تضيء اليوم صحيفة "فلسطين" شمعتها الرابعة، بعد مرور ثلاثة أعوام على انطلاقتها في الثالث من مايو/ أيار 2007 كأول دورية يومية سياسية شاملة تصدر من قطاع غزة، مبرهنة على قدرتها الكبيرة على تجاوز العقبات التي اعترضت طريقها، وعلى المضي قدماً في الدفاع عن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ومؤكدة عزمها على مواصلة دورها في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في وجه أعتى محاولات ترويضه وثنيه عن مواصلة مقاومته ضد العدوان والاحتلال الصهيوني، تاركة بصمات إيجابية واضحة على الوعي الجمعي الفلسطيني، الذي أصبح أكثر من أي وقت مضى محيطاً بأبعاد الصراع العربي - الصهيوني وتداعياته.
جاءت الانطلاقة الأولى لصحيفة "فلسطين" في مرحلة خطيرة في تاريخ القضية الفلسطينية، وهي مرحلة تضييق الخناق على الشعب الفلسطيني ودفعه للاستسلام والاعتراف بما يسمى (إسرائيل)، والتنازل عن ثوابته وحقوقه، وعلى رأسها حقه في مقاومة العدو الصهيوني المستحل لحقوقه وأرضه، وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي هجرهم منها العدو الصهيوني، وحق الشعب الفلسطيني في حياة كريمة يقرر فيها مصيره السياسي على أرضه فلسطين.
فجادت الصحيفة بعطائها ووفائها، عبر إتاحة صفحاتها المطبوعة وموقعها الإلكتروني منابر للأقلام الحرة والشريفة، من كل الاتجاهات والتيارات، التي لم تتوان لحظة واحدة في تنوير الشعب الفلسطيني، والتصدي لثقافة الهزيمة والاستسلام، وتعزيز ثقافة المقاومة والممانعة، والتأكيد على أن فلسطين هي أرض العرب والمسلمين، من بحرها إلى نهرها، دون تنازل أو تفريط.
ومن هنا جاء اسم الصحيفة "فلسطين"، ليس صدفة، وإنما جاء بقصد وعن تخطيط وحسن تدبير، لمواجهة مؤامرات بيع فلسطين واستئصال فلسطين التاريخية من الوجدان الفلسطيني والذاكرة الفلسطينية.
تحدت صحيفة "فلسطين" الصعاب، والظلم، والظلام، ولم تستكن لمحاولات وقف مسيرتها ومنعها من القيام بمسؤولياتها ودورها تجاه القضية الفلسطينية، وعضت على جراحها العميقة وواصلت عملها بانتظام يوم فقدت شهيدين من صحفييها، وهما الشهيد سليمان العشي والشهيد محمد عبدو، رحمهما الله، والذين قتلا ظلماً وعدواناً في 13/5/2007 على أيدي فرق الموت وعصابات الفلتان المنضوية تحت ما يسمى"الحرس الرئاسي".
وكانت الصحيفة قد تعرضت أعدادها المطبوعة للحرق في الضفة على أيدي جهات مشبوهة منتمية لحركة فتح، والتي هددت شركة "الأيام" بالحرق والتدمير إن أقدمت على طباعة الصحيفة. ولا تزال صحيفة "فلسطين" ممنوعة من الطباعة والتوزيع في الضفة المحتلة، وفقاً لتعليمات سلطة رام الله، التي تتلقى الإملاءات من العدو الصهيوني والجنرال "كيث دايتون"، بذريعة التنسيق والتعاون الأمني.
التزمت صحيفة "فلسطين" بمبدأ "حرية الرأي والتعبير"، لمن يلتزم بالثوابت الفلسطينية، ويرفض نهج التسوية الاستسلامية، ويعمل على تعزيز الجبهة الداخلية وحماية المجتمع الفلسطيني من الظواهر السلبية والأفكار الموبوءة.
ولم تكن صحيفة "فلسطين" يوماً منبراً لمروجي ثقافة الهزيمة والاستسلام والرضوخ لحكم الأمر الواقع، ولا لمن يسعى بتوجيهات خارجية لإثارة الفوضى والفتن والنعرات، بل كانت ولا تزال منبراً حراً لمن يسعى جاهداً للمحافظة على الهوية والوحدة الفلسطينية، والارتقاء بالمجتمع الفلسطيني، فكراً وسلوكاً، وتطويره وتنميته اقتصادياً وإنسانياً، وتهيئته لمرحلة ما بعد التسوية السياسية، التي يؤمن شعبنا بأن مصيرها الفناء، تماماً كمصير الكيان الصهيوني.
نجحت صحيفة "فلسطين" في استقطاب قرائها ونيل إعجابهم واهتمامهم، وأصبحت واسعة الانتشار في غزة، وفي العالم العربي عبر موقعها الإلكتروني، ونالت ثقة الأحرار والشرفاء من أبناء شعبنا وأمتنا العربية، وأصبحت تدخل إلى نسبة كبيرة من البيوت والمحال التجارية والجامعات والمدارس والمؤسسات الحكومية والأهلية. ويضاف هذا النجاح إلى نجاحها في المحافظة على جودة المادة المقدمة للقراء الكرام، من حيث المضمون وقيمة المعلومات المقدمة، ومن حيث المصداقية والموضوعية والشفافية والشمولية.
وفي ظلال الذكرى العطرة المفعمة بالعطاء والوفاء، نتذكر الأستاذ الفاضل المستشار ناهض الريس، رحمه الله، الذي فارقنا قبل أسبوعين تقريباً، والذي كان له دور مميز في مسيرة صحيفة "فلسطين"، وترك على صفحاتها بصمات سياسية وثقافية فريدة، وساهم في تأسيس الصحيفة وتحقيق أهدافها والدفاع عنها.
3/5/2010
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية