من المقرر أن تعرض محطة M6 الفرنسية ضمن برنامج Enquête الحصري مساء الأحد القادم فيلماً وثائقيا يبث لأول مرة عن تواطؤ بعض العاملين في سلك الأمن والمخابرات الفرنسية إبان فترة حكم نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند، مع شركة لافارج الفرنسية التي تعمل في سوريا وكان لها دور مشبوه ودفعت رشاوى وأموالاً لتنظيم "الدولة" في سوريا بين عامي 2012- 2014، كما وسيعرض الوثائقي اعترافات المدير الأسبق لشركة لافارج "برونو لافونت" حول الأشخاص السوريين والفرنسيين المتورطين في القضية.
وفي عام 2017 اتهمت منظمات حقوقية في فرنسا لافارج بدفع 13 مليون يورو لجماعات مسلحة، من بينها تنظيم "الدولة الإسلامية"، لمواصلة العمل في سوريا بين عامي 2011 و2015 ، كما يشتبه بأن المجموعة باعت إسمنتا لمصلحة تنظيم "الدولة"، ودفعت لوسطاء من أجل الحصول على مواد أولية من فصائل جهادية.
وفي العام الماضي، ثبتت محكمة النقض الفرنسية اتهاماً بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية الموجهة لشركة لافارج على خلفية أنشطتها في سوريا، وشكل قرار محكمة النقض -التي تعدّ أعلى هيئة قضائية فرنسية- انتكاسة كبيرة للشركة.
ويسلط الفيلم وهو من إخراج "غيوم داسكوي" و"نيكولاس جيلارد"، عبر"52 دقيقة" الضوء على العلاقة الملتبسة التي احتفظت بها المخابرات الفرنسية مع عملاق الاسمنت لافارج آخر شركة متبقية في سوريا بعد اندلاع الحرب السورية والتقدم من جانب والجماعات الإرهابية في معظم أنحاء البلاد.
وفي آذار - مارس 2012 حزمت الشركات متعددة الجنسيات والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم أمتعتها للرحيل عن سوريا وأغلقت السفارة الفرنسية في دمشق لكن لافارج واصلت نشاطها في مصنعها الشمالي، في منطقة الجلابية، على بعد 80 كيلومترًا من الرقة، حتى هجوم تنظيم "الدولة" على الموقع في 18 أيلول (سبتمبر) 2014.
وبعد الهجوم تم إعادة الموظفين الأجانب إلى وطنهم منذ البداية، وكان لا يزال هناك حوالي ثلاثين موظفاً من السكان المحليين وسمح التنظيم لمصنع الاسمنت بالبقاء في "المرجل السوري" ليكون بمثابة قاعدة "للتجسس" لصالح DGSE على وجه الخصوص، المخابرات الداخلية ومديرية المخابرات العسكرية ومديريها التنفيذيين في "شبكة التجسس الجاهزة" وفق الصحيفة.
وتابع التقرير إن الثمن الذي كان يجب دفعه لمواصلة إنتاج الأسمنت في هذا المصنع الجديد، وفي الوقت نفسه إبلاغ الدولة هو المشاركة الطوعية في اقتصاد الابتزاز والمدفوعات المالية التي تحظرها القرارات الدولية لجهاديي العراق. جبهة النصرة ، وهي فرع سابق للقاعدة، ولقتلة تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك حتى بداية عام 2015 ، ومنذ ذلك الحين وجهت للشركة لائحة اتهام "بالتواطؤ في الجرائم ضد الإنسانية" و"تعريض حياة الآخرين للخطر" و"تمويل مؤسسة إرهابية"، كما واجه العديد من كبار المسئولين التنفيذيين السابقين هاتين التهمتين الأخيرتين.
وتقدر الجمارك القضائية المسؤولة عن التحقيقات المبالغ التي استفاد منها تنظيم الدولة ورجال الأعمال بعدة ملايين من اليورو. وفي الولايات المتحدة، اعترفت الشركة بالذنب ووافقت على دفع غرامة قدرها 777 مليون دولار (713 مليون يورو). لكن العدالة الفرنسية ليست ملزمة رسميًا بالقرار الأمريكي.
ويكشف الفيلم الوثائقي النقاب الذي رفعته بالفعل صحيفة Liberation وغيرها من الصحف، عن التعاون السري بين شركة تصنيع الأسمنت وتنظيم "الدولة" بالأسماء والوقائع والأرقام.
وأشار فراس طلاس، المساهم السوري في لافارج من مقر إقامته في دبي إلى المهام التي قام بها كمصدر لـ DGSE ، موضحاً أنه أنشأ قاعدة بيانات للجماعات الجهادية العاملة في المنطقة في كانون الثاني 2015 ، وتم تسليمها إلى المخابرات. وأكد أنه تم تنفيذ أكثر من 100 مهمة حتى عام 2017.
ومنذ عام 2013، كان رجل الأعمال السوري "فراس طلاس" بحسب الصحيفة الفرنسية الوسيط الحصري للمصنع لدفع رشاوى عند نقاط التفتيش التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة" من أجل السماح للشاحنات بالدخول والخروج من المصنع.
على أطراف أصابع القدم
وبدوره أعد مدير الأمن السابق في مصنع الجلابية (من 2013)، أحمد الجالودي خرائط توضح الموقف الدقيق للمقاتلين، وعناوين مقار الميليشيات المسلحة، ووضع نقاط التفتيش، والوثائق المرسلة بشكل منهجي إلى باريس. بعد أيام قليلة من استلامها.
وبدوره أعد مدير الأمن السابق في مصنع الجلابية (من 2013)، أحمد الجالودي خرائط توضح الموقف الدقيق للمقاتلين، وعناوين مقار الميليشيات المسلحة، ووضع نقاط التفتيش، والوثائق المرسلة بشكل منهجي إلى باريس. بعد أيام قليلة من استلامها.
وفي الرقة، على بعد 80 كيلومترًا من المصنع الذي أصبح عاصمة "خلافة" التنظيم، يتعرف رجال لافارج على الجهادي الفرنسي كيفين جيافارش. وفي 16 يناير 2013 ، تم إرسال بريد إلكتروني إلى باريس، إلى مقر DGSI. التجسس المضاد وLafarge يتحدثون عن ذلك. وسيتم القبض على الشخص المعني في تركيا بعد ثلاث سنوات ويقضي الآن عقوبة بالسجن في فرنسا.
لكن بمجرد فتح التحقيق القضائي، لم يعد لدى المديرية العامة للأمن والخدمات الأخرى فجأة أي علاقة بمصادرهم. بعد إطلاعهم على الاتصالات مع الإرهابيين والمدفوعات المتنازع عليها، والاستفادة المكثفة من المعلومات المرسلة من الميدان السوري من قبل موظفي شركة الأسمنت، انسحبت الخدمات على رؤوس أصابعها من مسرح العمليات هذا.
وكانت "زمان الوصل" أول وسيلة إعلامية على مستوى العالم، تفتح ملف علاقة "لافارج" بتنظيم "الدولة"، حيث استعرضت الصحيفة -من ضمن ما استعرضت- سلسلة رسائل إلكترونية من مسؤولين كبار في الشركة تكشف عن أن "لافارج" تورطت في شراء النفط من "منظمات غير حكومية" في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ويومها (صيف 2014) اقترح الرئيس التنفيذي "برونو بيشو" سلسلة حجج وأعذار يمكن أن تطرحها الشركة حول قيام بشراء النفط "بطريقة غير شرعية".
وفي خريف 2014، وجه أحد المسؤولين البارزين عن الملف المالي في تنظيم "الدولة" رسالة حادة اللهجة إلى الرئيس التنفيذي لـ"لافارج" ينذره فيها بضرورة دفع مستحقات مالية لصالح التنظيم، ناصحا الشركة بأن تستوعب أنها "تتعامل مع الجيش الإسلامي الأقوى على الأرض، ولذلك فإن على الشركة أن لا تفسد العلاقة معهم".
وفي خريف 2014، وجه أحد المسؤولين البارزين عن الملف المالي في تنظيم "الدولة" رسالة حادة اللهجة إلى الرئيس التنفيذي لـ"لافارج" ينذره فيها بضرورة دفع مستحقات مالية لصالح التنظيم، ناصحا الشركة بأن تستوعب أنها "تتعامل مع الجيش الإسلامي الأقوى على الأرض، ولذلك فإن على الشركة أن لا تفسد العلاقة معهم".
بالمستندات والشهادات.. "زمان الوصل" تفتح ملف علاقة أكبر شركات الإسمنت في العالم بتنظيم "الدولة" (ج1)
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية