اتصل بي بعض الأصدقاء معاتبين وعاتبين على إشارتي إلى مدينتي (الزرقاء) بأنها العجيبة الثامنة من عجائب الزمان. على كل حال، في كل بقاع الدنيا تجد أن الأمم تخلد أسماء محرريها، وأبطالها التاريخيين، وتضع صورهم على عملاتها، وتطلق أسماءهم على معاهد العلم والساحات العامة، ومن قبيل ذلك أن بوليفيا تحمل اسم محررها سيمون بوليفار، وذلك الأمر يسرى على بلدان متقدمة ومتخلفة تسير على نفس المنوال.
ولكن هناك استثناءات، منها واحد يوجد في مدينة العجائب (الزرقاء) حيث يوجد العديد من الشوارع والميادين التي تحمل أسماء فرضها بعض الأشخاص، وبقيت باقية رغم تغير الأسماء عشرات المرات، مثل دوار أبو وجيه في حي الحسين، وشارع المقبرة في حي رمزي، رغم أنه لا يوجد مقبره في المنطقة، وطلعة أبو شاكوش في الغويرية، بل وطلعة الحايك قرب دوار الحاووز، والحايك -رحمه الله- صاحب محل فيديو في المنطقة، وتلك الأسماء راسخة في العقول، وخصوصا عقول سواقي التاكسي والباصات منذ سنوات طويلة، وغير قابلة للتطوير والتغيير.
في مدينة العجائب (الزرقاء) ثبت لي، وبعد أن تأكدت من بعض الخرائط، وخصوصا خرائط الشركات التي تبيع قطع الأراضي, بأنها نشرت في بعض الجرائد المحلية أن هناك دوارا في مدخل مدينة خادم الحرمين يحمل اسم (دوار كلوب باشا أو دوار أبو فارس) وأبو فارس لمن لا يعرفه هو السير كلوب Glubb 1897-1986) Sir John Bagot)،الذي كان جندياً بريطانيا، أصبح ضابطاً في الجيش العربي عام 1930، ثم في عام 1939 خلف فريدريك جيرارد بيك في قيادة الجيش، وبقي في ذلك المنصب حتى يوم الخميس الأول من آذار عام 1956 الذي تقرر فيه إنهاء خدمته، وطرده وترحيله صباح اليوم التالي إلى لندن، ولم يكن في جيبه سوى خمسة دنانير لا غير.
أفعاله كثيرة وغنية عن التعريف، فهو يشير إلى نفسه من خلال كتبه على أنه صاحب إنجازات في تطوير بلادنا، وتشكيل قواتها المسلحة، وصاحب تضحيات ضخمة، فهو بطل معركة القدس وبقية المعارك التى أنشئت (إسرائيل) بعدها، ويعتقد أنه حارب إخوته البريطانيين الذي سلموا معسكراتهم وأسلحتهم الثقيلة وطيرانهم للعصابات الصهيونية، وحاربوا معهم.
أما نحن فنحتفل بيوم طرده على أنه يوم من أيام التحرر من الاستعمار، والتخلص من سيف السيطرة البريطانية على رقابنا، ويسمى عندنا رسميا (يوم تعريب الجيش), وفي نظرنا أيضا أنه نفذ شروط وعد بلفور، وهمش الكفاءات الوطنية عشرات السنوات حتى تاريخ قلعه.
لوكان ذلك الدوار في وسط (تل أبيب) فالأمر طبيعي جدا، وأعتقد جازما بأن اليهود سوف يطوفون حول ذلك الدوار وهم يبكون، ويلهثون له بالدعاء لجزيل عطائه.
لكن أن يكون وسط معسكراتنا، وفي وسط مدينة الزرقاء ، فالأمر من العجائب، ربما المقصود أن نقوم برجم ذلك الدوار وما يمثله، أم ماذا؟.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية