أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أحرقوا إيران ولتحيا إسرائيل ... محمد الأنصاري

من كبرى المصائب التي حلت بالأمة العربية هي الغمامة الإعلامية التي تشكلها تصريحات المسؤولين العرب المطبعين مع إسرائيل سرا لأن المطبعين المعلنين مع العدو هم أكثر ولاء لأوطانهم ولشعوبهم ، على الرغم من سيئاتهم، من أولئك الذين يستضيفون لاعبات التنس والوزراء والفنانين والمخابراتيين الإسرائيليين ومن الذين يصافحون صدفة مسؤولي إسرائيل ويوجهون الدعوات صدفة إلى مسؤولي إسرائيل للمشاركة في حفلاتهم ثم يخرجون علينا بنظريات العداء الواجب لإيران قبل وجوبه لإسرائيل .
هذه التصريحات التي تمر على قنوات عربية فضائية بتبجيل ودون نقاش جدي يضعها موضع التشريح والبحث ليست فقط حالة من حالات الإغماء الفكري بل هي سرطان يضرب المصالح العربية في كل بلد عربي يتبنى شعار العداء لإيران والصلح مع إسرائيل وهو الشعار الذي رفعه قادة العدو حين طرح شمعون بيريز نظريته عن الحلف الإسرائيلي العربي في مواجهة إيران .
هذه النظرية للأسف لم تتبناها الولايات المتحدة الأميركية فقط بل هي فرضتها - وبسهولة - على المشاريع الآنية والمستقبلية للمطبعين العرب ، فحلت أدبيات العداء لإيران محل التغطية الواجبة الطبيعية لجرائم العدو بحق الشعب الفلسطيني، هكذا أصبحنا نرى في نشرات الأخبار العربية مسؤولي إسرائيل وخف ظهور المسؤولين الإيرانيين ، وصرنا نبدأ النشرات الإخبارية بالبحث عن حقوق الشعوب الإيرانية ونسينا البحث في حقوق الشعب الفلسطيني المظلوم ، ولو رصدنا معظم القنوات العربية الرسمية لوجدناها وقد سقطت في فخ أميركي صهيوني عنوانه التدخل الإيراني في الشؤون العربية في مقابل التغييب الكامل للمشاريع العدوانية اليومية الإسرائيلية لا ضد الفلسطينيين فقط بل ضد العرب والمسلمين في كل مكان بدءا من نيل مصر الذي تقود دولة الكيان الصهيوني حربا سرية للسيطرة على منابعه بواسطة علاقاتها ونفوذها في دول المنبع وفي دول العبور النهري الإفريقية .
لإيران خلافات حدودية مع عدد من الدول العربية وواجب كل عربي دعم تلك الدول في مواجهة إيران ، ولإيران يمكن توجيه الكثير من اللوم على تدخلاتها في الشؤون الداخلية لبلاد عربية عديدة، ولكن إيران ليست عدوا وجوديا لنا كما تريد الصهيونية وأميركا تصويرها لأجيالنا القادمة حتى يبرروا للمستسلمين العرب تساهلهم في حل قضية فلسطين على حساب الحقوق العربية ، فمهما كان الخطر الإيراني كبيرا إلا أن مواجهته لا تقتضي منا إلى الطلب من الأميركيين الإنسحاب من بلادنا ومن شواطئنا ومرافئنا ومن قصورنا الملكية والرئاسية، عندها لن تخشى إيران حل قضايا خلافية مثل جزيرة هنا وجزيرة هناك لأنها ستعرف حينها بأن تلك الجزر لن تتحول كما بعض الدول العربية إلى موطيء قدم للأميركيين الطامعين في كسر إيران عقابا لها على تبنيها للقضايا العربية المحقة وأولها قضية فلسطين.
من هناك يمكن الدخول إلى محاولة لفهم التعنت العربي الغير مقبول في مسألة هامة وهي قضية إستبدال بث قناة العالم الإخبارية على الأقمار العربية ببث مشبوه لقناة إسرائيلية ...
إدخال الإسرائيليين إلى بيوتنا بحجة العرب الفلسطينيين في الداخل هي حجة ساقطة لأن أهلنا في الداخل هم أول من إستنكر بث تلك القناة الإسرائيلية عبر قمر نايل سات العربي ، وهذا أول الغيض وتاليه بث القنوات الإخبارية الإسرائيلية عبر الأقمار العربية بحجة التبادل الإعلامي المتفق عليه في إتفاقيات السلام ، فهل بدأ نا في عصر إستبدال العداء لإسرائيل مغتصبة فلسطين وقاتلة العرب بالعداء لإيران ؟
وهل قطع بث قناة العالم الإخبارية الإيرانية تم للحفاظ على المصالح العربية أم للحفاظ على مصالح إسرائيل ؟؟
إن مراقبة القناة الإيرانية الإخبارية بشكل مستمر تظهر التالي :
حتى ما قبل قطع بث القناة من قبل إدارة الأقمار العربية للبث التلفزيوني الفضائي لم تتعرض تلك القناة لأي مسؤول عربي ولم تقدم ما يمكن وضعه في خانة التحريض إلا على العدو الصهيوني وعلى إحتلاله، وعلى الرغم من سوء العلاقات العربية مع إيران أحيانا إلا أن القناة الإخبارية الإيرانية (العالم ) لم تتورط أبدا في مسائل لها علاقة بالصراعات العربية العربية ، لا بل يعرف كل مشاهد منصف بأن قناة العالم الإخبارية قدمت نفسها وبرامجها بهدف وحيد هو دعم الشعب الفلسطيني وهي تحولت منذ أول يوم على إنطلاقتها إلى صوت المقاومة الفلسطينية في الفضاء الإعلامي ، علما بأن قطع بث قناة المنار اللبنانية عن الأقمار الدولية جعل من قناة العالم الوسيلة الإعلامية الوحيدة للمغتربين في اميركا وأوروبا وأستراليا التي يستقون منها أخبار المقاومة وأخبار الإجرام الصهيوني دون إضافات تجميلية تلجأ إليها قنوات عربية كثيرة لتخفيف وطأة الأحداث على الشعب العربي وسعيا لتهوين التهاون العربي مع إسرائيل في نفوس المشاهدين العرب ...يريدون لنا أن نصرح اليوم فلتحيا إسرائيل ولتحترق إيران ...فقط لأن إيران لها موقف عدائي من إسرائيل لا لشيء آخر .

كاتب مصري
(108)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي