قال مصدر سوري مطّلع، لـ«الأخبار» أمس، إن الاجتماعات التي تواصلت إلى ما بعد منتصف الليل بين الرئيس بشار الأسد والملك عبد الله، أرست «تفاهماً بين الجانبين على أمور كثيرة، ولا سيما ما يتعلق بحفظ الاستقرار في لبنان، وتثبيت نقاط التفاهم بين المجموعات اللبنانية واعتماد الحوار».
وتوقع المصدر أن تكون هناك «انعكاسات إيجابية» لزيارة الأسد وعبد الله لبيروت على الوضع اللبناني العام.
وأوضح المصدر أن مجرد تأكيد زيارة الأسد وعبد الله معاً لبيروت، يعبّر عن وجود تفاهمات ضرورية لحفظ لبنان وإبعاده عن التأثيرات السلبية لما يُحاك ضد المنطقة. وقال المصدر إنه على الرغم من وجود بعض التباين في أمور أخرى تخص المنطقة، إلا أن دمشق تشعر بأن العرب جميعاً، والسعودية على وجه الخصوص، يدركون أن الضغط الأميركي والغربي لا يحقق تقدماً في عملية السلام ولا في حفظ الاستقرار.
وفي بيروت، قال مرجع سياسي واسع الاطلاع إن البحث تركز على هذا الجانب، إضافة إلى العلاقات الثنائية والوضع العام في المنطقة والعالم، وإن الشق المتعلق بالعلاقة بين دمشق والقاهرة لم يأخذ حيزاً كبيراً لأن سوريا لا تريد علاقات عامة، بل علاقات تعاون وتفاعل.
وأوضح المرجع أن الأسد عرض للملك عبد الله وجهة نظره حيال ملف التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وأكد أن المحاولة الفاشلة لإلصاق التهمة بسوريا يراد الآن إلصاقها بالمقاومة في لبنان.
وقال المرجع السياسي إن الأسد عرض تفاصيل كثيرة عن هذا الملف في إطار تأكيد رفض اتهام المقاومة والتآمر عليها.
ولفت انتباه السعودية إلى ضرورة فعل شيء لمنع الانعكاسات السلبية لصدور قرار اتهامي يتهم حزب الله زوراً. وبحسب المرجع، فإن الاقتراح الوحيد قيد التداول هو سعي الملك عبد الله لدى دوائر القرار الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا إلى عدم إصدار القرار الاتهامي الآن.
من جهته، أعلن الرئيس سعد الحريري أن الأسد سيصل إلى بيروت بمرافقة عبد الله، واضعاً الزيارة في إطار «تقوية المبادرة التي أطلقها العاهل السعودي في قمة الكويت الاقتصادية».
كذلك لفت الحريري إلى أن هذه الزيارة تُضفي استقراراً كبيراً في البلد بعد التشنجات الإقليميّة.
وفي إشارة إلى أنه لا أحد من اللاعبين المحليين في أجواء ما يحصل الآن في دمشق، ساد الوجوم الاجتماع الأخير الذي جمع الرئيس الحريري بالمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الحاج حسين الخليل. وأكدت مصادر مطلعة أن اللقاء لم يأت بجديد يذكر، ما عدا تقديم الحريري لمطالعة بيّن من خلالها وجهة نظره القديمة الجديدة من موضوع المحكمة، أي إنها تعمل بمعزل عنه ولا علاقة له بها من قريب أو بعيد، وإنها الملجأ الأخير لهم كعائلة وللبنان كوطن لمعرفة الحقيقة. بل إن الحريري خاطب خليل قائلاً: أتريد مني أن أتخلى عن دم والدي؟
وإذ لم يقدم الحريري أي رد على الأسئلة التي طرحها السيد نصر الله، اكتفى بالتعبير عن انزعاجه بسبب نقل السيد نصر الله جزءاً من الحديث الذي دار بينهما، وتحديداً عن القرار الاتهامي. وقال كذلك إنه «شخصياً لا يستطيع أن يفعل أي شيء، ولننتظر القادة العرب الذين سيصلون إلى لبنان، لنرى ما يمكن أن يفعلوه».
وكان الأسد وعبد الله قد التقيا في دمشق أمس، وقد أكّد الجانبان في بيان صادر عن الرئاسة السوريّة «حرصهما على دعم مسيرة التوافق التي شهدها لبنان منذ تأليف حكومة الوحدة الوطنية ودعم كل ما يسهم في تثبيت استقراره ووحدته وتعزيز الثقة بين أبنائه».
وأضاف البيان أن الأسد وعبد الله أكدا خلال جلسة المباحثات التي عقدت بعد ظهر أمس أن «الوضع العربي الراهن والتحديات التي تواجه العرب، ولا سيما في فلسطين المحتلة، يتطلبان من الجميع مضاعفة الجهود للارتقاء بالعلاقات العربيّة العربيّة والبحث عن آليّات عمل تعزز التضامن وتدعم العمل العربي المشترك».
كذلك جدّدا تأكيد «ضرورة تحقيق المصالحة الوطنيّة الفلسطينيّة كضامن أساسي لحقوق الشعب الفلسطيني، وأشادا بالمواقف المشرّفة التي اتخذتها تركيا لنصرة الفلسطينيين وكسر الحصار اللاإنساني المفروض على قطاع غزة». وفي ما يتعلق بالعراق، أوضح البيان «أنّ من الضروري تأليف حكومة وطنية عراقية في أسرع وقت ممكن تضمن مشاركة جميع الأطياف السياسية وتحفظ عروبة العراق وأمنه واستقراره».
وكانت المستشارة في الرئاسة السورية الدكتورة بثينة شعبان ووزارة الخارجية السورية قد ردا على تصريحات الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية، الذي دعا الأسد إلى «الاستماع بانتباه إلى ما سيقوله الملك عبد الله». وقالت شعبان إن هذه التصريحات تنال من احترام الولايات المتحدة للسعودية قبل سوريا، وهي تصريحات غير بنّاءة، وإن سوريا كما السعودية ودول المنطقة، أخبر بمصالحها. وقالت «سانا» عن مصدر في الخارجية السورية قوله: «لا يحق للولايات المتحدة أن تتدخل بمضمون المحادثات التي ستُجرى» خلال زيارة عبد الله لدمشق، مشيراً إلى أنه «ليس من مهمات الولايات المتحدة ولا يحق لها أن تحدد علاقاتنا مع دول المنطقة ولا أن تتدخل بمضمون المحادثات».
أما في المعلومات الواردة عن القمّة التي جمعت الرئيس المصري حسني مبارك بالملك السعودي، فقد تبيّن أنها تناولت بصورة خاصة مسألة المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وبحسب مصادر مصرية سعودية، يتعرض السعوديون لضغط شديد من الولايات المتحدة لكي لا يتركوا مجالاً أمام سوريا للتنفس.
وقالت المصادر إن مبارك قال للملك عبد الله: «بالإمكان مساعدة السوريين... هذا إذا ساعدوا أنفسهم». وأوضحت أن موقف الرئيس المصري من سوريا يمكن تلخيصه في أن «مصر ترى أن دمشق مهمّة ويجب أن تنحاز مجدداً إلى ثوابتها العربية، لا لارتباطها بإيران، وأن القاهرة لا ترى ما يحول دون استئناف العلاقات مع دمشق التي تتحمّل مسؤوليّة الفتور في العلاقة بين البلدين».
وعن العلاقات اللبنانيّة ـــــ السوريّة، قالت المصادر المصرية إن القاهرة ترى «أن مسألة العلاقات مع سوريا أمر يقرره اللبنانيون أنفسهم، من دون تجاوز الاقتناع المصريّ بأنها معنيّة بالأمن والاستقرار في لبنان». وذكرت أن مبارك أطلع الملك عبد الله على «طمأنات إسرائيليّة تلقّاها بعدم شنّ تل أبيب حرباً وشيكة على لبنان»، لكنه قال أيضاً: «هذا ليس ضماناً نهائياً، كل شيء وارد، وقد يتغيّر الأمر في أي لحظة».
وعلق مصدر سوري على هذه الأنباء بأن «دمشق لا تناقش أي علاقة تربطها بأي دولة في العالم إلا من زاوية تأثيرها على المصالح العربية، وأن دمشق لم تقم بأي علاقة خارج المصالح العربية المشتركة. وهي ترى في دعمها لقوى المقاومة في فلسطين أمراً طبيعياً في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وسياسة التعنت من حكومات العدو المتعاقبة التي لا تريد السلام».
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية