أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السحر يدخل إلى حلبة الانتخابات الأردنية!

قد لا تستغرب أن تقرأ عن الاستعانة بمشعوذ أو حجّابه لقراءة مستقبل فتاة تجاوزت الثلاثين وتخشى الانضمام إلى طوابير العنوسة، ويمكن أن تسمع ان احد رجال الأعمال المتعاملين بالبورصة استعان بالبصارين لمعرفة مستقبل أسعار الأسهم لشركة ما. لكن أن نسمع ونرى ان هناك حجابين وبصارين بدأوا يرسمون ويؤثرون على المشهد السياسي وخطط المرشحين، فهذا غير طبيعي وغريب عن شارعنا الأردني .
السطور السابقة ليست ضربا من الخيال بل حقيقة واقعة، بدأنا نراها، فأحد النواب المخضرمين السابقين والذين لم يحالفهم الحظ في دورة المجلس الخامس عشر بدأ بالاستعانة بشخصين يتعاملان بالحُجُب والتبصير والسحر، استقدمهما من المغرب لغاية ضمان المقعد النيابي في الدورة القادمة!!! بالطبع لم نستطع الحديث مع المرشح نفسه. ولذلك توجهنا إلى إبنه الذي وافق على الحديث معنا شريطة أن لا نذكر اسمه. يقول إبن المرشح صحيح والدي استقدم شخصين من الحجابين المغاربة لمساعدته في خوض الانتخابات النيابية القادمة، وهذا ليس عيبا، فالأمور (مخربطة) وبحاجة الى ترتيب لمعرفة الأرضية التي نقف عليها، فهناك مرشحون يسمون أنفسهم بالحكوميين وهم أقوياء، ولا نريد ان نخسر كما حدث في السابق.
وردا على سؤالنا عن كيفية عمل هولاء السحرة يقول إبن المرشح: إن هذين الشخصين تم تأمين إقامتهم في أحد المنازل في المدينة، وتم تزويدهم بطلبات معينة كأسماء مفاتيح العشائر في دائرتنا الانتخابية وعدد الأفراد الذين يحق لهم الترشيح، ومن هم المرشحون المنافسون وبعض المعلومات الأولية عن طبيعة العلاقات بين الناس داخل الدائرة. وكلما أراد والدي الذهاب إلى إحدى العشائر ليطلب منهم مؤازرته يأخذ المشورة من هولاء بداية، هل يذهب أم لا؟ وإن كانت الإجابة بنعم فيكون السؤال مع من أتكلم وكيف؟ وهذه الطريقة نجحت حتى الآن فقد نجح والدي في تطويع معظم مفاتيح العشائر الصعبة والتي كانت في السابق ضد والدي.
ويسترسل الابن في كلامه ويقول: إن هذين الشخصين اللذين يتنقلان مع والدي في سيارة خاصة و برفقة مرافقين اثنين قادران (بقدرة الله) (على حد تعبيره) على عمل أي شيء لوالدي، والأيام القليلة القادمة ستثبت لكم ذلك. ثم ختم كلامه بأن قال والدي سينجح في الانتخابات القادمة وسيكون الفائز الاول في دائرته!
مشعوذ محلي
هذه الحالة لم تكن الوحيدة، فبعد السؤال والبحث عن حالات أخرى توصلنا الى نائب سابق ومرشح حالي يستعين بأحد الشيوخ المتعاملين (بالحجب وضرب الودع والتمائم) لكنه في هذه الحالة حجاب محلي غير مستورد.
الغريب في هذه الحالة أن المرشح طبيب وموظف سابق لدى الدولة، ورغم ذلك فقد أقدم على الاستعانة بجهود أحد(الشيوخ) لتبصيره حول إمكانية النجاح في الانتخابات القادمة، خاصة بعد تعرضه لمشاكل داخل عشيرته لا سيما وأنه لم يكن يحظى بإجماع أبناء العشيرة!!
مرافق المرشح وسائقه الذي وافق على الحديث بحكم العلاقة الطيبة التي تجمعه بمندوب (اللواء) اشترط عدم الإفصاح عن اسمه والإشارة إليه بالحروف الأولى.
''ع.ش'' قال: إن المرشح موضع الحديث، وبعد المشاكل التي واجهته من العشيرة قرر أن يستعين بأحد الحجابين من منطقة مشهورة باستخدام التبصير والحُجب من أجل قضاء حاجته وهي الفوز بإجماع العشيرة أولا ليكون بابا لدخول الانتخابات والدخول إلى مجلس النواب من جديد.
وفعلا (يقول ''ع.ش''): بعد أن ذهب إلى الشيخ لمرتين على مدار الأسبوع طوال أسابيع طلب من العشيرة الاجتماع في مضافته في البلدة ودعاهم إلى الغداء وبعد الانتهاء من الطعام قام وتحدث قليلا مع أبناء العشيرة فإذا بالهتافات تعلو بأنه المرشح الوحيد للعشيرة! وقام الجميع وصفقوا له وبايعوه على المؤزارة في الانتخابات القادمة وهذه كانت البداية!
وبعد ذلك بدأ يحشد المؤزارة من العشائر الاخرى بمساعدة وصفات ذلك الشيخ المبارك (على حد وصف المتحدث) وفعلا نجح وفي وقت قياسي بجمع أصوات العشائر الأخرى في المنطقة وأظنه سيتمكن من النجاح في الانتخابات النيابية القادمة.
تصرف غير قانوني
المحافظ في وزارة الداخلية نسيم الخصاونة قال لـ (اللواء): إنه لا يوجد إحصائية لدى الوزارة حول مثل هذه الظواهر، لكنه أكد أن هذا التصرف غير قانوني ومعاقب عليه في قانون العقوبات داعيا المواطنين إلى التبليغ حال معرفة أي معلومة تتعلق بهذه القضية.
ولاستكمال الموضوع كان يجب أن نأخذ الرأي القانوني فيه، فهل هناك مساءلة قانونية للمستعينين بهولاء الحجّابين؟
القانوني والمفوض في المركز الوطني لحقوق الإنسان، المحامي علي الدباس قال: إنه وحسب القوانين المعمول بها في الأردن لا يوجد أي مساءلة قانونية للمتعاملين مع الحجّابين لا في قانون العقوبات ولا قانون الانتخاب، لكن العقوبة هنا تكون للحجّابين أنفسهم حسب قانون العقوبات في حالة وجود شكوى بذلك ضدهم.
غياب الوعي
ومن ناحية اجتماعية قال الاستاذ الدكتور رئيس قسم علم الاجتماع في الجامعة الاردنية مجد الدين خمش: إن الانسان الذي يقدم على شيء جديد، بطبيعته يحاول ان يستشرف المستقبل وهولاء غالبا ما يلجأون إلى أعمال فتح الفنجان أو التبصير أو ما شابه ذلك من أعمال المشعوذين فمن يفعل ذلك هو شخص عنده هدف مستقبلي يريد ان يحققه بأي ثمن، لكن الأجدى بهؤلاء ان يلجأوا الى الاساليب العلمية من المسوحات المجتمعية وعملية استطلاع الرأي التي تقدم لهم المعلومات المناسبة ليحظوا بفرص النجاح.
وبين خمش أن ضعف الوعي العلمي عند هؤلاء وغياب البرامج الانتخابيه المناسبة الموضوعة وفق أسس علمية هي التي تجبرهم على الذهاب الى المشعوذين والبصّارين، وهذه الأساليب في الغالب لا تقود إلى شيء بل يكون عملها (تخديري) فقط.
وتشير إحصائيات غير رسمية منشورة بأنه يوجد مشعوذ لكل 5000 مواطن في العالم العربي، وأن العرب يصرفون ما يقارب اربعمائة وخمسين مليون دولار على الدجل والشعوذة سنوياً!!!
السؤال الذي يبقى برسم الإجابة.. إن نجح هؤلاء المرشحون فعلاً هل سيحضرون جلسات المجلس بصحبة مشعوذيهم ليعينوهم على مناقشة بنود قانون الموازنة العامة مثلا؟؟؟

اللواء
(102)    هل أعجبتك المقالة (119)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي