شكر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الرئيس بشار الأسد والرئيسين السنغالي عبد اللـه واد والبرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا على «دورهم الفاعل» في الإفراج عن الشابة الفرنسية كلوتيد ريس التي استقبلها ساركوزي في الإليزيه بمجرد وصولها إلى باريس بعد احتجازها عشرة أشهر في طهران. فالجامعية الفرنسية احتجزت لمشاركتها في التظاهرات التي أعقبت الانتخابات الإيرانية الرئاسية، وتم اعتقالها في تموز الماضي بتهمة «الإساءة إلى الأمن القومي» وخصوصاً لجمعها صوراً ومعلومات أثناء تظاهرات في أصفهان يومي 15 و17 حزيران، وصدر بحقها حكمان بالسجن خمس سنوات، وتم تحويل الحكمين إلى غرامة، بقيمة 300 مليون طومان (285 ألف دولار)، وغادرت طهران أمس بعد دفع الغرامة.
وأكدت مصادر فرنسية دبلوماسية رفيعة المستوى أن سورية كانت أول من دخل على خط الوساطة من أجل الإفراج عن ريس، وقالت: إن دور الرئيس الأسد إثر زيارته إلى إيران كان «حاسماً» في حل «العقدة الأولى» والإفراج عن الشابة بكفالة في 16 آب مع تقييد إقامتها في السفارة الفرنسية في طهران إلى حين محاكمتها، وشكرت باريس حينها دمشق على دورها. وذكرت المصادر أن دمشق «عملت بجد خلال عشرة أشهر من أجل حل قضية ريس»، وأوضحت أن الاتصالات كانت تتم بشكل خاص مع الرئيس الأسد ومستشارته بثينة شعبان ووزير الخارجية وليد المعلم. ونوهت المصادر بأن تركيا والسنغال والبرازيل دخلت على خط الوساطة فيما بعد، ولعبت دوراً في إقناع السلطات الإيرانية بإنهاء قضية الشابة الجامعية التي أمضت فترة الإقامة الجبرية بتعلم اللغة العربية وهي تتقن الفارسية.
وقالت مصادر أخرى مشابهة لـ«الوطن» إن أحد أهم عوامل إطلاق رايس هو العلاقة التي تعمقت بين الرئاستين السورية والفرنسية، والتي سمحت بالكثير من التشاور السياسي بين الجانبين بعيداً من الأضواء، وبما يخدم تدعيم الاستقرار في المنطقة.
وقالت المصادر إن دور دمشق كان أساسياً في تحريك هذا المسار نحو نتيجته النهائية المرضية لكل الأطراف. وهذه هي المرة الثانية التي تلعب دمشق دوراً محركاً بين إيران والغرب على الأقل على المستوى العلني المعروف، حيث ساهم «دور سوري البناء» في إطلاق سراح أربعة بحارة بريطانيين احتجزهم الحرس الثوري الإيراني بتهمة دخول المجال البحري لإيران العام الماضي.
إلا أن الأكثر أهمية في تداول الطرفين هو الملف النووي الإيراني الذي تلعب فيه أنقرة دوراً مهماً أيضاً، ودخل على الخط العامل البرازيلي أيضاً.
وشهدت الساحة السورية لقاءات مغلقة محصنة بالسرية وعلى مستويات عالية بين الجانبين الفرنسي والإيراني بناء على رغبة من باريس، جسدتها دمشق باستضافة الحوار المفتوح بين الجانبين على أعلى المستويات الدبلوماسية، التي بقيت في إطارها الهاتفي حتى يوم أمس الأول.
ونفت باريس وطهران أمس وجود «مساومة» أو مقايضة بين الشابة الفرنسية وإيرانيين اثنين محتجزين في فرنسا. إذ تأتي عودتها بعد أن رفض القضاء الفرنسي طلباً أميركياً بتسليم المهندس الإيراني ماجد كاكاوند الذي تقول واشنطن إنه متهم بشراء معدات الكترونية بشكل غير مشروع لاستخدام مزدوج (مدني وعسكري) واعتقل في مطار رواسي الباريسي في آذار 2009. كما من المقرر أن ينظر القضاء الفرنسي غداً الثلاثاء في إمكانية الإفراج عن علي وكيلي راد المتهم بقتل آخر رئيس وزراء في عهد الشاه شهبور بختيار، المحكوم بالمؤبد في فرنسا منذ عام 1994. وتحدثت باريس عن «مصادفة قضائية»، فقال وزير الخارجية برنار كوشنير لإذاعة «راديو جي»: ببساطة لم يكن هناك أي مقابل، أي مساومة (...) وتوالي هذه القرارات القضائية، في فرنسا لا يؤثر على قرارات القضاة، لا علاقة له بأي مساومة محتملة، أي مساومة مزعومة. وبدوره رفض المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، رامين مهمانبرست، فكرة أن تكون هناك علاقة بين الإفراج عن ريس والإفراج عن المهندس الإيراني. إلا أن المعارضة الفرنسية الاشتراكية طالبت الحكومة «بتفسيرات»، ما يشكل بداية جدل فرنسي داخلي حول ملابسات الإفراج عن ريس.
فرنسا: دور سورية كان «حاسماً» في إخراج ريس من السجن

الوطن
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية