أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

شركة توظيف يديرها تاجر مخدرات تحتال على مئات العمال السوريين وتبتزهم في ليبيا

محمود الدج

قال موقع "السويداء 24" إن مئات السوريين تعرضوا لعملية احتيال متقنة ومنظمة، عن طريق شركة سورية متخصصة بنقل الكوادر والعمال إلى ليبيا، يديرها رجل أعمال سوري محكوم بالإعدام في ليبيا بتهمة الإتجار بالمخدرات.

وكشف الموقع عن مشاهد فيديو لتظاهرة نظّمها عشرات العمال السوريين داخل شركة إعمار ليبية في منطقة برقة بالقرب من بنغازي، للمطالبة بمستحقاتهم الشهرية، وتحسين ظروف العمل.

ومن خلال متابعة قضيتهم توصّل المصدر إلى سلسلة من الأدلة التي تشير إلى انتهاكات خطيرة يتعرض لها العمال السوريون في ليبيا، الذين يقدر عددهم بحوالي الألفي عامل، سافروا إلى ليبيا على دفعات منذ شهر نيسان الفائت، ويواجهون ظروفاً مأساوية هناك.

*تاجر مخدرات
وكان الملفت في عقد التوظيف الذي حصلت "السويداء 24" على نسخة منه، ظهور اسم رجل الأعمال محمود عبد الإله الدج بصفته رئيساً لمجلس إدارة شركة "الأيادي الذهبية".

وظهر محمود الدج لأول مرة علناً في أغسطس/آب 2013. ونشر تلفزيون النظام تسجيلاً مصوراً له. مقابلة معه بعد القبض عليه بتهمة تحويل أموال إلى الخارج دون ترخيص وتمويل الإرهاب من خلال "شركة" الطير، ولم يتم الكشف عن أي معلومات حول الوقت الذي قضاه الدج في الاحتجاز، أو ما إذا كان قد تم القبض عليه على الإطلاق، أو ما إذا كان قد حوكم على الجريمة في المقام الأول. واختفى الدج عن الأنظار حتى عام 2018.

وبحسب تحقيق سابق لمرصد الشبكات السياسية والاقتصادية، فإن الدج الذي يحمل الجنسيتين السورية والليبية صدر بحقه حكم بالإعدام من السلطات الليبية في عام 2019، بسبب قيامه بتهريب شحنة مخدرات من سوريا إلى ليبيا.

وفي 21 يوليو/تموز 2019، أصدرت محكمة استئناف بنغازي حكمًا يتهم الداج ومساعديه بالتورط في شحنة نوكا، بالإضافة إلى ثلاث شحنات أخرى تم ضبطها في ليبيا: واحدة في ميناء الخمس بالقرب من طرابلس في غرب ليبيا، وواحدة في بنغازي، وأخرى في طبرق في شرق ليبيا.

وحكمت محكمة بنغازي على الداج غيابيًا بالإعدام رميًا بالرصاص. وفي حال القبض على الداج مرة أخرى على الأراضي الليبية، فسيتم تنفيذ هذا الحكم.

وفي العام الجاري، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على محمود الدج وشركتي الطير للنقل والطير الحر للسياحة والسفر، وقالت إنه كان مسؤولاً عن قيادة عمليات تهريب الكبتاغو.ن بما في ذلك شحنة ضبطتها السلطات اليونانية، وثلاث شحنات أخرى ضبطتها السلطات الليبية. كذلك فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على المذكور.

*شركة مفترضة
وكانت قد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مطلع شهر أبريل الفائت إعلانات صادرة عن شركة تحمل اسم "الأيادي الذهبية للعمالة والتوظيف". تعرّف الشركة نفسها عبر الفيس بوك، أنها "أول شركة سورية متخصصة بنقل الكوادر والعمال وتأمين فرص العمل من سوريا الى دولة ليبيا من مهندسين وعمال بناء وغيرها".

وتدعي الشركة أن عملها يجري ضمن "عقود نظامية ومصدقة رسمياً لدى السفارة الليبية، بالإضافة إلى أن جميع عقودها مدفوعة التكاليف من تذاكر طيران الى تأمين السكن والتأمين الصحي والرواتب الممتازة".

ولدى هذه الشركة المفترضة سماسرة ينشرون إعلانات التوظيف والسفر عبر الواتساب والفيس بوك، ويعلنون عن رواتب مغرية مقابل العمل في شركات إعمار ليبية، تصل إلى 600 دولار شهرياً، ومغريات أخرى.

*تخفيض الرواتب
وتابع المصدر أنه وفقاً للعقود الموقعة في سوريا، كان من المفترض أن يتقاضى العمال راتباً قدره 600 دولاراً شهرياً من شركة برقة الليبية، مع توفير سكن لائق وثلاث وجبات يومياً، وذلك لعقد يمتد لمدة عام. وتم الاتفاق على فترة اختبار لمدة ثلاثة أشهر، بعدها يعود العامل إلى بلده على نفقة الشركة في حال عدم استمراره.

لكن، وبحسب شهادات العمال، كانت الحقيقة بعيدة كل البعد عن هذه الوعود. فقد تم تخفيض الراتب إلى 400 دولار فقط. أما ظروف السكن فكانت سيئة للغاية، بحيث لا تصلح حتى للحيوانات، بحسب وصف أحد العمال. الطعام المقدم كان غير كافٍ وسيئ الجودة، حيث اشتكى العمال من وجود ديدان في الطعام أحياناً ومن فساد وجبات أخرى، مع تقييد حركة الدخول والخروج.

*معاملة قاسية للعمال
ولم تقتصر المعاناة على الظروف المعيشية فقط، بل تجاوزتها إلى معاملة قاسية من قبل السلطات المحلية بعد تنظيم المظاهرات. حيث أفاد العمال بتعرضهم لاقتحام من قبل الشرطة الليبية وأفراد أمن خلال الليل إلى أماكن سكنهم.

وخلال اقتحام الشرطة وقوى الأمن الليبية للمشروع، تعرض هؤلاء العمال للسب والشتم وحتى الضرب بالعصي. ومن حاول الاعتراض، تم سحبه إلى السجن وتعرض للمزيد من الاعتداءات، والبعض أصيب بجروح وكسور نتيجة هذه الاعتداءات، وفق ما تؤكد الشهادات.

وتضمنت العقود الموقعة بين العمال والشركة حصول العامل على 600 دولار شهرياً أثناء عمله لدى شركة برقة للعقارات والاستثمار، مع توفير سكن لائق وثلاث وجبات يومياً، مقابل عقد يمتد لمدة عام كامل قابل للتجديد، مع الاتفاق على فترة تجريبية لمدة ثلاثة أشهر، يعود بعدها العامل إلى بلاده على نفقة الشركة إذا لم يستمر في العمل.

وبحسب شهادات ثلاثة عمال نقلتها السويداء 24، فقد دفعوا مبلغ 100 دولار للوسيط، و100 دولار ثانية لمكتب الأيادي الذهبية، إضافة إلى 150 ألف ليرة سورية. ووقع العمال على عقود اتفاق بتوفير فرص عمل بالخارج، تلتزم فيها الشركة بتوفير عقد عمل حسب اختصاص العامل في مجال البناء، وبنقل العمال من دمشق إلى بنغازي حتى يستلموا العمل لدى شركة برقة.

ووفقاً لشهادات العمال فإن "الحقيقة بعيدة كل البعد عن الوعود"، حيث تم تخفيض الراتب إلى 400 دولار فقط، فيما كانت ظروف السكن سيئة للغاية، والطعام المخصص للعمال غير كاف وذو نوعية رديئة. وشكا العمال من وجود ديدان في الطعام أحياناً، وفساد بعض الوجبات، إضافة إلى تقييد حركتهم داخل وخارج أماكن العمل.

*غرامة 40 مليون ليرة سورية
وأشار التحقيق إلى أن إحدى أكبر المشاكل التي يواجهها العمال السوريون هي عدم دفع الرواتب لنحو 55 يوماً، حيث تتهرب الشركة من مسؤولياتها، مبرراً ذلك بأن مكتب التشغيل في سوريا "خدعهم، ولا يعترف بهم".

ولفت إلى أن العمال يواجهون خطر دفع غرامة تصل إلى 40 مليون ليرة سورية في حال لم يتلزم العمال بشروط العقد المبرم بينهم وبين شركة الأيادي الذهبية، وفسخ العقد كلياً، على أن يكون القضاء السوري ومحاكم دمشق هي المرجع المختص بحل النزاعات بين الطرفين، أو محاولتهم العودة إلى بلادهم، وأن "جوازات سفرهم محتجزة لدى الشركة الليبية، وهو ما يزيد من تعقيد وضعهم القانوني".

ولفت موقع السويداء في تحقيقه الاستقصائي إلى أنه إضافة إلى انخفاض الرواتب والتأخير في تسليمها، تعرض العمال للترهيب المستمر بدفع غرامات مالية كبيرة في حال عدم التزامهم بالعمل.

*منع العلاج
أما أماكن سكنهم فهي أشبه بالمهاجع الجماعية، حيث يحتوي كل مهجع على 24 سريراً على الأقل. الأرضيات من البيتون، والأبواب والنوافذ مخلعة، والمياه غير متوفرة بشكل دائم، مما يجعل النظافة شبه معدومة.

وأكد المصدر أن الخدمة الطبية المتوفرة في الموقع بالكاد تفي بالغرض، ولا تراعي وضع العامل المريض الذي يحتاج إلى استراحة أو علاج. والملفت أن هناك طبيباً سورياً من حمص مسؤول عن الحالة الصحية للعمال، ولكنه متواطئ مع إدارة الشركة في منع الاستراحات والتقارير الطبية. بعض العمال اضطروا لمتابعة علاجهم على حسابهم الخاص وشراء الأدوية من خارج "المعسكر".

زمان الوصل - رصد
(23)    هل أعجبتك المقالة (26)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي