واحد، ساءني الهجوم على بسام كوسا، رغم إيماني المطلق بحق كل إنسان أن يعبر عن رأيه، بشخص وحدث وقضية، شريطة عدم الشخصنة والتجريح..
إثنان، ربما الحق، كل الحق لمن عاب على بسام، بعض ماقاله بحواره في بودكاست " المنتدى" ولكن، برأيي، ليس لأحد الحق أن يصادر رأي الآخر أو يجرمه، خاصة إن كان الآخر، محكوما بشروط وظروف، تمنعه من قول الحق، والأهم أن بسام لا يطبل ويحترم اسمه.
وهنا، قد يكون من ممسك على بسام، قبوله الحوار أصلا، لأنه الأعلم بعدم قدرته قول كل ما يعرف أو ما يقتنع به.
ثلاثة، أحب بسام القاص والروائي الجيد، وبسام الرسام الموهوب، وبسام الممثل المبدع، التارك بينه وبين غيره من الممثلين السوريين، مسافة، إن لجهة الموهبة أو الأدوات أو الأداء الداخلي المتصاعد للخارجي، بشكل مذهل..
وهذه وجهة نظري ورأيي بالرجل، قد يخالفني بها كثيرون، ولهم كامل الحق طبعا..
أربعة، قلت وأكرر، لو كنت مكان بسام كوسا، لرفضت الظهور، لأني لن أستطيع أن أقول كل شيء، ولكن لاشك لديه أسبابه وظروفه، حتى بقبول الظهور والحوار الذي، لاشك قدره بسام، سيسبب وجع راس بواقع الاستقطاب وكون بسام بدمشق، وخاصة أنه كان من بين من استدعاهم بشار الأسد، ليحمّل من خلال لقائه بهم، على الفن وتطوير الدراما ومواكبة الانفراج والانفتاح الاقليمي، رسائل وتسويق، للداخل والخارج.
ولكن في، خامسا، وبعد سماعي اتصال ميسون بيرقدار ببسام كوسا اليوم، وتكراره بعض "الأعذار" لدرجة خلت أنه يؤمن بها أو شكلت قناعة راسخة لديه، سأقف على بعضها سريعا، ليقيني أن بسام رجل فكر أولا، ولعلمي بعصاميته، قبل الثورة وبعدها ثانيا، وظني أن بسام، لولا حضوره الضامن لنجاح أي عمل، لما اشتغل بعد الثورة ولأبعد عن الضوء والدراما وحتى الظهور.
مما سأقوله أخ بسام، وهو موضع نقاش عام طبعا، أنك أعدت وكررت مرارا وتكرارا، أن المنطقة مستهدفة منذ بداية الإمبراطوريات، لاعتبارات جغرافية أولا، من دون أن تتطرق إلى دور من يقود المنطقة بتحويل ما قلت عنها، لعنة الجغرافيا، إلى نعمة الجغرافيا..
وهنا، اكيد لن أطالبك بالتكلم حول التوريث والاستبداد وتأسيس الحقد والطائفية، لأني أعلم حجم سيف الحقد المرفوع داخل سوريا.
وبالمناسبة، أذكر أني كتبت منذ عشرة سنوات عن نعمة الجغرافيا السورية، وكيف يمكن لحكم رشيد وطني، أن يستغل هبة الجغرافيا تلك، والتي لم تأت بعد ثورة آذار أو تصحيح تشرين، ليعش السوريون برخاء ونعيم، فقط جراء نعمة الجغرافيا..
بمعنى، لو ثمة رشيد ووطني، لاستثمر عائد العبور والترانزيت، وحولها لصناعة، من خدمات وتخديم وعادت على السوريين، بأكثر من نفط الخليج..
النقطة الثانية والتي كررها كوسا، خلال اللقائين، أنه يساوي بين اطراف الصراع، وإن كنت أتفهم ظرفه الجغرافي، فلا أتفهم، وهو المثقف، كيف يغيّب دور الدولة أو يغفر للقائمين عليها الرد بحقد وثأرية، وصلت للقتل بالكيماوي والابادة وتهجير السكان.
أنا هنا لن أزاود على بسام وغيره ممن هم بالداخل، أو استعرض بطولات وفتوحات قولية، بحكم الحرية النسبية الممنوحة لي، ايضا بحكم الجفرافيا.
لكني مصفوع حينما يساوي بسام بين من تهجروا جراء استهدافهم بعد الثورة، إن هربا من الموت والاعتقال، أو جراء التغيير الديموغرافي المفضوح، مع من تهجروا بالماضي جراء مجاعات أو ظرف سياسي أو حتى موقف وطني..
نهاية القول، أكرر أني أحب بسام المثقف والفنان، وربما وجعي، كما كثيرين غيري، حين نراه وأمثاله، تحولوا، بقصد ونفعية أو حتى واقعية، أو دونما قصد وقدرة على التصويب، إلى أدوات أو أسلحة بيد عصابة، تحاول عبرهم، بشكل أو بآخر، تبييض بعض صورها أو تبرير بعض جرائمها..
نقطة نظام، لديّ أصدقاء كثر داخل سوريا حتى اليوم، لم يخرجوا رغم ملائتهم المالية وترحيب نصف الكرة الأرضية بهم، وذلك ليقينهم أن سوريا لكل السوريين، وليست للعصابة الحاكمة، ويجب أن لا يغادروا ويتركوا البلد للتغيير والتشويه، رغم أنهم، أو جلهم، يدفعون إتاوات مالية وحتى اجتماعية وقيمية، وبعضهم يدعم، بماله أو بقائه أو حتى صمته، بقاء العصابة بدمشق..
وتلك وجهة نظر تستأهل النقاش، لأننا إن فكرنا بعقل بارد، سنرى فيها وجهة نظر رغم أنها لا تعجبنا ولم نقبلها على أنفسنا.
عدنان عبد الرزاق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية