أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المقاومة الاسلامية .. بلال حسن التل

لا مفاجأة في عودة أجواء التوتر ونذر الفتنة المذهبية إلى لبنان ، استهدافا للمقاومة الإسلامية فيه ، بأساليب أخرى غير أسلوب المواجهة العسكرية المباشرة ، التي ثبت فشلها غير مرة ، وخاصة في عدوان تموز 2006 ، والانتصار المبين الذي حققته المقاومة على الآلة العسكرية الإسرائيلية.
وعدم المفاجأة في عودة أجواء التوتر ، ونذر الفتنة المذهبية إلى لبنان ، إنني وعلى صفحات هذه الصحيفة استمريت عبر السنوات الماضية ، أحذر من أن المعركة لم تنته. وأنها تأخذ الآن أشكالا مختلفة أخطر من الشكل العسكري. لأن الذين يخوضونها نيابة عن العدو ، هم بعض أبناء جلدتنا ، وبعض شركائنا في الوطن ، الذين حتى عندما كفَ بعضهم ألسنتهم لبعض الوقت عن المقاومة ، انما كانوا يتناغمون مع المخطط الكلي للعدو ، اختار التهدئة كسباً للوقت ولإعادة ترتيب الأوراق ، لاستئناف الهجوم على المقاومة بأشكال مختلفة. وقد كتبت حول ذلك أكثر من مقال ، قلت في واحد منها قبل سنوات: (ان ما تشهده المنطقة من هدوء نسبي هذه الأيام ليس أكثر من هدنة صغيرة ، يعيد خلالها العدو التقاط أنفاسه. وترتيب أوضاعه. ورص صفوفه. التي فرقتها بسالة المقاومة وصمودها. لذلك فاننا نتوقع ان تشهد المرحلة القادمة ضراوة في الحروب المتنوعة ضد المقاومة. خاصة بعد ان سقطت كل الأقنعة وصار إمداد المقاومة بالسلاح ودعم أبناء غزة بما يعينهم على الصمود تهمة تدينها القوانين. وبعد ما صارت أبواق إعلامية كثيرة لا هم لها إلا الهجوم على المقاومة والتحريض ضدها. سواء كانت هذه المقاومة سنية أو شيعية مما يستدعي المزيد من الحذر والانتباه عند أبناء الأمة لحماية مقاومتهم.
وفي مقال أخر كتبت ما نصه: ( يجب ان لا تنسينا احتفالاتنا بالانتصار على عدوان تموز 2006 ، الذي شنه العدو الإسرائيلي على لبنان بهدف اجتثاث المقاومة الإسلامية ممثلة بحزب الله ، ان الحرب لم تتوقف وان قراراً بوقف إطلاق النار لم يصدر حتى الآن. لا عن مجلس الأمن ولا عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ولا عن العدو الإسرائيلي. وكل ما جرى هو وقف للعمليات العسكرية التي استمرت بعده الحرب بأشكال أخرى. لعلها اخطر من العمليات العسكرية ، من حيث التأثير والنتائج. فمنذ اللحظة الأولى لوقف العمليات العسكرية ، بل وإثناءها استنفر العدو كل قواه وأدواته وخلاياه النائمة ، العبري منها والعربي ، في محاولة محمومة لمنع استيقاظ وعي الأمة ، على إمكانية ان تنتصر على عدوها ، وتمنعه من تحقيق أهدافه. وما كتبته في هذا الإطار أيضا خلال السنوات الماضية: (في ذكرى الانتصار على عدوان تموز 2006 ، نذكر بان ما توفق في الرابع عشر من آب هو العمليات العسكرية فقط. لكن العدو ما زال يحاول ان يحقق ما عجز عن تحقيقه بالقوة بوسائل أخرى. لعل الإعلام من أهمها وأخطرها. لذلك فقد انطلقت الآلة الإعلامية الصهيونية ومن يدور في فلكها من الناطقين بالعربية والعبرية يحاولون تشويه المقاومة ، والتحريض عليها والسعي لجرها إلى معارك جانبية تستنفذ من خلالها قوتها ، وتخسر عبرها شرائح من أنصارها وجماهيرها ، وتجعل جزءا من ظهرها وخاصرتها مكشوفا. وفي هذا الإطار جرى ويجري التحريض المذهبي ومحاولة إشعال الفتن المذهبية ، وإغراق المنطقة بها. لعل ذلك يكون أحد الأدوات في تغيير العدو ، فبدلا من أن تكون إسرائيل هي العدو تصبح إيران هي ذلك العدو ، لذلك يجري هذا التخويف من الملف النووي الإيراني. ويجري الصمت والتجاهل للخطر النووي الإسرائيلي. كل ذلك بهدف أن تقتتل أمتنا مع بعضها البعض وتنسى عدوها الأساسي المحتل لأرضها الساعي لتدمير أقصاها.
غير ان الإعلام ، وما يحاول أن يحقق العدو من خلاله تشويها للمقاومة ، وتحريضا ضدها ، وجرا لها إلى معارك جانبية ، وسعيا لاستبدال العدو ، وتوجيه العداء باتجاه غير صحيح ، هناك أيضا حروب الوكلاء لهذا العدو السياسية والاقتصادية. حيث يبذل هؤلاء الوكلاء كل جهد متاح لهم ، لتامين العطاء السياسي والقانوني للعدو. بل ويذهبون إلى ما هو ابعد من ذلك عندما يمدونه بأسباب الحياة من نفط وغاز وسواهما. وعندما يفتحون له الأجواء والممرات المائية لتسهيل عدوانه سواء على لبنان أو فلسطين أو إيران. أو عندما يسعون إلى جعله جزءا طبيعيا في بلادنا ، من خلال حوارات الأديان تارة. ومن خلال الدعوة للتطبيع المجاني تارة أخرى. ومن خلال فتح الأسواق أمام منتجاته تارة ثالثة. واخطر من ذلك كله عندما يسعون لتصوير إسرائيل على أنها دولة لا تنام على الهزيمة. وان الخيار الوحيد أمام أمتنا هو التسليم لها. رغم ان الوقائع على الأرض تؤكد عكس ذلك. وان إسرائيل أوهى من بيت العنكبوت. بدليل اننا نحتفل بذكرى الانتصار على عدوانها في تموز 2006 ، كما احتفلنا بذكرى فرارها من جنوب لبنان عام 2000).
ومن ذلك أيضا ما قلته في محاضرة عامه ونصه: (لقد سكت دوي المدافع وهدير الطائرات وأزيز الصورايخ ، لكن الحرب لم تنته. لكنها تأخذ أشكالا مختلفة وخطيرة. صار الإعلام من أهم أسلحتها. بما تحاول ان تقوم به مؤسسات إعلامية من تثبيط للهمم وتخذيل للناس ، وتشويه لصورة المقاومة ، وتأجيج للفتن والطائفية. وصارت السياسة ساحة صراع ملتهبة ، يسعى من خلالها سياسيون محسوبون على أمتنا إلى ان يقدموا لأعدائنا ما لم يستطيعوا تقديمه لهؤلاء الأعداء ، عندما تواطأوا معهم أثناء عدوان تموز ، وعبر مبادرات سياسية تقدم له كل شيء مقابل لا شيء. كما حدث منذ مؤتمر مدريد حتى اليوم. لذلك فان المطلوب منا جميعنا ان نشكل حاضنة قوية للمقاومة. وان نظل في أعلى درجات الحيطة والحذر للحراك السياسي والإعلامي والثقافي ، الذي يقوم به نيابة عن العدو بعض المحسوبين على أمتنا ، حتى نمنع هؤلاء من تحقيق أهدافهم بالسياسة والإعلام مثلما منعته المقاومة من تحقيق هذه الأهداف بالقوة المسلحة).
وفي نفس المحاضرة قلت محذراً من استخدام الفتنة المذهبية كسلاح في وجه المقاومة: (ان الأمر ليس أمر سنة وشيعة. وليس خوفا على السنة وأهلها. ولكنه سعي لخلق فتنة مذهبية ، لإلهاء الأمة عن عدوها الرئيس ، الذي تبذل جهودا جبارة لتحويل الأنظار عنه ، عبر خلق عدو بديل يتمثل بإيران المسلمة ، التي صرنا نسمع دعوات علنية وقحة لقيام جبهة عربية إسرائيلية لمواجهتها ، وللقضاء على مشروعها النووي. في إطار السعي للقضاء على مقاومة الأمة سنية كانت هذه المقاومة أم شيعية. بدليل ان الذين يتهمون حزب الله بالسعي لنشر الفكر الشيعي ، هم أنفسهم الذين يشددون الحصار على حماس. وهي حركة مقاومة سنية. بل ان بعضهم لا يتردد في تقديم الدعم لما يسمى "بمجاهدي خلق" وهم إيرانيون شيعة. كما ان هذا البعض يقدم مساعدات منتظمة لمليشيات طائفية غير مسلمة ، سبق لها ان تعاونت مع العدو الإسرائيلي لمجرد إنها تعلن عداءها للمقاومة. مما يؤكد ان التخويف من المد الشيعي والتباكي على السنة ليس أكثر من حلقة من حلقات السعي لإشغال الأمة في معارك جانبية. وإلهائها عن عدوها الحقيقي المحتل لأرضها ، بهدف إضعاف المقاومة. وصولا للقضاء عليها. وهو أمر لن يتم بإذن الله. خاصة إذا تحول تعاطف الجماهير مع المقاومة ، إلى عمل منظم يشكل حاضنة جماهيرية صلبة للمقاومة ، التي تقاتل من أجل حقوق الأمة ، وتحرير إرادتها واسترداد حقوقها ، التي فرط بها المتآمرون اليوم على المقاومة ، بعد ان كشفت عوراتهم. عندما أثبتت بانتصاراتها حجم تخاذلهم. وحجم تواطئهم مع العدو. عندما أشاعوا بان جيش هذا العدو لا يقهر. فأثبتت المقاومة انه جيش قابل للهزيمة يوم جدعت انفه ، وكسرت ظهره فأجبرته على الفرار مهزوما من جنوب لبنان عام 2000 ، ومنعته من تحقيق أهدافه في عدوان تموز ,2006
ما أردت ان أشير إليه ، من إعادة النشر بعض ما قلته ونشرته في السنوات الأخيرة ، ليس التأكيد على انه لا مفاجأة من هذا الذي يجري في لبنان ، من عودة لأجواء التوتر ونذر الفتنة المذهبية ، عبر بوابة المحكمة الدولية فقط. لكنني أريد ان اطرح بعض الأسئلة لعل الإجابة عليها تفيد في المرحلة القادمة.
ہ السؤال الأول هو: إذا كان العدو قد نجح في توفير بيئة حاضنة للعمالة والعملاء ، فهل نجحنا في توفير بيئة حاضنة وقوية ومتماسكة للمقاومة ، على امتداد ارض الأمة؟
ہ السؤال الثاني: إلى أي حد خدم خطاب بعض رموز المقاومة الإسلامية بناء هذه الحاضنة ، وهو يركز في خطابه على لبنان ، ناسياً أو متناسياً تأثير هذا الخطاب على أنصار المقاومة خارج لبنان. وناسياً ومتناسياً ان قضية لبنان ، هي إفراز لقضية الأمة المركزية في فلسطين والقدس جوهرتها. وناسياً ومتناسياً ان إعطاء المقاومة الإسلامية هوية لبنانية ، فوق انه يسهم في حرمانها من قواعد عريضة من الأنصار والمؤيدين فانه يسهم كذلك في إنجاح مساعي أعدائها في إلباسها لبوسا مذهبيا؟
ہ السؤال الثالث: إلى أي حد تأثر بعض رموز المقاومة الإسلامية في لبنان ، بصفة التواضع التي يتصف بها سماحة السيد حسن نصر الله سيد المقاومة ، بالرغم من مكانته في قلوب الناس. ثم إلى أي حد خدمت نبرة الغرور التي اتسم بها خطاب هؤلاء بناء حاضنة ممتدة للمقاومة؟
ہ السؤال الرابع: وهو سؤال يبنى على السؤال الثالث وخلاصته إلى أي حد ساهم إلقاء معظم عبء شرح المواقف على كاهل السيد حسن ، ومن ثم اضطراره إلى الإكثار من الظهور الإعلامي ، في النيل من موقع المقاومة والتعرض لسيدها عن طريق هز صورتها في قلوب وعيون الجماهير وهو هدف استراتيجي مركزي لأعدائها؟ ہ السؤال الخامس: إلى أي حد سعت المقاومة ، إلى استثمار المكانة المميزة والفريدة ، التي احتلها سماحة السيد حسن نصر الله إضافة إلى نسبه الشريف ، لإحداث مصالحة تاريخية بين جناحي الأمة. أعني السنة والشيعة بتجاوز الكثير من الخلافات خاصة بعد ان ساهم الكثير من علماء الأمة ، وفي مقدمتهم سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله في تهيئة الفرصة والأرضية المناسبة لإجراء هذه المصالحة.
ہ السؤال السادس: الذي يجب ان نطرحه في هذا المجال هو انه إذا كنا جميعا نسلم بالتفوق العسكري للمقاومة ، وبصلابة بنيانها العسكري ، فهل هناك تفوق إعلامي وثقافي واجتماعي ، وهل هناك صلابة في البنيان الإعلامي والثقافي والاجتماعي في بيئة ومحيط المقاومة.
ہ السؤال السابع وهو سؤال مبني على السؤال السادس وخلاصته: ما هي دلالات ما حدث في الانتخابات البرلمانية اللبنانية ، وفي قضية صلاح عز الدين ، وفي حالات التفلت التي ظهرت في الانتخابات النيابية والبرلمانية ، وبعض أشكال التحرك الذي يصنف بأنه علمائي؟ وهل تؤشر هذه كلها على ان البناء الإعلامي والثقافي والقيمي ، في البيئة الحاضنة للمقاومة ، ليس بمستوى البناء العسكري. وهذه ثغرة يجب ان تعالج من خلال معرفة أسبابها. ومنها ما يقال عن سعي البعض للاستئثار بالمغانم وهذا ما شكل تاريخيا مقتلا لحركات التحرر. وآخرها المقاومة الفلسطينية وهو ما نعيذ المقاومة الإسلامية منه؟
ہ السؤال الثامن: هل من مصلحة المقاومة ، أي مقاومة في العالم ، ان تتحول إلى شريك في اللعبة السياسية المحلية ، عبر الحكومات والبرلمانات والبلديات .. الخ قبل أن تحقق هذه المقاومة هدفها النهائي ، في دحر العدو وتحرير الأرض ، وإلى أي حد تسهم هذه الشراكة في إعطاء الخصوم فرصة النيل من المقاومة ، وخدش صورتها ، والتطاول عليها بحجة نقد أدائها السياسي والخدماتي؟
ہ السؤال التاسع: ماذا يقصد بعض رموز المقاومة الإسلامية في لبنان ، وهم يتحدثون عن بيئة المقاومة ومجتمع المقاومة ، هل يشمل ذلك الأمة كلها؟ أم يقتصر على لبنان؟ أم يقتصر على الجنوبين اعني الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب لبنان؟ علما بان أعداء المقاومة لا يقتصرون في عملهم ضد المقاومة على لبنان. بل لعل ساحات عربية كثيرة يجري فيها العمل ضد المقاومة ، أكثر بكثير مما يجري في لبنان؟
ہ السؤال العاشر: وفي هذا الإطار وفي إطار بناء حاضنة ممتدة للمقاومة أيضا ، الا تعتقد المقاومة بأنها ضحت في كثير من الأحيان بأنصارها ، لحساب حرصها على كسب بعض الأنظمة ، والقوى السياسية أو طمعا بعدم إثارة حساسية هذه الأنظمة والقوى؟
ہ السؤال الحادي عشر: الم يصبح القبول بالتعددية ، والحرص على حماية بعض التوازنات والطوائف في بلادنا العربية ، مبالغا فيه. ومدخلا لتصبح الخيانة وجهة نظر مما يشكل خطراً حقيقياً ليس على المقاومة فحسب بل على مجمل النسيج الاجتماعي والسياسي والأمني للأمة كلها؟
ھ السؤال الثاني عشر: إذا كانت المجتمعات المستقرة والآمنة ، لا تقبل بالتعددية والرأي الآخر ، إذا تعارضت هذه التعددية وهذا الرأي مع ثوابتها وقيمها ، بدليل ما يجري في أوروبا وأمريكا من اضطهاد ومطاردة للإسلام والمسلمين وكل ما يرمز لهما ابتداء من الحجاب مرورا بالمآذن وصولا إلى الإسلام والوجود الإسلامي في الغرب فهل تتحمل المجتمعات المهددة بأمنها ووجودها وحضارتها ، مثل مجتمعنا العربي الإسلامي ، هذه التعددية التي صارت غطاء للخيانة وسبيلا للطعن في الظهر وخاصة ظهر المقاومة؟
هذه الأسئلة وغيرها نضعها بين يدي قيادة المقاومة الإسلامية في لبنان وهي تقف ومعها لبنان والمنطقة كلها على مفترق طرق صعب بفعل القرار الظني المتوقع صدوره عن المحكمة الدولية وهو القرار الذي تستدعي مواجهته وحشد كل جهود أو طاقات الأمة وأولها إغلاق باب الفتنة المذهبية الذي جهدت قوى الاستكبار العاتي خلال السنوات الماضية إلى إغراق الأمة بها تارة عبر بوابة العراق وأخرى عبر بوابة اليمن وثالثة عبر بوابة لبنان ورابعة ... وخامسة .. وسادسة .. . وثانيها ان تعيد بناء وحدة ا لمعركة بالنسبة للأمة كلها عسكريا وثقافيا وسياسيا باعتبار ان العدو يخطط استراتيجيا على أساس انه يخوض حرباً شاملة ضد أمة واحدة حتى وإن بدت مقسمة؟،

(84)    هل أعجبتك المقالة (98)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي