منذ الأيام الأولى من شهر أيار الماضي من هذا العام ونحن في أسرة مركز دراسات الوحدة الاسلامية منهمكون في اعدادات الندوة التكريمية للعلامة الأستاذ الدكتور ناصر الدين الاسد، التي ستفتتح أعمالها صباح السبت القادم في قاعة المؤتمرات في المركز الثقافي الملكي وتستمر ليومين، أداء لواجب تكريم العلماء والبارزين من أبناء هذه الامة ومبدعيها، وكسرا لقاعدة عربية مقيتة هي أننا لا نكرم مبدعينا إلا بعد رحيلهم.
ورغم أن أسرة المركز من محترفي هذا النوع من المهام والأعمال؛ فالندوات والمؤتمرات التي نظمتها اسرتنا المهنية الصغيرة أكثر من أن تعد او تحصى، الا أن هذا النشاط قد حاز على اهتمام ساوى او فاق كثيرا غيره من أنشطة فاقته حجما ومدة، ربما كان ذلك بسبب منزلة الرجل المكرّم ومعها منزلة من أتوا وسيأتون لإكرامه والتعبير عن منزلته في قلوبهم وضمائرهم من مختلف أصقاع الارض، وعلى رأسهم العم الكبير الأستاذ الدكتور محمد أحمد الشريف أمين جمعية الدعوة الاسلامية العالمية والوفد المرافق له، الذين جاؤوا ليضربوا مثلا على الوفاء وحفظ الصنيع الحسن لأهله، فهو وعدد ممن معه هم من تلاميذ الأسدِ الذين ما أنكروا فضله يوما، وهذا أمر من شيم أهل الفضل والكرم.
أما أستاذنا الاسد الذي من أجله يقام هذا النشاط، فلا أظنني قادرا على الإتيان بكلمات تفيه قدره الذي يستحق وهو ملك من ملوك البيان والكلام، ولا أستطيع ان اصف مكانته عندي وعند كثيرين جدا من ابناء هذه الامة، بل وعلمائها، الا أننا نقف أمامه كطفل مشدوه بأسطورة من اساطير البطولة، ليست البطولة الخيالية بل البطولة الحقيقية في الدفاع عن لغة هذه الامة ومورثيها الحضاري والثقافي ومكانتها الفكرية، التي كانت وما زالت اللغة العربية أهم حصونها، وكان وما زال الاسد -أطال الله في عمره- فارسا مدافعا عن معاقلها وثغورها، منافحا عن حياضها التي هي جزء من حياض الدين وكيان الامة.. أوليست العربية لغة القرآن الكريم الذي هو عماد هذا الدين والذي أنزله ربنا عز وجل قرآنا عربيا بلسان قويم؟.
ورغم أن استاذنا الأسد أكبر من أقول ان بينه وبيني رابطا او علاقة تجاوز قراءتي بعضا من تراثه المكتوب الضخم، والكتابة عن بعض من كتبه، او الجلوس مستمعا الى محاضراته وندواته، او الوقوف بين يديه مودعا او مستقبلا أثناء زياراته الى مقر المركز محاضرا او ضيفا، الا أن هذه وحدها كفيلة بأن تملأ نفسي فخرا بأنني عرفت مثل هذه القامة العربية الادبية التي نفاخر بها عربا وأردنيين كل أهل الارض، فالأسد هو مثال بارز على أن هذا البلد الصغير بمساحته وامكانياته، هو بحق كبير بأبنائه وعطائه على الساحات العربية والاسلامية والعالمية.
يوم السبت القادم سيكون لنا في اسرة مركز دراسات الوحدة الاسلامية مجددا شرف أداء واجب مقدس هو واجب تكريم عالم ورجل فذ من ابناء الاردن وابناء الامة، وسيكون لي مجددا شرف الوقوف بين يدي ثلة من علماء ورجالات هذه الامة من مختلف أقطارها ممن نعلم أنهم لن يتأخروا عن أداء حق الاسد في اعناقهم وتجاه لغتهم وهويتهم، والأهم أنه ستكون هناك فرصة للكثيرين ليطلعوا على جوانب من حياة الاسد وتجربته لا يعرفها كثير منا، بعد أن طغت عليها كثرة الانجازات وهالة الرجل التي تجعله شمسا ساطعة في سماء اللسان العربي.
ناصر الدين الأسد.. أطال الله في عمرك ومتعك بالصحة والعافية ومنحنا القوة والقدرة على القيام بواجبك وايفائك حقك الذي تستحق منا نحن أبناء هذه الامة التي تدين لك ولأمثالك من علمائها الكبار الأفاضل بالكثير الكثير مما لم نؤده بعد، وربما لن نستطيع ان نؤديه يوما.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية