( جلس التوابتي في انتظار شيخ الخفر بمكتبه ،
ما هي إلا لحظات حتى دخل عليه شيخ الخفر )
ـ السلام عليكم .
ـ و عليكم السلام ، أهلا بزعيم كفر البلاص ، حمد الله على السلامة .
ـ الله يسلمك يا توابتي ، بس أنته الله ينور عليك يا توابتي .
ـ و عليك يا زعيم ، و هو أني مهما عملت مش ممكن أبدا أوفي الدين اللي ليك في رقبتي .
ـ لأ بجد ، انته جيت في وقتك ، و أحلى حاجة إنك عالجت الموضوع بسرعة ، و من غير ما حد ياخد باله .
ـ أنا لقيتني بأجري عليكم من غير ما أحس ، و بعدين عاوزني أشوف المجنون ده بيضربك و أعمل إيه يعني ؟ ده تتقطع إيده من بدري ....
ـ و هو انته فكرك إني سكت له ؟ تلاتة بالله العظيم ما لقيت نفسي إلا بأرد له القلم قلمين ....
ـ ما آني شوفتك و أنت نازل فيه دب ، ده كان ها يموت في إيدك .
ـ ليكون فاكر نفسه لسه عمدة زي زمان ؟
ـ قول للزمان ارجع يا زمان ، أصل ده بعيد عنك راجل ما يتمرش فيه الخير ..
ـ تخيل انته بعد كل اللي عملتهوله ده كله يكون ده جزاتي ؟
ـ مش بيقول لك ، آخر خدمة الغز علقة ؟
ـ على رأيك .
ـ بس ده كان ماشي كويس و زي الفل ، نفسي أعرف إيه اللي قلبه القلبة دي كده فجأة ؟
ـ الراجل الأهبل لسه بأقول له إن الشركة خدت الأراضي من أهل البلد عشان يعرفوا يشوفوا شغلهم ، و ده اللوسة جت له ...
ـ مش بأقول لك إتجنن .
ـ قال إيه عاوز الناس ترجع تاني تزرع و تقلع .....
ـ تقلع ؟ أعوذ بالله ، بالذمة ده كلام ناس عاقلين ؟ يعني عاوز الناس بقى تمشي بلابيص في الشارع ؟
( لم يستطع شيخ الخفر منع الضحك الذي سيطر عليه فأطلق له العنان )
ـ إيوه كده اضحك اضحك ، ما حدش واخد منها حاجة ....
ـ ما يقصدش كده ، هو قصده يعني إن الناس ترجع تاني تفلح في أرضها ، قال إيه يقول لي ، طب و عيالنا ها يعملوا إيه بكره لما يكبروا ؟
ـ و إيه اللي دخل عيالنا دلوقتي في الموضوع ؟
ـ آني عارف و هو إحنا مقصرين مع العيال ؟
ـ مقصرين إزاي بس ، ده إحنا مش حارمينهم من أيتها حاجة .
ـ و غير كده ها نسيب لهم شيء و شويات ، ده احنا ها نسيب لهم ملايين متلتلة .....
ـ دول لو قعدوا يصرفوا فيها عمرهم كله مش ها يقدروا يخلصوها .
ـ المهم دلوقتي أنا عاوزك تشدد الحراسة عليه هو و الواد عبد الجبار ...
ـ ده أني حاطط عليهم حراسة تسد عين الشمس ....
ـ و تخليك حابسهم كده لغاية لما نشوف لهم صرفة ، و خلي بالك ، ممنوع أي حد يدخل لهم ...
ـ وحياتك ما هايشوفوا النور تاني ( يهمس ) تحب أخلصك منهم خالص ؟
ـ لأ ، بأقول لك إيه ، بلاش أفكارك اللي تودي في داهية دي .
ـ و لا تودي في داهية و لا حاجة ، دي فكرة و لا تخطر على بال إبليس نفسه .....
ـ أعوذ بالله منك يا شيخ ....
ـ طب بس خد مني ، أصل أنا نشرت الخبر في الكفر ، و الأهالي كلتها عارفين دلوقتي إن العمدة اتجنن .....
ـ حلو كده ....
ـ و إحنا بقى ها نقول إنه من جنانه قام في ليلة و حاول يقتل الواد عبد الجبار ، و الواد عبد الجبار قتله دفاع عن النفس ، و بكده يبقى ضربنا عصفورين بحجر ، خلصنا م العمدة و نعدم الواد عبد الجبار بتهمة قتله .
ـ لأ معلش ، خلي أفكارك دي لنفسك ، المهم عندي دلوقتي إن البلد كلتها تعرف إن إحنا خايفين عليهم م العمدة ، لأنه بقى خطر عليهم .
ـ ما فيش أبسط من كده .
ـ نفسي الناس تنسى العمدة ده خالص ، و ما يبقاش على لسانهم غير شيخ الغفر و بس .
ـ إعتبرهم نسيوه خلاص ....
ـ مش ها ينسوه بسهولة كده ، آني عارف ، عشان كده عاوزك تنشر في البلد إن العمدة كان عاوز يمنع عنهم الراتب و التموين اللي بياخدوه كل شهر ، و إن آني اللي وقفت له ....
ـ ماشي ، و لا يكون عندك فكرة ...
ـ و عاوزك كمان من بداية الشهر الجاي تزود للناس الراتب و التموين اللي بياخدوه ، و لازم الناس كلتها تعرف مين صاحب الفضل عليهم .
ـ ما هو آني عشان كده كنت جاي لك ، و كانت عندي كام فكرة كده كنت عاوز آخد رأيك فيهم .
ـ و ساكت ليه ؟ ما تقول ...
ـ كنت عاوز أسألك سؤال الأول .
ـ اسأل .
ـ هو إحنا أقل من أمريكا أو أوروبا ؟
ـ لأ طبعا ، دول همه ذات نفسيهم يتمنوا يبقوا ربعنا .
ـ طيب ليه بقى بنشتري كل حاجة عندنا بالدولار ؟
ـ أمال عاوزنا نشتري بالجنيه ؟
ـ لأ طبعا ، لكن إيه المانع إننا نعمل لنا عملة خاصة بينا إحنا ؟
ـ ما فيش أيتها مانع .
ـ و ياريت نعملها م الدهب عيار أربعة و عشرين ، و نحط صورتك عليها ، و بكده ها تبقى صورتك مع كل واحد في الكفر .....
ـ الله عليك ، و ها نسميها إيه بقى ؟
ـ الزورار .
ـ زورار ؟
ـ أيوه عشان يناطح الدولار من ناحية ، و م الناحية التانية يدخل أيتها عروة في البلد ......
ـ هههههههههههه .......
ـ مش كده و بس ، لأ ، ده غير صورتك اللي ها نحطها ف كل بيت و ف كل حارة و زقاق ، و ها نحطها كمان على التموين اللي بنديه للأهالي كل شهر ، و ممكن نكتب عليها كمان (منحة شيخ الغفر) تحت صورتك ، و بكده ها يبقى على لسان الناس غير سيرة شيخ الغفر و بس .
ـ الله ينور عليك ، انته دماغك بدأت تجيب زبدة أهي ...
ـ مش بس كده ، ده آني عاوز كمان أعمل شوية حفلات و أخلي العيال اللي بتكتب أغاني تكتب كام أغنية عنك و عن بطولاتك و اللي عملته للكفر ، ده بقى غير المسابقات و الجوايز اللي ها تبقى باسمك طبعا ، و أهي فرصة عشان نمرمغ الناس في العز ، هو الواحد مننا ها يعيش كام مرة يعني ؟
ـ على رأيك ، العمر واحد و الرب واحد ....
ـ مش المجنون اللي بيقول لي خلي الناس ترجع تشتغل تاني ، بالذمة ده كلام برضه ؟
ـ خلاص ، آدي تفويض مني أهوه عشان تكاليف الحاجات دي كلها .
( يأخذ شيخ الخفر إحدى الأوراق من فوق المكتب أمامه و يوقع عليها و يناولها للتوابتي )
ـ و عاوزك برضه تعمل لي جرنان كفر البلاص ، و تنزل فيه أخبار الكفر يوم بيوم ، و طبعا مش ها أوصيك ع اللي ها يتكتب عليا كل يوم ، الناس لازم تعرف أنا بأعمل إيه عشانهم كل يوم ، و برضه عاوز العيال بتوع الإذاعة و التلفزيون بتاع الكفر يتلحلحوا شوية .....
ـ و الله و لا لك عليا حلفان كنت ها أعمل كده ، بس كنت هاخليها لك مفاجأة ، بس انته حرقتها لي .....
ـ مش عارف من غيرك كنت ها أعمل إيه يا توابتي ؟
ـ ده إحنا اللي من غيرك و لا كنا نسوى تلاتة تعريفه ، ربنا يخليك لينا يا كبير كفر البلاص ، ربنا يخليك لينا ......
( صوت طلقات نارية تقطع سكون الليل )
( يتبع )
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية