أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فخري أبو دياب لـ"زمان الوصل": دورنا حماة بالداخل ودعاة بالخارج لحماية القدس

من المؤتمر - زمان الوصل

القدس بين التهويد والتشريد... استمرار سياسة هدم المنازل وعدم منح تراخيص، ومحاولات الترحيل والطرد القسري


عرضت جميعة حماية التراث العثماني في بيت المقدس "مراثنا" خلاصة تقرير القدس السنوي للعام الآزف 2022، مركزة على سياسة هدم المنازل ومنح الرخص للإسرائيليين بهدف طرد الفلسطينيين وترحيلهم قسرياً، عبر تكريس سياسات ما يسمى "دائرة أراضي إسرائيل" و"اللجنة اللوائية للبناء والتنظيم" من خلال ما وصفته الجمعية التركية، بتكثيف وتوسيع بناء المستوطنات ومخططات هيكلية على أراض فلسطينية، لتغييب متعمد للأحياء العربية.

وبيّنت "ميراثنا" خلال مؤتمر صحافي بمدينة إسطنبول قبل يومين، أهداف الاحتلال لخنق التجمعات المقدسية وجعلها تعيش بضائقة سكنية وحرمانها من التمدد والتطور من أجل دفعها للهجرة والعيش خارج القدس. عبر التمييز والعنصرية. والأهداف السياسية بتفريغ المدينة من سكانها الأصليين لإيجاد خلل بالتوازن الديموغرافي لصالح المستوطنين.

وتشير الجمعية التركية إلى استمرار النهج التوسعي الإسرائيلي رغم أن عدد سكان الجزء الشرقي من القدس وصل إلى (395000) يشكلون نسبة (42%) من سكان المدينة بشرطيها الغربي والشرقي، إلا أن (13%) من مساحة المدينة مخصصة فقط للمقدسيين، بفعل سياسات التضييق والخنق.

وتفصّل "ميراثنا" بالاعتماد على التقرير السنوي الذي ساهم بإعداده، مسؤول لجنة الدفاع عن سلوان، الدكتور فخري أبو دياب والباحث في شؤون القدس، الدكتور علي إبراهيم بالتعاون مع الباحث في شؤون المسجد الأقصى الدكتور جمال عمرو. سلوك دولة الاحتلال لإحاطة التجمعات الفلسطينية ومحاصرتها وقطع تواصلها حتى يسهل على المؤسسة الاحتلالية السيطرة الأمنية عليها وفصلها عن محيطها.

إذ توجد 237729 وحدة سكنية بالقدس بشكل عام، منها 57335 للمقدسيين. وحسب المخططات المستقبلية، سيتم زيادة البناء وإضافة (89 ألف) وحدة استيطانية خلال السنوات القادمة،علمًا أن التخطيط المستقبلي لم يتضمن أي وحدات للمقدسيين أو الأحياء العربية.


ويقول عضو الجمعية التركية، نهاد توبجو خلال عرض تقرير واقع القدس خلال عام 2022، إن بلدية الاحتلال لا تقوم بعمل مخططات هيكلية للأحياء العربية، بهدف تقليل عدد المقدسيين، ضمن سياسة ممنهجة ومبرمجة، وتدعي أن أغلب الأراضي والمسطحات إما أراضي خضراء أو أثرية أو للمنافع العامة لا يجوز البناء عليها، ولذلك لا تمنح تراخيص بناء للمقدسيين، رغم الضائقة السكنية، والحاجة الطبيعية للسكان. معتبرة أن نسبة (87%) من أراضي الجزء الشرقي من القدس هي أراضي لا يجوز البناء عليها، وذلك بهدف دفع أهلها للهجرة والبناء والعيش خارجها، وصولًا لتحقيق هدف سلطات الاحتلال بتقليل عدد السكان الفلسطينيين.

ويركز توبجو على نهج تهديم المنازل إذ سلمت بلدية الاحتلال أوامر هدم لأحياء كاملة وبنايات متعددة الطوابق هذا العام، مثل حي وادي ياصول في الجانب الجنوبي الغربي من بلدة سلوان، حيث سلمت أوامر هدم (84) منزلًا في الحي. بينما (12) وحدة سكنية في وادي قدوم بسلوان أوامر هدم أيضا. من جهة أخرى سلمت أوامر هدم لـ(116) منزل في حي البستان و(54) منزل في حي الطور ولم يسلم حي جبل المكبر من أوامر الهدم حيث تم تسليم (241) وحدة سكنية أمر بالهدم.

ليبلغ عدد المنازل المهددة بالهدم بمدينة القدس نحو 22389، أي ما يقارب (124) ألف مقدسي مهددين بهدم منازلهم وتشريدهم نتيجة سياسة الهدم، عدا عن محاولات التذرع بوجود مخالفات بالمنازل وممتلكات المقدسيين، إذ بلغ عدد الملفات التي صدر بحقها مخالفات خلال عام 2022، نحو 810، لتدخل بدوامة الغرامات المالية البالغة 9.850 وليون دولار قبل الانتقال للخطط الأخرى بالإنذار والتفريغ والهدم.

وحول مصادرة الأراضي أشار التقرير السنوي عن مدينة القدس إلى أن 15200 دونم تم مصادرتها أو وضع اليد عليها عام 2022، من قبل بلدية الاحتلال في القدس و"سلطة الطبيعة" و"سلطة الآثار"، و"دائرة أراضي إسرائيل" وبعض الجمعيات الاستيطانية، بهدف إقامة مشاريع استيطانية وتهويدية وشق الطرق، والجسور والأنفاق لتسهيل وسرعة وصول المستوطنين، وربط المستوطنات بعضها ببعض، ومحاصرة السكان الفلسطينيين، وحرمانهم من أراضيهم.

مضيفاً أن الخطر المحدق، يتجلى بالمشاريع التهويدية والانفاق في محيط المسجد الأقصى، إذ وضمن محاولات إسرائيل لتغيير معالم القدس وطمس هويتها واستبدالها بهوية وتاريخ مزيف، تعمل سلطات الاحتلال والجمعيات الاستيطانية على تنفيذ 32 مشروعًا تهويديًا في القدس، وتحديدًا في محيط المسجد الأقصى لحجب الرؤية عنه، ولخنقه بمشاريع تهويدية وإغلاق الأفق في محيطه لإخفاء المعالم والشواهد على هوية القدس العربية والإسلامية، وقد رصدت دولة الاحتلال والجمعيات الاستيطانية مبلغ 52 مليار دولار لتنفيذ مخططاتها التهويدية.

وتسعى المؤسسة الاحتلالية لتنفيذ أكبر مشاريع تهويدية في محيط المسجد الأقصى، من أجل محاصرته وتشويه المعالم والدلائل التي تدلل على هوية القدس العربية والسلامية، ولتغيير التاريخ ومحو الآثار العربية والإسلامية وطمسها، ولتهديد المسجد الاقصى بالحفريات وزعزعة أساساته.


ويشير تقرير واقع القدس خلال عام 2022 إلى أبرز مخططات الاحتلال التهويدية التي عملت عليها جمعية "إلعاد" الاستيطانية على حفر نفقين هذا العام من منطقة مجمع عين سلوان التاريخي جنوب المسجد الأقصى باتجاه باب المغاربة وساحة البراق, ونفق آخر ما زال العمل به من منطقة عين العذراء جنوب شرق الأقصى باتجاه القصور الأموية الملاصقة للسور الجنوبي للمسجد المبارك مما أدى إلى حدوث تشققات
وتصدعات في (57) منزلًا على طول هذه الحفريات نتيجة الحفر أسفل المنازل، وسقوط بعض البلاط قرب باب الحديد أحد أبواب المسجد الأقصى، وأيضًا حدوث تشققات في بعض المنازل والمحال التجارية في شارع السلسلة قرب الأقصى.

وتشكل محاولة فرض وقائع تهويدية وتقسيم المسجد زمانيًا ومكانيًا، واقتطاع جزءًا منه لأداء طقوسهم التلمودية هدفًا وحلمًا استراتيجيًا إسرائيليًا تدعمه كل مؤسسات دولة الاحتلال.

وقد شكل هذا العام منعطفًا خطيرًا بسماح المحاكم الإسرائيلية للمستوطنين بالصلوات العلنية داخل المسجد الأقصى، وشكلت فترة الأعياد اليهودية كابوسًا ووبالًا على المسجد، حيث زادت محاولات المستوطنين من فرض وقائع تهويدية عليه، بالنفخ بالبوق في محيطه والصلوات التلمودية داخل المسجد وأداء طقوس تلمودية ومحاولة إدخال قرابين حيوانية ونباتية إلى داخل ساحات المسجد المبارك، ومحاولة فتح مزيد من الابواب لاقتحاماتهم، وخاصة في فترة الأعياد اليهودية، وفي يوم مايسمى بـ"توحيد القدس"- يوم احتلال الجزء الشرقي من القدس، وفي مناسبات أخرى خاصة بهم.

حيث زاد عدد المقتحمين للمسجد الأقصى عن (48 ألف) مستوطن خلال هذا العام. ومنعت شرطة الاحتلال دائرة الأوقاف الإسلامية من العمل وتنفيذ أعمال الترميم والتصليح داخل المسجد (103) مرات، بالرغم من الحاجة الملحة للتصليح أو الترميم، واعتقلت 24 من عمال الصيانة ورئيس قسم الصيانة داخل الأقصى.

كما اعتقلت شرطة الاحتلال وأبعدت 32 حارسًا وموظفًا من دائرة الأوقاف بالقدس خلال العام، بالإضافة لإصدار 915 قرارًا بالإبعاد عن القدس، والمسجد الأقصى. وأغلقت شرطة الاحتلال أبواب المسجد الأقصى لفترات وساعات معينة وصلت إلى 13 مرة خلال العام الجاري، وقطعت أسلاك وتمديدات مكبرات الصوت في المسجد عدة مرات خلال هذا العام.

ويقول رئيس جميعة "ميراثنا" محمد ديمرجي لـ"زمان الوصل" إن دور الجمعية يقتصر على الإنساني وحماية التراث والحقوق، العربية والإسلامية، ومستمرة بعملها العام المقبل، بعد الاستمرار بهذا الدور منذ 15 سنة "لأننا جميعة خيرية إنسانية" تدعم تعزيز الهوية العربية والإسلامية عبر حماية وإعادة ترميم المعالم الروحية وممتلكات الفلسطينيين و"دعم أهل القدس المرابطين".

وحول هل تكتفي "ميراثنا" بعرض الانتهاكات وسرقة حقوق وتاريخ الفلسطينيين، أم تساهم برفع دعاوى دولية أو تحرض الحكومات على وقف التهويد والسياسة العنصرية، اكتفى ديمرجي بالقول "يقتصر دورنا على الإنساني والعمراني ودعم الفلسطينيين بطرائق كثيرة".

ولكن، سألنا ديمرجي عن الدور التركي بعد عودة دفء للعلاقات التركية الإسرائيلية واستئناف البلديان، في آب/أغسطس العام الجاري، استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة، فأشار إلى أن علاقات بلاده قديمة ومتفاوتة مع إسرائيل "موجودة منذ بديات دولة إسرائيل" ولكنها لم تؤثر يوماً، ولن تؤثر على الدعم الإنساني لإخوتنا الفلسطينيين، وسنستمر خلال العام المقبل.


وتستمر جمعية "ميراثنا" بصفتها أول جمعية تركية مستقلة تقوم بنشاطاتها الإنسانية في القدس، بتلبية أبسط الإحتياجات الإنسانية اللازمة لإستدامة حياة كريمة لأهل القدس بعمل جاهد وبمساهمة المتبرعين والمتطوعين سواء من داخل تركيا أو من خارجها.

حيث قدمت الجمعية لمعونات الغذائية للأسر المستورة في القدس طيلة عام 2022 من خلال توزيع 10.790 طرد غذائي إضافة إلى توزيع دعم نقدي من زكاة الفطر التي قدمها المتبرعون بقيمة 362.500 ليرة تركية على 241 عائلة، إضافة إلى توزيع 2.977.950 ليرة تركية من زكاة أموال أهل الخير على 157 عائلة مقدسية. بجانب توزيع وجبات إفطار صائم لـ9.753 عائلة داخل المسجد الأقصى وخارجه.

من جهته، يقول عضو هيئة أمناء الأقصى ومسؤول لجنة الدفاع عن سلوان، فخري أبو دياب لـ"زمان الوصل" بواقع تبدل المواقف الإقليمية والدولية وما نراه، للأسف من هرولة وتطبيع مع دولة الاحتلال، نركز على دورنا بالداخل، كحماة لحقوق الشعب والملكيات وصون التاريخ من التزوير والتضليل، وبالخارج نحاول الاستمرار بنهج الدعاة لنصرة القدس، متمنياً أن تأخذ الأقوال الدولية بدعم الفلسطينيين وحقوق المقدسيين، طريقها للأفعال، لأن ما يجري ويحضر له بالنسبة للمدينة المقدسة "خطر جداً".

وحول إمكانية تقديم تركيا الدعم والأفعال، خاصة بعد التقارب مع إسرائيل، يضيف أبو دياب إن أنقرة، وبحكم وزنها السياسي والاقتصادي وموقعها الجغرافي، يمكنها وعبر علاقتها مع "إسرائيل" والدول العربية الكبرى، ممارسة مزيد من الضغط "إن وجدت النوايا وهي موجودة ونلمس أفعالا تركية وإن بحدود معينة".

ويختم عضو هيئة أمناء المسجد الأقصى "لن تستطيع تركيا تجاوز الخطوط الحمر مع دولة الاحتلال، لأن "إسرائيل"، وهذا واقع، تنظر لدول المنطقة بنظرة فوقية، وتحاول على الدوام وبطرائق كثيرة، تطويع الدول والأنظمة لمصالحها وأهدافها".

عدنان عبد الرزاق - زمان الوصل
(106)    هل أعجبتك المقالة (83)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي