 
					
( وقفت جموع الخدم أمام المستشفى ينتظرون خروج العمدة ، 
كل منهم يحمل لافتة مكتوب عليها عبارات الترحيب و السعادة بعودة العمدة سالما ، 
اصطف الجنود بجوار بعضهم البعض أمام الخدم لمنعهم من التقدم ، 
أمام باب المستشفى وقفت عربة عسكرية مكشوفة ، 
يقودها أحد الجنود من ذوي البشرة البيضاء و الشعر الأصفر ، 
يخرج العمدة من باب المستشفى بصحبة شيخ الخفر ، يسير خلفهما التوابتي و عبد الجبار ، 
بمجرد خروج العمدة من باب المستشفى بدأ الخدم يصفقون و يرددون الهتافات ) 
ـ حمد الله ع السلامة ، حمد الله ع السلامة . 
( تفاجأ العمدة بالمشهد ) 
ـ إيه ده يا شيخ الغفر ؟ 
ـ خير يا عمدة ؟ 
ـ مين دول ؟ 
ـ دول الخدم اللي الأهالي جايبنهم من بلاد بره يخدموهم . 
ـ أمال فين أهل البلد ؟ 
ـ أكيد ها نلاقيهم واقفين في شوارع البلد مستنين الموكب بتاعك ... 
ـ موكب إيه ؟ 
ـ ما هو أنا محضر لك العربية المكشوفة دي عشان نركبها و نمشي بيها في الكفر و أهي فرصة نطمن الناس عليك قبل ما تروح . 
ـ كفر إيه ؟ هي فين الكفر ؟ 
ـ أهي قدامك أهي ... 
ـ فين البيوت ؟ 
ـ ******ه ، لا ما هو احنا هدينا البيوت القديمة كلها ، و الشركة بنت لكل واحد قصر زي ما انته شايف كده . 
ـ اللهم صلي ع النبي ، القصور دي كلها بتاع أهل البلد ؟ 
ـ أيوة أمال إيه ؟ مش أنا قلت لك مش ها تصدق التغيير اللي حصل للبلد ، يلا بينا نركب و ها تشوف بنفسك . 
ـ أركب ؟ 
ـ إيوة ، أمال يعني ها نمشي على رجلينا ؟ البلد ما عدتش صغيرة زي الأول ، و الدكاترة منبهين إنك لسه ما تقدرش تمشي على رجليك مشوار كبير زي ده . 
ـ طيب ، لما نشوف أخرتها . 
( يركب العمدة العربة المكشوفة ، و يركب شيخ الخفر إلى جواره ، تسير بهم العربة ، و يركب التوابتي و عبد الجبار عربة أخرى تسير خلفهم ، يزداد تصفيق و هتاف الخدم ، ينظر العمدة يمينا و يسارا مستغربا ) 
ـ أمال فين الأراضي الزراعية يا شيخ الغفر ؟ 
ـ أراضي إيه بقى ، ما كان زمان و جبر . 
ـ يعني إيه كان زمان و جبر ؟ 
ـ يعني الشركة خدت الأراضي زي ما قلت لك المرة اللي فاتت . 
ـ و أهالي البلد عايشين إزاي ؟ بياكلوا و يشربوا منين ؟ 
ـ شايف القصر الأزرق اللي هناك ده ؟ 
ـ ماله ؟ 
ـ ما هو ده بقى السوق اللي بيبيعوا فيه الأكل و الشرب و الذي منه ، يعني تلاقي فيه جميع أصناف الفاكهة و الخضار و السمك و اللحمة و الرز و العيش و كل اللي قلبك يحبه ، و كله بنجيبه من بلاد بره ، و طازة ف طازة يوم بيومه ، ها تلاقي فيه بقى إشي خص استرالي و جرجير هندي و تفاح أمريكاني ، ده غير الهدوم و الشامبو و الألعاب ، و التليفزيونات ، و الموبايلات ، و أقولك إيه بس و إلا إيه ، عاوز لك على الأقل تلف فيه تلات سنين لما تجيب آخره ...... 
ـ طب و الناس ها تشتري الحاجات دي كلها إزاي ؟ 
ـ ما هي الشركة الله يعمر بيتها بتدي لكل فلاح فيهم راتب خمس تلاف جنيه في الشهر ، مقابل إن الشركة تاخد كل أراضي البلد و يحفروا و يدوروا فيها ع البترول براحتهم . 
ـ عاوز تقول إن الشركة بورت الأراضي الزراعية كلها ؟ 
ـ أمال يعني الشركة ها تتحرك إزاي ؟ بالحمير ؟ دول عندهم معدات كبيرة قوي عشان يحفروا و يدوروا ع البترول ، و لازم طبعا تساوي الأراضي كلتها ببعضيها عشان يعرفوا يتحركوا بالمعدات الكبيرة دي ، و بعدين همه الفلاحين عاوزين إيه أكتر من كده ؟ 
ـ و أهل البلد بقى قاعدين من غير شغلة و لا مشغلة ؟ 
ـ و يشتغلوا ليه و إلا يتعبوا نفسهم ليه بقى يا عمدة ؟ هو إحنا مخلينهم محتاجين أيتها حاجة ؟ ده إحنا كمان بنديهم تموين كل أول شهر ، من زيت و سكر و دقيق و الذي منه ، ده إحنا منغنغينهم ع الآخر ...... 
ـ إيوة ، بس برضه الإيد البطالة نجسة ... 
ـ نجسة لما تبقى إيد بطالة و مش لاقية تاكل و تشرب و تلبس ، أكيد في الحالة دي ها تسرق و تنهب ، لكن إحنا مش مخليين في نفسهم حاجة ، ده احنا ممرمغينهم في العز مرمغة .... 
ـ إنته ممرمغهم في العز دلوقتي ، النهاردة ، طب و بكرة ها نعمل إيه ؟ 
ـ بكرة ، ها نمرمغهم تاني و تالت و رابع و هالمه جرة ..... 
ـ و البترول ده ، مش ها يجي له يوم و يخلص ، و إلا ها يفضل كده على طول ؟ 
ـ يخلص إيه ؟ بأقولك بيـــــــر ، بير ما لوش قرار . 
ـ حتى لو بير برضه لازم يجي يوم و يخلص .... 
ـ عيشني و نغنغني انته النهاردة و موتني بكرة ..... 
ـ يا سلام ، يعني كل اللي يهمك نفسك و بس ؟ طب ما سألتش نفسك ، ابني و ابنك ها يعملوا إيه بكرة ؟ 
ـ و هوه إحنا مخليين في نفسهم حاجة ، ده إحنا فاتحينها لهم ع البحرى . 
ـ برضه ما فيش فايدة ، ما بتبصش إلا تحت رجليك ، أنا قصدي العيال دي بكرة لما تكبر و البترول يخلص ، ها يعملوا إيه يا فالح بعد ما بورتوا لهم الأرض . 
ـ ليهم رب بقى يا عمدة ، و همه يعني اللي قبلينا عملوا لنا إيه ؟ 
ـ لا ، اللي قبلينا عملوا لنا و نص ، كفاية انهم حافظوا لنا على أرض جدودهم و راعوها لغاية لما وصلت لينا ، و إحنا المفروض برضه نحافظ عليها لغاية لما نسيبها لولادنا . 
( يصرخ شيخ الخفر ) 
ـ يعني انته عاوزنا نسيب العز ده كله عشان كلام فارغ ؟ 
ـ كلام فارغ ؟ ما تحترم نفسك يا بهيم .... 
ـ بهيم عشان عاوز أريح الناس م التعب و الشقى ؟ 
ـ أيوة بهيم ، و شكلك اتجننت خلاص .... 
ـ أني برضه إلا اتجننت ؟ و إلا أنته اللي كبرت و خرفت ؟ 
( عندها يلطم العمدة شيخ الخفر على وجهه ، و يصرخ ) 
ـ جن لما يجنك يا كلب .......... 
( عندها يرد شيخ الخفر اللطمة للعمدة ، و يصرخ في وجهه ) 
ـ إنته اللي ستين كلب ، ما عاش و لا كان اللي يضرب زعيم كفر البلاص ، تلاتة بالله العظيم أدفنك هنا و لا حد يدرى عنك ، انته فاكر إنك لسه عمدة و إلا إيه ؟ لأ خلااااص ، فــــــــوق ، شوف انته بتكلم ميــــــــــــــــن .... 
ـ انته بتضربني يا ابن هنومة الهبلة ؟ 
( يمسك كل من العمدة و شيخ الخفر بخناق الآخر ، يتعالى صياحهم ، تتوقف العربات ، داخل العربة الأخرى يرفع التوابتي مسدسه في وجه عبد الجبار ، يصرخ في قائد العربة ) 
ـ اقبض على الراجل ده بسرعة و إياك يفلت منك .... 
( ينزل التوابتي من السيارة ، يغلق الباب بعنف ) 
ـ اطلع بيه على السجن بسرعة ...... 
( يضغط قائد العربة على الأزرار فتغلق أبواب العربة أوتوماتيكيا ، يتجه التوابتي إلى العربة التي يركب فيها العمدة ، يرفع سلاحه في وجهه ، يصرخ ) 
ـ اقبضوا على المجنون ده بسرعة ، ده عاوز يقتل الزعيم . 
( يشير إلى العمدة ، عندها يتجمع الجنود من ذوي البشرة البيضاء حول السيارة ، يرفعون مدافعهم في وجه العمدة ، يفتح التوابتي الباب من ناحية شيخ الخفر ، يجذبه بقوة خارج العربة ، يصرخ ) 
ـ اطلعوا بالمجنون ده بسرعة على السجن . 
( يحيط الجنود بالعمدة ، يصعدون على جوانب العربة ، تنطلق العربة بسرعة ، يشير التوابتي إلى عربة ثالثة ، يدفع شيخ الخفر بداخلها ، يصرخ ) 
ـ ادخل جنابك بسرعة ... 
( يدخل شيخ الخفر و يدخل معه التوابتي ، يصرخ في قائد العربة ) 
ـ اطلع وراهم بسرعة ع السجن ... 
( تنطلق العربات بسرعة البرق ، تطلق أبواق التنبيه ، تخترق الشوارع ، حتى تصل إلى مبنى منعزل بأطراف القرية ، تتوقف هناك ، 
ينزل شيخ الخفر و التوابتي ، بينما يحمل الجنود العمدة و عبد الجبار إلى الداخل ) 
( يتبع ) 
 
					
				 
						
 
									 
									 
									 
									 
									 
									 
								 
								 
								 
								 
								 
								 
								 
								
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية