صوت (المجتمع)  الذي يهمس في أذن الدولة (هذا وجعنا) هذا (حلمنا)  هذه (رؤيتنا ورأينا)، فتفطن إلى ما عليها فعله خدمة للمجتمع وتلبية لاحتياجاته. 

شتان بين تحرير الأرض وتحرير الخبر وإن تشابها لفظا، وشتان شتان بين الصحافي ومدعي الصحافة.

إن أعلى درجات الغيرية والحرص على سلامة الدولة والمجتمع موجودة في رسالة الصحافي الحق، وأجمل أشكال العدالة تلك التي تشع من قلمه وعينه.

ذلك القلم الذي هتك قدسية حبره ثلة من الدخلاء على هذه الرسالة السامية.

وتلك العين التي فقأها وذهب بنورها قطعان من ) المدعين خريجي غياهب السوشيال ميديا، ومنصات العالم الإفتراضي، ومعظمهم يتصدر اليوم شاشات الإعلام الرسمي، وتقدم لهم كافة التسهيلات والامتيازات وحصرية إجراء المقابلات والتغطيات الميدانية!!.    

أيها الصحيف الفريد، إنك لو تدرك هول طروحاتك وهرطقاتك الطائفية والإقصائية والاستفزازية وما تفعله بمجتمعنا السوري من ندوب وجراح، لما تطاولت على حصون السلطة الرابعة، وما تجرأت على اعتلاء منبرها، ولا تنطعت لانتحال دورها. 

ماذا أقول يا وطني وفي فمي ماء وملح؟؟ رب سيف قد قتل صاحبه.

نعم هكذا قالت العرب قديما فما بالنا بضريبة كلمة يطلقها جاهل يتلطى بلبوس صحيف عابر للشهرة والنجوم، ويا خوفنا أن تكون الضريبة كبيرة وكبيرة جدا..!

عبد الحفيظ الحولاني - زمان الوصل
(9)    هل أعجبتك المقالة (11)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي