تحدث المعتقل السابق أحمد نضال ناصر عن معاناته الكبيرة في أقبية مخابرات نظام الأسد وسجونه وتعرضه لمختلف صنوف التعذيب على يد عناصر وضباط النظام.
وقال ناصر وهو من الطائفة الإسماعيلية في مدينة السلمية بريف حماة الشرقي في لقاء خاص مع صحيفة "زمان الوصل" إنه تعرض للاعتقال خمس مرات لمشاركته في الحراك الثورة بتكسير صور بشار الأسد وبخ شعارات مناهضة للأسد على الجدران.
وأضاف ناصر أنه سعى مع مجموعة كبيرة من رفاقه الثائرين ضد نظام الأسد إلى نشر الفكر الثوري في منطقة السلمية وتشجيع الشباب على المشاركة في المظاهرات بالتزامن مع انتفاضة أهالي السلمية في 24 من آذار عام 2011.
إصابته في كمين بمدينة الرستن
وروى أحمد أنه وقع مع باقي رفاقه في كمين نصبه لهم جيش النظام في مدينة الرستن ورؤيته لعناصر النظام يقومون بتصفية رفيقه "موسى الديك".
واضطر المعتقل السابق حينها لإبلاغ الضباط في جيش النظام أنهم كانوا مخطوفين من قبل المجموعات الإرهابية لكونهم من الطائفة العلوية، حيث لم يجدوا غير هذه الطريقة لكسب حياتهم.
وأشار أحمد إلى استنفار العناصر والضباط داخل الكتيبة محاولين إسعاف المصابين واستشارة أطباء لإنقاذ حياتهم بعد أن أخبروهم بأنهم من "العلويين".
وجرى نقل أحمد ناصر ورفاقه إلى مطار حماة العسكري وذلك عبر طائرة مروحية أتت بالطعام إلى عناصر وضباط الكتيبة المحاصرة آنذاك وفق أحمد.
وتابع المعتقل السابق أن عدداً من ضباط جيش النظام وجميعهم يحملون رتباً عالية كانوا في استقبالهم في مطار حماة العسكري.
وأثار أحمد ناصر شكوك ضباط النظام في المطار عندما رفض الخروج على قنوات التلفزيون الرسمي والترويج لرواية النظام ومزاعم بطولات عناصر وضباط جيشه وادعاء إنقاذهم من أيدي الإرهابيين.
ولم تكتمل خطة أحمد بإيهام عناصر وضباط النظام أنه خُطف وعُذب لأنه ينتمي إلى الطائفة العلوية إذ اعترف أحد أصدقائه أثناء التحقيق معه وبينما هو في غرفة العمليات تحت تأثير التخدير.
كما لفت المعتقل السابق والمصاب بيده اليسرى إلى المعاملة الجيدة من قبل عناصر وضباط النظام والتي سبقت اكتشاف أمره بعد استيقاظه من التخدير في غرفة العمليات حيث انهالوا عليه ضرباً قائلين: "إنه خائن".
وتبدّلت معاملة عناصر وضباط النظام للمعتقل السابق أحمد ناصر فتعرض لكل صنوف التعذيب والتنكيل داخل سجن حمص المركزي من "شبح" وضرب بـ"بواري بلاستيك" وفي كل مكان من جسده الذي كان مستسلماً للتخدير.
وعلى عكس ما كان يعتقد، فلم يشفع انتماء أحمد إلى الطائفة الإسماعيلية بل طاله تعذيب أكبر وضرب لمدة أطول وخاصة بعملية "شبحه من يد واحدة".
وأوضح المعتقل السابق ممارسات عناصر وضباط الأسد بحقه بدءاً من الضرب والركل بالأقدام مروراً بسكب "الزيت المغلي" على جسده وتعذيبه الوحشي بكل الأساليب.
وأردف المعتقل السابق أن عناصر وضباط النظام كانوا يتهمونه ورفاقه بخيانة بشار الأسد وعلي وأهل البيت بسبب وقوفه إلى جانب الثورة السورية منذ انطلاقتها عام 2011.
وحشية الأطباء في سجن مشفى حمص العسكري
كما كشف أحمد ناصر عن الممارسات الفظيعة التي ارتكبت بحق مدنيين خرجوا ضد نظام الأسد منهم شخص قطع أحد الأطباء قدمه لا لشيء فقط لأنه هرب أمام الأمن في إحدى المظاهرات بينما قطع ذلك الطبيب يد مدني آخر لأنه رمى سيارة الأمن بالحجارة.
وذكر أحمد ناصر أن الطبيب داخل سجن مشفى حمص العسكري قال حرفياً للمدني الثائر بعد قطع قدمه: "هاي لتحرّم وتكون عبرة لكل الناس مشان ما يهربوا قدام الأمن ويسلموا حالهن".
معاناته في فرع الأمن العسكري بحماة
ولم تتوقف معاناة السجين السابق أحمد بعد نقله من سجن مشفى حمص العسكري إلى فرع الأمن العسكري بحماة حيث زادت أساليب التعذيب والتفنن بإذلاله وباقي المساجين داخل المعتقل الذي يبلغ طوله ما بين 25 إلى 30 متراً وبعرض لا يتجاوز الـ10 أمتار حسبما أفاد لصحيفة زمان الوصل.
وبحسب السجين السابق، فإن المعتقل عبارة عن "زنازين منفردة" بحدود المتر الواحد يضعون فيها من 4 إلى خمسة سجناء عدا عن تكديس السجناء فوق بعضهم وفي الممرات التي تضيق ذرعاً بالبشر الأبرياء.
وفيات يومية لمعتقلين إثر الأمراض والتعذيب
وبيّن السجين الذي كان شاهداً على ممارسات عناصر الأسد وضباطه في الأقبية الأمنية ومعتقلات التعذيب أن هناك وفيات بشكل يومي وبحدود 7-10 مدنيين لأسباب متعددة أبرزها التعذيب والضرب القاسي بالإضافة لأمراض الربو ونقص التغذية وعدم وجود النظافة.
ونوه المعتقل السابق إلى المشاهد المؤلمة التي تعرض لها مع باقي السجناء داخل معتقل الأمن العسكري بحماة التي بدأت بالضرب والتعذيب ولم تنته بالحرق بالزيت المغلي والشبح من يد واحدة مشيراً لإصابة معظم السجناء بمرض شلل الأطراف جراء عملية "الشبح" التي يداوم عليها عناصر النظام ومجرموه داخل السجون.
انتشار جرثومة "الملتحمة" بين السجناء
وتطرق أحمد ناصر الذي تعرض للتعذيب بسبب موقفه المناهض لنظام الأسد إلى انتشار العديد من الأمراض بين السجناء بسبب كثرة عددهم في الزنزانة الواحدة وضيق المكان وإهمال النظافة.
وأكمل أحمد أن جرثومة تدعى "الملتحمة" انتشرت بين السجناء داخل المعتقل الذي يضم العشرات من المدنيين الأبرياء الذين انتفضوا ضد الأسد.
ووفق أحمد ناصر، فقد توفي العديد من السجناء إثر هذه الجرثومة وأمراض أخرى مثل الربو والاختناق الذي أصاب البعض.
سجن البالونة والتحويل على القضاء
اقتيد أحمد ناصر وعدد من المعتقلين إلى سجن البالوني الواقع بحي باب تدمر قرب فرع المخابرات العسكرية بمدينة حمص وهو المعتقل سيء الصيت بالإجرام وفنون التعذيب.
وأمضى أحمد أسابيع عدة داخل المعتقل الذي يغص بمجرمي الحرب الذين يمارسون أبشع الأعمال بحق مدنيين ذنبهم الوحيد أنهم وقفوا بوجه الطاغية وقالوا لا لبشار الأسد.
وبعد انقضاء مدة على تعذيب أحمد واعتقاله في سجن البالوني تم تحويله إلى القضاء الذي لم يستطع إدانته بأي قضية لأن شبيحة كتيبة الديرفول قامت بسرقة سلاحه وسلاح رفاقه بعض قتلهم جميعاً.
اعتناق الإسلام والحياة بكرامة
عاد أحمد ناصر إلى مدينته السلمية بعد خروجه من السجن لكن الأهل لم يتقبلوا ابنهم العائد من الموت ببالدين الإسلامي فأصبح منبوذاً بين أهله ومجتمعه.
وأجبر أحمد على الهجرة من مدينته قاصداً مدينة إدلب قبل أن ينزح منها أيضاً إثر اقتتال الفصائل المعارضة عام 2016 وليستقر في ريف حلب الشرقي حتى اليوم.
أحمد تعرف على فتاة نازحة يتيمة الأبوين فتزوجها وعاشا حياتهما في قرية تل حجر بريف حلب الشرقي وما زال يعتمد على نفسه ويعمل ببيع الخضار ليعيش حياته الجديدة.
يشار إلى أن سجن البالوني، أو "السجن العسكري الثالث"، الواقع بمدينة حمص كان مركز إيداع مؤقت للمعتقلين العسكريين المتخلفين أو الفارين من الخدمة العسكرية، قبل تقديمهم للمحاكمة العسكرية.
ويتكون السجن من 3 طوابق؛ العلوي لإدارة السجن وهو ظاهر للعيان فيما يوجد طابقين تحت الأرض تم تخصيصهما للمعتقلين.
ويضم الطابقان السفليان من المعتقل 12 جناحاً لكل طابق ستة أجنحة عدا عن تخصيص جناحين للمعتقلين الأمنيين المحولين من صيدنايا وتدمر ولمن هم تحت السن القانونية من المعتقلين الأمنيين وفي كل مهجع 120 معتقلاً على الأقل.
تصوير: جمعة علي - تحرير: صهيب الإبراهيم- زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية