من المعروف لنا جميعاً أن الأستاذ محمود أبو الفتح صاحب جريدة المصرى التى كانت تصدر فى القاهرة فى سنوات الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن الماضى كان هو أول من دعا لإنشاء نقابة للصحفيين المصريين وحدث ذلك فى العام 1941م حيث تم وضع اللبنات الأولى لمثل هذا الصرح العظيم مواكباً لميلاد نقابة المحامين فى نفس العام ..
ولكن أستاذ الجيل أحمد لطفى السيد يؤكد فى كتابه " قصة حياتى " وهو كتاب يحكى سيرته الذاتية أن أول نقابة للصحافة المصرية انشئت فى مصر كانت فى العام 1912م بعد أن تم دعوة حملة القلم الصحفى فى القطر المصرى بأسره فأسرعوا لتلبية النداء النداء على الفور رغم اختلاف مشاربهم وفئاتهم ..
وتم انعقاد الجمعية العمومية التى أسفرت عن انتخاب مسيو " راؤول كانيفيه " نقيباً واختيار كل من أحمد لطفى السيد ود. فارس نمر صاحب جريدة المقطم لمنصب الوكيلين ، وكان من ضمن الأعضاء جبرائيل تقلا صاحب الأهرام ومسيو فيزييه صاحب جورنال لوكير ( القاهرة) الذى عين سكرتيراً لها ، إلا أن هذه النقابة الوليدة لم تعمر طويلاً بسبب نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914م التى أجهضت فكرتها وهى لم تزل فى المهد .
وراؤول كانيفيه هو مواطن فرنسى عمل فى بكريات حياته بمهنة الطب ثم جرفته حرفة السياسة فتوغل فى شعابها وخاض غمارها واتصل ببعض الشخصيات الفرنسية التى أضحت فى يدها فيما بعد مقاليد الأمور فى فرنسا ومنهم كلينمصو الذى ظهر كان من أبرع الساسة هناك وتولى رئاسة البلاد استعان كلينصو ذلك الساسى المحنك بـ " راؤول كانيفيه " واصبح سكرتيراً له ..
وفى العام 1894م قصد كانيفيه مصر واستقر فى مدينة الأسكندرية ومن هناك أصدر فى العام التالى جريدته لاريفورم " اى الإصلاح" واستمرت فى الصدور وفى العام 1945م وبعد وفاة صاحبها بسنوات أصدرت عدداً تذكارياً بمناسبة احتفالها باليوبيل الذهبى حملت صفحاته الـ 400 مقتطفات من الموضوعات والمقالات التى نشرتها الجريدة طوال سنوات صدورها وكانت لاريفورم من الأهمية بمكان تهتم بكافة المجالات السياسية والإجتماعية والإقتصادية كما تهتم بفنون الأدب والمسرح والأوبرا .
وكانت مقالاتها تتسم بالتفرد إلى جانب نشرها الصور المصاحبة والتى تعبر عن الموضوع .
ومن خلال موادها الصحفية تعرف الجمهور عامة من المصريين والأجانب على شخصية صاحبها راؤول كانيفيه ، وصارت الألفة بين الجمهور وبينه وكانوا يجتمعون بمكتبه فى الجريدة وفى هذه الإجتماعات طرحت الأفكار والرؤى من أجل الحلم بإنشاء الجامعة الأهلية وإنشاء معهد موسيقى للكونسرفتوار تشعبت فروعه لتصل إلى دمنهور وطنطا ومشروعات أخرى مثل إنشاء جمعية لمقاومة انتشار مرض السل وغيرها .
وحمل كانيفيه لواء الدعوة من أجل جمع المزيد من التبرعات للأعمال الخيرية ، ولعل من الطريف أن نذكر أن جريدة لاريفورم نشرت صورة لرجل يرتقى ظهر حمار ووضع على رأسه قبعة لتقية وهج الشمس وقد خرج بعيداً عن العمران السكندرى ليتوقف بحماره فى منطقة بعيدة لينشئ حياً لا يزال يحمل اسمه ، هذا الرجل هو الخواجة اليونانى باكوس الذى يقع الحى الذى يحمل اسمه فى قلب مدينة الأسكندرية الجميلة .
وكان المسيو كانيفيه مثالاً حياً لكل مايدور الحوار حوله هذه الأيام من حوار الحضارات وتلاقى الشعوب .
ومما هو جدير بالذكر أن راؤول كانيفيه كان صاحب يد طولى من أجل انشاء أول جمعية للإسعاف فى القطر المصرى حيث شارك هو ونفر من الأجانب المقيمين بالثغر وقتئذ قى تكوين اتحاد هدفه اسعاف المرضى والمصابين من جراء الإصابة بمرض الكوليرا الذى داهم مدينة الأسكندرية للمرة الثانية فى العام 1902م .
وكان هذا الإتحاد نواة لجمعية الإسعاف المختلطة التى أنشئت فى الأول من شهر أغسطس من ذلك العام وكان مقرها مجموعة من الدكاكين بشارع الكنيسة الأمريكية وحملت اسم الجمعية الدولية للإسعافات الأولية العاجلة ، وكان هو من ضمن أعضاء على رأسهم د. لانيس ، بيترو فازاى ، د. كامرينى وقامت بعمل دعاية كبيرة للإعلان عن نشاط هذه الجمعية وأهدافها وكانت تقدم خدماتها فى أل الأمر للأجانب ولكنها سرعان ماقامت بدورها الإنسانى بين جميع السكان دون تفرقة ودخل مجلس إدارتها وترأسها أيضاً بعضاً من المصريين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بورسعيد
مصر
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية