أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

شعار الجامعة الرسمي"اذهب انت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون" ... د. عوض السليمان

دكتوراه في الإعلام - فرنسا


كان رد الجامعة العربية هذا الصباح، على الهجوم البربري الصهيوني ضد قافلة الحرية ردّاً مخجلاً ومخزياً بطريقة يعكس معها درجة المهانة التي وصلت إليها الحكومات العربية. هذه الحكومات التي لا تستطيع أن تفتي في مسائلها الداخلية إلا بأوامر أمريكية، فهم يغيرون حتى مناهج مدارسهم ويحذفوا الآيات من مصاحفهم إرضاء لأمريكا والكيان الصهيوني المغتصب.
طالب مجلس الجامعة العربية المغدورة لبنان برفع مسألة حصار غزة إلى مجلس الأمن، وأمس فقط وقفت أمريكا في مجلس الأمن عقبة في وجه إدانة الاعتداء الصهيوني على سفينة الحرية، فتصوروا هذه الوقاحة التي تصدر عن مجلس الجامعة بالطلب وفي اليوم الثاني مباشرة من مجلس الأمن هذا إدانة الحصار. تذكرني هذه التصرفات ببعض أنواع المخلوقات التي تعود إلى ضاربها ليضربها مرة أخرى، وكلما ضربها عادت إليها ليشبعها لطماً.
لم يخجل الوزراء العرب من شعوبهم، ولو لمرة واحدة على مدار سبعين عاماً، يشربون الذل والمهانة من أمريكا ومن الكيان الصهيوني ثم يحاولون إطعامه لشعوبهم، وكلما سحقتهم أمريكا بحذائها توجهوا إلى الداخل ليسحقوا شعوبهم ويذيقوها كأس الهوان.
نحن لم نتفاجأ البتة، بموقف الجامعة المغدورة من اعتداء الصهاينة على المسالمين في سفينة الحرية، فلعل الاعتداء جاء من مصلحة بعض الحكومات العربية المتأمركة، لإثبات ولائها الدائم وعمالتها المستمرة للكيان الصهيوني، ويكفي أن نذكر أن وزراء عربأ طلبوا يوماً من نتنياهو الاستمرار في حصار غزة حتى تستسلم، وأن محمود عباس نفسه وصف السفن المتضامنة مع غزة بأنها سفن سخيفة.
الجامعة العربية، قررت صباح اليوم كما قررت منذ أكثر من خمسين عاماً بأنها موجودة هنا لتمثل تسلط كثير من القادة العرب على شعوبهم ولتأكد أن الكيان الصهيوني أهم عندها من مشاعر مئات الملايين من المسلمين والعرب الذين تظاهروا في كل مكان، وكان الدم يغلي في عروقهم وقلوبهم بانتظار رد صارم يقطع رأس الأفعى الصهيونية - الأمريكية ، فماذا كان الرد، أدانت الجامعة قتل الأبرياء، وستتوجه إلى مجلس الأمن لتهان مرة بعد مرة.

ليس فحسب بل إغراقاً في المهانة، لم تستطع الجامعة العربية اتخاذ قرار يلغي المبادرة العربية للسلام، مبادرة ذل لبيع فلسطين التاريخية واستبدالها بدولة في غزة والضفة، ولهذا قررت جامعتنا طرح موضوع مبادرة السلام للنقاش أمام اجتماع القمة العربية القادم.
فضيحة بكل المقاييس، فعشرون دولة عربية لا تستطيع أن توقف كياناً مسخاً عند حده، ولا تستطيع أن تعلن الحرب عليه، في الوقت الذي تتمتع فيه هذه الدول بثروات لا تحصى وبأسلحة تملأ أرض البلاد وسمائها، وتملك مليارا ت المليارات من الأموال والتي تستطيع بها السيطرة على الاقتصاد العالمي كله. هذا البلاد التي تتمتع بكل هذه المزايا لا تستطيع أن تدافع عن شعوبها ، ولا تهتز مشاعر حكامها لقتل الأطفال اليومي في فلسطين أو في العراق.
فماذا بقي من حمرة الخجل عند قادتنا، وماذا بقي لهم في قلوب جماهيرهم من محبة أو احترام، يجب أن يعرف هؤلاء، أن الشعوب العربية تكرههم وتحقد عليهم، وتسبهم في كل مرة يسقط فيها عربي بريء بيد الصهاينة و الأمريكان، وليعلموا أن العرب اليوم يعلّمون أبنائهم كيف يكرهون حكامهم ويتمردون على قادتهم.
أصبح بعضهم مثاراً للسخرية والتهكم لدى الشعوب العربية، وأصبحنا نعلم أن القضية، أي قضية، إذا عرضت على مجلس الجامعة، فليس لمهاجمة الصهاينة بل لمنع بعض دول المقاومة من اتخاذ قرارات حاسمة في مواجهة العدو، وأصبحت آية "اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون"، هي الشعار الرسمي لاجتماعات الجامعة العربية، فعندما وقف العراق العظيم ضد أمريكا وطلب المساعدة من الجامعة، طرحت أمامه هذا الشعار، وقاتل العراق وحده، وعندما عرضت سورية على الدول العربية وقف التطبيع مع العدو، أسرعت دول الاعتدال العربية لطرح الشعار ذاته، وحوصرت سورية وقتها وليس الكيان الصهيوني، وعندما حوربت فلسطين في كانون الأول من عام 2008، اتفق العرب أن تقاتل غزة وحدها.
هاهم إذاً، حسب الشعار قاعدون، وكذلك فعلوا إزاء حرب تموز بين لبنان والصهاينة، وهم كذلك يفعلون اليوم، إذ رفضوا بلا نقاش مواقف بعض الدول العربية من إنهاء التطبيع مع العدو وقطع العلاقات معه، فجاءت سورية وبعض الدول العربية كمن يغرد خارج السرب، أو كما قيل عنهم يوماً أنهم من أصحاب الصوفية السياسية وهم غير عقلانيين ولا واقعيين.
العرب هم الذين يحاصرون غزة، والعرب هم الذين أوجدوا الكيان الصهيوني وهم الذين ساهموا بتثبيت أقدامه في فلسطين. وإن كنا نلوم الغرب اللواطي على هذا فإنه من حقنا، ولكننا يجب أن نعلم أننا نحن المسؤول الأول عن جريمة احتلال فلسطين والعراق كما أننا المسؤول الأول عن الجرائم الصهيونية من كفر قاسم إلى غزة والفوسفور الأبيض.
مرة أخرى، ليس هناك حل مع الصهاينة، لا مجلس الأمن ولا الجمعية العامة للأمم المتحدة، الحل هو الحرب لا غيرها، والمقاومة لا سبيل إلى النصر من دونها. ويجب على الجامعة العربية المغدورة، أن تعلم أن دماء المسلمين والعرب غالية، وأن الذين يموتون من شعوبنا لهم آباء وأمهات وهم بشر لا حيوانات، وأن دم العربي، لو كانت هذه الجامعة فعلاً عربية، بدم الصهاينة كلهم.
ولعل المشكلة أن القادة العرب، لا يقاتلون في ساحات الجهاد ولا يموت أحد من أبنائهم في صفوف الجهاد، فهم يتمتعون بالمال والراحة والفراش الوثير، وبالتالي فكيف يحسون بشعوبهم وكيف يحسون بالأمهات اللاتي فقدن أبنائهن.
لا حل إلا بالحرب، وإلا ستضيع فلسطين كلها، وستضيع بعدها عواصم ودول عربية عديدة. ولا بد أن يضرب الكيان الصهيوني في كل مكان من أرض فلسطين، ولا بد أن تثور النخوة العربية والكرامة الإنسانية في قلوب بعض القادة من حكام الدول العربية، فيهددون المصالح الاقتصادية الأمريكية، من خلال طرد الشركات الأمريكية والتوقف عن شراء المنتجات الأمريكية.
لقد أجبرت ليبيا قبل عدة أشهر فقط، أمريكا نفسها وغيرها على الاعتذار وتقديم التنازلات أمامها، فهذه ليبيا وحدها فلم لا تقوم الدول العربية كلها بعمل ذلك مجتمعة فتؤدب أمريكا قبل الصهاينة.
أرجو أن يشعر القادة العرب أنهم يخسرون كل يوم احترام شعوبهم وتقدير العالم لهم، وأرجو أن يعلموا أن الناس يدوسون الرأس المنخفض ولا يستطيعون الوصول إلى الرؤوس التي في السماء، فهل ستصل رؤوسكم أيها القادة يوماً إلى السماء .

(143)    هل أعجبتك المقالة (147)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي