أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"أشخاص في حالة إعاقة ما بين الأدب والواقع، دراسات ومقالات".. صدور الكتاب الجديد لـ"ماهر اختيار"

صدر كتاب "أشخاص في حالة إعاقة ما بين الأدب والواقع، دراسات ومقالات"، للكاتب السوري المقيم في فرنسا "ماهر اختيار"؛ تناول بين دفتيه تجارب واقعية غنية لأشخاص سوريين في حالة إعاقة خلال رحلة لجوئهم من سوريا وحتى فرنسا، إلى جانب دراسة قصص لشخصيات وردت أسمائها في الأدب العالمي، تمحورت جميعها حول تأثير الإعاقة على أسلوب الحياة ونظرة المجتمع وأحكامه المسبقة.

*محاور الكتاب
الكتاب الصادر عن مؤسسة "ميسلون للثقافة والترجمة والنشر"، يقع في خمسة فصول، ناقش الكاتب في أولها شخصية "كوازيمودو" وكيفية حضورها في رواية "أحدب نوتردام" لـ"فيكتور هيجو"، قدمت العديد من الأفكار والمواقف التي تتضمنها هذه الرواية مساحة غنية للتأمل والتفكير والنقد وذلك حول كيفية تقديم "شخصية في حالة إعاقة" ضمن رواية عالمية الانتشار، وكيف يمكن لصفات هذه الشخصية ومواقفها أن تعمل على تكريس أفكار مسبقة وأحكام جاهزة لدى القرّاء.

في الفصل الثاني تناول الكتاب رواية "حذار من الشفقة"، وناقشت مفهوم الشفقة ومستوياتها في علاقة الأفراد فيما بينهم تبرز الشفقة، في هذه الرواية، بوصفها عاملًا محبطًا ومخدّرًا لبعض الأشخاص، لكن قد تكون في بعض الأحيان، بمثابة محفِّز للمقاومة والاستمرار.

أما في الفصل الثالث، انتقل الكاتب "اختيار" إلى قصص أكثر واقعيَّة ومعاصرة، هي قصص رواها أشخاص أصيبوا بإعاقات مختلفة بسبب الولادة أو نتيجة الحرب، وعانوا الكثير من صعوبات جمّة خلال مرحلتي السلم وما بعدها.

أما في الفصل الرابع، استمر الكاتب مع قصص أشخاص "في حالة إعاقة" ومع تجاربهم وتعاملهم مع مؤسسات فرنسيَّة تحاول التخفيف من معاناتهم، وهل القوانين السائدة في هذا البلد تعمل أو تساعد في إلغاء ثقل نظرة اجتماعيَّة تقود إلى تمييز سلبي في حضوره وفي نتائجه؟.

في الفصل الخامس، حاول الكاتب تبيان أهمية دمج "شخصيات في حالة إعاقة" ضمن الكتب المدرسيَّة وفي الأدب بشكل عام، موضحا أنه دمج يحاول تجاوز أفكار ومواقف ظالمة حاضرة في بعض القصّص والروايات وفي الواقع ومؤسساته أيضًا.

وخلص الكاتب في هذا الفصل إلى أنَّ دمج هكذا شخصيات وتبيان أهمية اختلافها ومكامن القدرات التي تمتلكها يحفّز القارئ، طفلًا كان أو بالغًا، على القراءة الناقدة، ورفض التسليم بأفكار ومواقف تعمل على تعزيز الوضع غير العادل والمحيط بأشخاص لديهم إعاقة مرئيَّة، معتبرا أن ذلك أحد الحلول التي سيقترحها من أجل تجاوز وضع غير منصف، يحيط بأشخاص "في حالة إعاقة" ضمن نصوص الأدب وفي الواقع وفي العديد من البيئات الاجتماعيَّة والطبيَّة والسياسيَّة.

*مجتمع تسوده العدالة الاجتماعيَّة
الكاتب اختيار قال لـ"زمان الوصل"، إنه اختار دارسة هاتين الروايتين لما تتضمنانه من أفكار ومواقف تجاه أشخاص "في حالة إعاقة" تعكس، بشكل كبير وعلى أكثر من مستوى، حال أشخاص عاشوا في سوريا، ثم انتقلوا إلى العيش في فرنسا التي منحتهم حق اللجوء والحماية، محاولةً التخفيف من معاناتهم ومرافقة من يحتاج إلى تأهيل جسديّ أو نفسيّ أو اجتماعيّ.

ولفت إلى أنه وبعد سنوات طويلة من الإقامة في فرنسا والاطلاع على ما هو مضمون الأفكار والحالات التي ناقشها ويناقشها العديد من الباحثين الفرنسيّين المهتمين بميدان الإعاقة، استنتج بأنَّ بعض المواقف والأفكار الواردة في الروايتين ما تزال حاضرة في الواقع وهناك استمرار لنظرة اجتماعيَّة غير عادلة، ولحالةٍ من التهمّيش والعزلة تصيبان عموم من هم في حالة إعاقة، سواءً أكانوا فرنسيين أو أجانب مقيمين، على الرغم من التقدم في عموم أوروبا فيما يخصّ البنى التحتية ومراكز التأهيل المخصصة لمن هو مصاب بإعاقة معينة، ووجود دعوات مستمرة إلى ضرورة احترام اختلاف شكل الأفراد وسلوكهم ونمط حياتهم المختلف.

وأضاف أن هناك اختلافا بين المجتمعات في الدرجة والحدّة والمستوى فيما يخصّ مدى توفّر مؤسسات وبنى تحتيّة تعتني بأشخاص يعانون من إعاقات أصيبوا بها، لكن مسائل مثل "نظرة الآخر" و"معايير التصنيف" و"العزلة" و"العتبة" هي مسائل موجودة وحاضرة وكأنَّ الزمن متوقفٌ أو يكاد. من هنا، يبرز الهدف من هذه الدراسة وهذا الربط بين الرواية والواقع.

وختم اختيار بالقول إن هذا الهدف يتمثّل أيضا في اقتراح أفكار تمهّد إلى بلوغ مجتمع تسوده صورة من صور العدالة الاجتماعيَّة، ومن أجل ذلك ينبغي البدء بالتربية ومناهجها والاهتمام أكثر بمحتواها، وتعليم الأطفال وإكسابهم فكرة أن الأفراد في المجتمع ليسوا متشابهين في الشكل والسلوك وعدد الحواس ونمط الحياة، ولا يجب أن نفرض عليهم هذا التشابه، وإنَّما على العكس، يقوم المجتمع ويبزر نجاحه ويستمر توازنه في تنوّع قدرات أفراده، وفي تقبّل اختلاف الآخر على أنَّه غنى وليس شواذًا.

الكاتب "اختيار" من مواليد اللاذقية 1974، حائز على درجة الدكتوراه في الفلسفة، اختصاص أبتسمولوجيا العلوم الإنسانية من جامعة باريس 7 ديدرو 2013، من منشوراته: أبتسمولوجيا التاريخ عند فرناند بروديل باللغة الفرنسية، عن دار آرماتان 2023؛ نعم، يوجد لاجئون سعداء في فرنسا، باللغة الفرنسية، عن دار روشيه 2023 (ناشر مشارك مع الكاتب نيكولا دولوكور)؛ الإعاقة الحركية والبصرية والعقلية، مفهوم إعاقة أم إعاقة مفهوم، مركز دراسات الوحدة العربية 2016؛ إشكالية معيار قابلية التكذيب عند كارل بوبر في النظرية والتطبيق، وزارة الثقافة في سوريا 2010، وهو مدرّس للغة العربية في جامعة بودرو مونتين 2015-2020، ومدرّس للغة العربية في مدرسة كَدج العليا في بوردو 2015-2022، ومتطوّع لدى منظمات أهلية مهتمة بشؤون اللجوء واللاجئين في فرنسا 2015-2023.

محمد الحمادي - زمان الوصل
(73)    هل أعجبتك المقالة (82)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي