أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

استطلاعات الراى النائم .. ايوب الغنيمات

لا تكاد تخلو أي صحيفة في هذه الأيام أو فضائية من فضائيات العالم العربي من استطلاعات للرأي العام، أو نتائج تلك الاستطلاعات المُفتقِرة لأبسط قواعد المنطق. ويتسلى بنا أصحاب تلك الاستطلاعات، حيث يتم استعراض النسب المئوية لكل رأي، فيدخل عادة الرأي الذي يحقق أكبر نسبة مئوية خزانة الحقائق المطلقة غير القابلة للجرح والتعديل.
جل تلك الاستطلاعات ونتائجها على كثرتها تعبر عن البيئة التي تصدر منها، وتحمل في طياتها آراء وتوجهات معينة، وتعمل ضمن أجندة منظمة, متجاهلة تماما عقل المتلقي أو القارئ، رغم أننا قد بلغنا سن الرشد منذ زمن بعيد، وأصبحنا على مقدرة على التمييز ما بين الصالح والطالح, غير أن القائمين على تلك الاستطلاعات أصبحوا متمرسين جيلا بعد جيل بلعبة الاستخفاف بعقولنا!..
على سبيل المثال: قبل أيام نشرت الصحف نتائج بعض الاستطلاعات، وهي أن المحطة الإذاعية الفلانية هي المحطة الأولى في عدد المستمعين والمتابعين، وأن الجريدة العلانية هي أكثر الصحف متابعة، ومن قراءة نتائج تلك الدراسة نكتشف ببساطة شديدة أن نتائج تلك الدراسة (مفصلة على المقاس), فالقائمون على تلك الجريدة أو المحطة متأكدون من شعبيتها ونجاحها، ولم يبق لهم سوى إثبات تلك النتائج عبر شهادة من شركة دراسات (محترمة) تعلق على الحائط في صالة انتظار الزوار والمراجعين، وثم يشار إلى تلك النتائج يوميا خلال فترات البث، وبمحض الصدفة نكتشف أن محطة إذاعية أخرى حصلت على نفس التصنيف ونفس النتائج وفي نفس الدولة، وعلى ذلك قس جميع الاستطلاعات.
ونشرت الصحف أيضا نتائج دراسة طغت على صفحات كاملة من صفحات الجرائد، أظهرت أن الثقة في الرئيس الأمريكي باراك أوباما تراجعت بشدة في الدول الإسلامية.
وخلصت استطلاعات (بيوجلوبل أتيتيودز) إلى انخفاض شعبية أوباما في البلدان الإسلامية بين عامي 2009 و2010.
جاء التراجع الأشد في كل من تركيا ومصر، حيث انخفضت الثقة في أوباما 10 نقاط مئوية، و9 نقاط مئوية على التوالي.
وانخفضت الثقة في أوباما بنسبة 5 في المائة أو أقل في بلدان إسلامية أخرى.
وفي دول إسلامية أخرى لاقت الولايات المتحدة مزيدًا من الترحيب. ففي أندونيسيا أيد 50 في المائة الولايات المتحدة، وكذلك فعل 52 في المائة من اللبنانيين. لكن 21 في المائة فقط من الأردنيين قالوا إن لهم رؤية إيجابية تجاه الولايات المتحدة.
وبالمقارنة جاءت نسبة التأييد للقاعدة بين المصريين والأردنيين أعلى من نسبة التأييد للولايات المتحدة.
فقد أيد 34 من الأردنيين التنظيم الذي يتهم بالضلوع في هجمات 11 سبتمبر 2001، بينما أيده 19 في المائة من المصريين.
والعبارة الأخيرة هي أخطر ما في تلك النتائج، وخصوصا أن يتم الإشارة إلى أن 34% من الأردنيين يؤيدون تنظيم القاعدة.
ويبدو أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن هناك هدفا خفيا من تلك النتائج وما يترتب عليها مستقبلا، فقد أشارت مجموعة (بيوجلوبل أتيتيودز) إلى أن تلك الاستطلاعات جرت في إبريل ومايو في 22 بلدًا مختلفًا. ووجه الباحثون أسئلة إلى ما يتراوح بين 700 و3262 شخصًا في كل بلد, وتمت بعض الاستفتاءات عبر الهاتف، وجرى البعض الآخر من خلال مقابلات مباشرة.
مما سبق يظهر لنا سؤال: هل يكفي أن نقول إن استطلاع رأي 700 شخص -إن تم فعلا- أو أكثر، يمثل الخمسة ملايين، ومن هم هؤلاء الأشخاص الذين يتم الإشارة لبعضهم على أنهم قادة الرأي، فهل هم شيوخ عشائر، أم شيوخ دين، أم موظفون، أم طلاب في مدارس محو الأمية، أم ماذا هم بالتحديد حتى يشار لهم على أنهم يمثلون ملايننا الخمسة؟ (لاحظوا التركيز على الأردن، واستخدم تعبير أردنيون بدل أفراد العينة، فلا شك أن هناك فرقا كبيرا بين عبارة 34% من العينة المستطلعة، وتعبير 34% من الأردنيين على المطلق).
أتمنى أن يكف بعضهم عن نشر نتائج الاستطلاعات البائسة إن كنا فعلا نحترم عقل الرأي العام؛ لأن جل ما يتم نشره من نتائج الاستطلاعات ما هو إلا وحي خيال شخص نائم!!

(74)    هل أعجبتك المقالة (85)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي