أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عباءة الطائفة أم عباءة المصالح؟ الهجري ومأزق السويداء الوطني

حكمت الهجري - رويترز

أنا مع مصلحة الطائفة... 
هكذا اعتاد الشيخ حكمت الهجري أن يكرر في خطاباته، مبتعدًا عن المفهوم البنّاء للمواطنة، ومتذرعًا بشعارٍ أضحى عبئًا على الطائفة والوطن على حد سواء. والسؤال اليوم: هل وصلت حقًا إلى هذه المصلحة، أم أنك بصدد جرّ المزيد من المصائب تحت عباءتك؟

لطالما اعتاد البعض عبر العصور، حفاظًا على أنفسهم، أن يربطوا مصيرهم بمصير المجتمع الذي ينتمون إليه، متخفّين خلف شعارات زائفة، لا غاية لهم سوى النجاة الذاتية ولو على حساب الوطن. هذا تحديدًا حال حكمت الهجري، الذي بات اسمه نقيضًا للحكمة، ومواقفه تعكس تخبطًا واضحًا.

إن إخراج الشيخ الهجري من المشهد السياسي في السويداء أصبح ضرورة وطنية.

أهل السويداء أولى من يدرك ذلك، بعدما تحوّل إلى محور خلاف خطير، يقود المنطقة إلى مأزق لا خلاص منه. لا يزال يختبئ خلف عباءة الطائفة، كما فعل حافظ الأسد وابنه، رافضًا أي حلول منطقية، وعلى رأسها تسليم أمن المحافظة لأبنائها المتطوعين، موجهًا اتهامات خطيرة لا يمكن تجاهلها، وبات معها التعامل معه كطرف وطني أمرًا غير منطقي.

يعلم كل عاقل أن الهجري يدرك تمامًا حجم خطيئته. لقد نجح بخداعنا حين رفعنا صورته إلى جانب صورة الشيخ الجليل أحمد الصياصنة، والد الشهداء، بينما واقع أولاده – وهم من يديرونه اليوم – لا يخفى على أحد، فهم أبناء فروع الأمن، يقامرون بأرواح الناس من داخل مظافته.

لقد ارتدى الهجري عباءة الغرور والتفرّد، وانتهى به الأمر إلى أن يكون منبوذًا من غالبية السوريين، بل ومن كثير من أبناء طائفته. وجعل من السويداء – التي كانت ملاذًا للأحرار والمناضلين – ساحة صراع وفتنة وطنية.

ما حدث من استهداف بالأمس يثبت أن هناك من يسعى لتوسيع الشرخ وتعميق الفتنة، لا حبًا بالهجري ولا كرهًا بغيره، بل عبثًا بمصير وطنٍ ضعيف، منهك، ممزق. والدليل أن عدد الضحايا – ولله الحمد – كان قليلًا، ما يرجّح أن الهدف لم يكن عسكريًا بل تحريضيًا. أمّا الحديث عن طائرة مروحية هبطت في السويداء، فليس سوى محاولة لترسيخ فكرة الخيانة وتأجيج الانقسام.

الهجري، بتناقضاته جميعًا، رهين لمصالحه.

فنقول له: يا من ناديناك "شيخًا" وقد تكون الكلمة أكبر منك، آن لك أن تفكّر بعقلك لا بمصلحتك.

إن كنت تسعى لتمثيل ديني منفرد وتقصي أهل الفكر، فلا تحدثنا عن العلمانية، وأنت تمارس دكتاتورية التفرّد وتحلم بالتمثيل الأوحد للدروز، وتتهجّم على مناضلين أمثال كمال جنبلاط، الوطني بتاريخ لا يُشترى.

لا تنطق بكلمة "علمانية" إن كنت تقصد بها سيفًا على الآخرين، واستثناءً لنفسك.

إنك بذلك تهدم مدنية الدولة وتمزّق النسيج الوطني.

الوعي اليوم ضرورة، وذروته أن نفهم مرامي هذه التحركات العسكرية، ونقف موحدين لإفشالها. فالحقيقة أن الكرة لم تعد في ملعبنا وحدنا، ولا في ملعب الهجري المتورط بعلاقات قديمة مع النظام الأسدي.

الكرة الآن في ملعب أحرار السويداء، أولئك المستهدفين الأوائل في مشهد يُراد له أن يعزلهم في جزيرة هشّة بلا مقومات بقاء.

أما ما يُسمى بـ"المجلس العسكري في السويداء"، الذي يضم بين أعضائه شبيحة النظام، فيجب حله فورًا، وعلى الدولة أن تضطلع بمسؤولياتها.

فكما جُرّدت درعا من سلاحها، لا نقبل أن نُترك تحت رحمة فصائل مرتبطة بجرائم النظام.

كل رصاصة في سلاحهم نراها تهديدًا لنا. خاصة بعد ما شهدناه من محاولات تهريب ومواقف وطنية مخزية.

نطالب بتحقيق شفاف يعيد الحقوق لأصحابها، ويُنصف المظلومين تحت مظلة المواطنة، لا تحت سطوة الجهلاء.

نحتاج لمراجعة شاملة تتناول المرحلة الانتقالية كلها، تحت سقف الوطن فقط، لا تحت راية المصالح الشخصية أو تهديد السلاح.

وإن كنّا مؤمنين بالدولة المدنية والوطن الواحد، فإننا نحذّر: لا تجعلونا نُدرك متأخرين أنكم تستهدفون هذه الأكثرية الصامتة عبر شعارات زائفة واستقواء بالخارج.

المهندس محمد رافع أبو حوى - زمان الوصل
(81)    هل أعجبتك المقالة (10)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي