يستضيف غاليري أروبيا في الدائرة السابعة بباريس خلال الفترة ما بين 25 نيسان /ابريل 2023 وحتّى 26 أيار/مايو القادم.معرضاً فنياً جديداً للفنان السوري "منير الشعراني" بعنوان "إيقاعات خطية"
ويتضمن المعرض مجموعة كبيرة من أعمال الشعراني في مجال تطويع الخط العربي وهندسته بموسيقى بصرية ذات ايقاع متناغم كعادته في كل أعماله ومعارضه السابقة.
والفنان منير الشعراني مبدع سوري. استطاع أن يترك بصمة مميزة في تاريخ الخط العربي المعاصر من خلال كشفه عما هو مخبىء من مكنونات هذا الفن وجمالياته التشكيلية. التي لا تخفى على ذائقة المتلقي. ومحاولته وصل ما انقطع من حلقات تطوره بأسلوب معاصر زاوج فيه بين خصوصيات الخط العربي والقيم والأسس الجوهرية الناظمة للفنون التشكيلية.
وفي حواره مع الإذاعية "ميشا خليل" عبر برنامج "مراسي" المذاع على راديو "مونتي كارلو" قال الشعراني عن سبب تكرار اسم "ايقاعات خطية" لعدد من معارضه في السنوات الأخيرة أنه يعمل على تأكيد الإيقاع البصري الذي يوازي الإيقاع السمعي في العمل الفني الذي يقوم به واضاف أنه وجد هذا العنوان مناسباً جداً لأعمال في مرحلة معينة تسير على هذا المنوال.
وحول هندسة حروفه والموسيقى البصرية داخل فضاء اللوحة التي يبدعها، قال الشعراني إنه يعمل بوعي على خلق إيقاع بصري ويحرك النقاط أحياناً لضبط الإيقاع لذا تأخذ لوناً آخر وإحداث حالة توازن في الحروف والنقاط وانتقال هادىء بصرياً أو صاخباً حسب العمل يتلائم مع روح العبارة واستدرك أن الخط هو موسيقى بصرية توازي بتجريديتها وكل تفاصيلها الموسيقى التجريدية أيضاً.
ولد الفنان الشعراني في مدينة السلمية السورية عام 1952 وتخرج في كلية الفنون الجميلة بدمشق (1977). درس على يد الخطاط السوري الكبير بدوي الديراني. يعمل كخطاط ومصمم كتب منذ عام 1968. قام بتصميم العديد من الخطوط المخصصة التي تم استخدامها على أغلفة كتبه وعمله الشخصي. كما نشر الشعراني العديد من الكتب وتضمنت أعماله معارض في المتحف البريطاني، لندن (2006)، و"مركز الجزيرة الفني"، القاهرة (2006)، و"متحف الشارقة للفنون"، الإمارات العربية المتحدة (2001)، و"متحف شوقي"، القاهرة (1998)، و"متحف رايتبرغ"، زيوريخ، سويسرا (1998)، وغيرها. حصل على جائزة العصرنة في المنتدى الدولي الأولى للخط العربي في الشارقة، الإمارات العربية المتحدة
وحظي بتقدير كبير على المستوى الدولي لإدخاله أساليب خطية مبتكرة وفريدة من نوعها واستلهام إلهامه من كل شيء حوله ، قديمًا وحديثًا. وبرز في طليعة الفنانين المعاصرين ، وتميز عن غيره من الفنانين. إنه أعاد إنشاء فن أصيل كادت أن تخنقه موجات الحداثة والتغريب والتهجين.
وعن طفولته وبدايات نشأته يقول الفنان منير الشعراني لـ"زمان الوصل" ولدت في مدينة السلمية عام 1952. ومن التفاصيل التي لا تُنسى من طفولتي هي دراستي في الكتّاب عند الشيخ (مزين) الذي كان مشهوراً في البلدة آنذاك. وكانت هذه المرحلة المبكرة حافلة بالشقاوات الطفولية والليل الساجي وأمسيات الصيف والربيع في السلمية. التي تقع على كتف الصحراء وخاصرة المدينة.
وانتقلت مع أسرتي إلى حمص حيث بقيت فيها سنتين قبل أن انتقل إلى دمشق والتحق بجامعتها في كلية الفنون الجميلة – شعبة الإعلان (التصميم الغرافيكي) عام 1971.
ويستعيد الفنان المتحدر من مدينة السلمية بريف حماة الشرقي. جوانب من ذكرياته الجامعية أثناء دراسته في جامعة دمشق، حيث كانت الجامعة في بداية السبعينات تمور بالحيوية والنشاط. وكان طلابها وأساتذتها يعيشون حالة مشتركة من الانسجام والتفاهم داخل الجامعة وخارجها.
ويضيف قائلا: لا زلت أتذكر من أساتذتنا الكبار الفنانين "محمود حماد" و"نصير شورى" و"إلياس زيات" و"ميلاد الشايب" و"عبد القادر أرناؤوط" و"فاتح المدرس" و"نذير نبعة" والمصري "صلاح كامل" و"غياث الأخرس" و"وديع رحمة" و"إحسان عنتابي" و"حلمي حباب" الذي كان يدرسنا الخط العربي.
وكانت هناك علاقات شبابية وشيجة بين الطلبة أنفسهم. وحوارات متنوعة بين الطلاب والأساتذة. إلى جانب وجود مكتبة ضخمة في جامعة دمشق. كانت ترفدنا بجانب كبير من الثقافة والمعرفة. إضافة إلى ما كان الطلاب يتلقونه من هؤلاء الأساتذة على مقاعد الدراسة.
وتابع الشعراني أن الفنان والخطاط الكبير الراحل "حلمي حباب" خيّره آنذاك بين أن يحضر الدروس في الجامعة أو لا يحضر. عندما لمس نضج موهبته.
وروى الفنان الذي يعيش في القاهرة منذ بداية الحرب في سوريا أن تعلم الخط العربي حسب أصوله المعروفة كان قبل دخوله إلى الجامعة. ولم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره آنذاك على يد الفنان الكبير "بدوي الديراني". الذي رافقه حتى أواخر حياته عام 1967.
وأضاف الشعراني: "كان الفنان الديراني على مستوى عالٍ من الموهبة والأخلاق والتواضع، وقد أعطاني كل ما يستلزم العمل من دواة حبر وأقلام قصب وغيرها. وكان – رحمه الله – يهتم بموهبتي. ويتنبأ لي بمستقبل مشرق في مجال الخط. وكان يقوم بكتابة نماذج من خطه على كراسة صغيرة ويترك لي حرية نقلها على ما أشياء من الصفحات في دفتري الكبير".
وكشف الشعراني أن مشروع تخرجه في جامعة دمشق كان حول موضوع (القمع والتسلط العسكري) وهو عبارة عن 19 ملصقاً تعبّرُ عن هذا الموضوع في مختلف أنحاء العالم. ومن بين هذه الملصقات-كما يقول- صورة حامل للأطلس في أعلاه جزمة عسكرية بدلاً من الكرة الأرضية.
وبعد تخرجه من الجامعة التحق بالخدمة العسكرية وهناك تم فرزه إلى الإدارة السياسية ليعمل كمخرج فني لمجلة "جيش الشعب".
وأردف أنه ترك الخدمة العسكرية بعدها بسبب ملاحقته سياسياً واضطراره للتخفي. وسافر إلى لبنان وعمل هناك باسم مستعار وهو "عماد حليم".
وحول ذلك يقول: "كنت أقوم بتصميم أغلفة الكتب لدى عدد من دور النشر المعروفة في بيروت. وتوليت منصب المدير الفني في المؤسسة العربية للدراسات عام 1979. كما صممت عدداً من أغلفة المجلات السياسية والثقافية هناك ومنها مجلة "الكرمل" للشاعر الكبير الراحل محمود درويش".
وتابع الشعراني أنه أنجز حينها تصميماً لخطين طباعيين. بالإضافة إلى تصميمه لمئات الملصقات الجدارية وعدداً كبيراً من شعارات دور النشر والمؤسسات الثقافية وغيرها.
وبعد الاجتياح الإسرائيلي لبيروت انتقل إلى قبرص حيث عمل في الصحافة العربية التي كانت تصدر فيها آنذاك. ومنها جريدة (اللقاء) ومجلة (بلسم) التي يصدرها الهلال الأحمر الفلسطيني. ومجلة (الجيل) للفلسطيني مازن البندك. وكان مديراً فنياً لهاتين المجلتين.
ويستقرىء الشعراني حال الخط العربي حيث يسود على ساحته اليوم –كما يقول- اتجاهان أولهما: ماضوي سلفي تقليدي يُحنط الخط العربي ويضعه في قفص ذهبي بمتحف الفولكلور وفنون المحاكاة والتقليد. بدعوى القدسية تارة، وبدعوى وصوله إلى الذروة في العصر العثماني على أيدي الخطاطين الأتراك تارة أخرى، وثانيهما حروفي حداثوي يستعير أثواباً براقة من الألوان والتقنيات الحديثة لفنون أخرى. ويُلبسها لخطوطه وحروفه واهماً، أو محاولاً إيهامنا، أنه فتح فتحاً مبيناً في فن الخط العربي.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية