في اللحظة التي أعلنت فيها إدارة القمر الصناعي المصري النايل سات عن إغلاق قناة الرحمة الفضائية , كان يبث شعار قناة جديدة على تردد آخر باسم قناة نسائم الرحمة وما إن أغلقت قناة الرحمة حتى بدأت مولودتها الجديدة نسائم الرحمة في متابعة المشوار بنفس الكادر ونفس البرامج والتغيير الوحيد كان هو اسم القناة وهي محاولة انقلابية على قرار إدارة النايل سات ومن ورائها المجلس السمعي والبصري الفرنسي الذي نصب نفسه مدافعاً عن إسرائيل التي قض مضجعها الشيخ محمد حسان بخطبه التي تنقلها جميع القنوات الفضائية الإسلامية المتخصصة ,وليس قناة الرحمة وحدها, وان كان قرار الإغلاق جاء على خلفية بث القناة حلقة للداعية د.حازم شومان الذي وصف اليهود بأحفاد القردة والخنازير.
ومحاولة إغلاق قناة الرحمة جاءت عكسية حيث زادت نسبة مشاهديها ونشأت كثير من مجموعات الدعم على الفيس بوك وفي المنتديات ونظمت حملات الكترونية لنشر تردد القناة الجديد .
وأسلوب قناة الرحمة القديم المتجدد في إعادة البث عرفته الصحافة السورية في ثلاثينيات القرن الماضي أيام العثمانيين والفرنسيين وحتى بعد الاستقلال,فقد عانت الصحافة السورية من التعطيل وإغلاق وسحب تراخيص فعمد الصحفيون السوريون إلى إعادة إصدار صحفهم بعد تعطيلها بأسماء جديد وخاصة إذا كان التعطيل دائماً,وفي سجلات الصحافة السورية أمثلة كثيرة كجريدة المقتبس لمحمد كرد علي التي كانت ابرز صحف العشرينات تعرضت للتعطيل كثيراً وصدرت بأسماء (بريد الشرق- القبس ) والأخيرة لنجيب الريس عطلت كثيراً وصدرت باسم القبس الجديد والزمان والقبس العلم ثم عادت إلى القبس, لكن في هذا يبرز اسم الصحفي محمد صبحي عقدة وصراعه مع المسئولين الأتراك ومن بعدهم الفرنسيين فبعد إصداره لجريدة أبو النواس في اللاذقية وهي جريدة ناقدة ساخرة عمد الوالي إلى تعطياها فانبرى صاحبها إلى إعادتها ثانية باسم (عكاز أبو النواس ) عام1912 غير إن هذه الأخرى لم تعمر أيضاً فسرعان ماعطلت فعاود إلى إصدار (أبو نواس الجديد )عام 1913 وحين عمدت السلطة إلى تعطيل هذه أيضا عاود إلى إصدارها في العام نفسه باسم (أبو فراس ) إلى إن عطلت فانتقل إلى دمشق واصدر في العام 1922 جريدة أبو النواس التي لم تعمر طويلاً حيث حلت بدلاً عنها جريدة الحق .....
صراع الإعلام والسلطات حكاية تتكرر في كل زمان ومكان,لكن صوت الحق لاشيء يسكته ومرونة الإعلاميين في ابتكار أساليب للتغلب على التضييق تجعلنا متفائلين في الوصول إلى إعلام حر ونزيه .
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية