أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لا تَخْلَعِي عَنْكِ الثِّيَاب! ... عمر حكمت الخولي

 

1-
لا تَخْلَعِي عَنْكِ الثِّيَابْ
لا تَخْلَعِي عَنْكِ الثِّيَابَ فَإِنَّنِي
مُتَعَطِّشٌ لِلْحُسْنِ في ظِلِّ السَّرَابْ
لا تَغْمُزِي
لا تَلْمُزِي
فَالْكُحْلُ تَحْتَ عُيُوْنِكِ الْحَوْرَاءِ ذَابْ!
لا تَنْبُسِي بِبِنَاتِ ثَغْرٍ مُسْكِرٍ
فَأَنَا عَدُوُّ قَصِيْدَةٍ تَجْتَاحُنِي
بِالصَّمْتِ إِذْ مَلأَ الْقِرَابْ
لا تَبْسُمِي
فَأَنَا الْحَبِيْبُ أَضِيْعُ بَيْنَ رُبُوْعِ مِبْسَمِكِ الَّذِي
خَلَقَ الْعَذَابْ
وَأَعُوْدُ مُتَّجِهَاً إِلَيْكِ إِذَا التَّوَجُّعُ مِنْكِ آبْ
يَا أَلْفَ بَابٍ خَلْفَ ثَغْرٍ: أَلْفُ تَيْهٍ خَلْفَ بَابْ!

2-
بَدَأَ الْحِسَابْ!
فَتَرَاقَصِي فَوْقَ الشُّمُوْعِ وَأَيْقِظِي دِيْنَ الرَّبَابْ
وَتَعَلَّمِي مِنِّي الْعَقِيْدَةَ، عَلِّمِيْنِي مَا الثَّوَابْ
وَتَقَهْقَرِي في مَضْجَعِي
وَتَهَجَّدِي في مَخْدَعِي
- يَا أُخْتَ (يُوْسُفَ) -
فَالإِلَهُ هُنَاكَ غَابْ!
يَا أَجْمَلَ الأَلْوَانِ في زَمَنِ السَّوَادِ
وَأَبْرَأَ الضَّحِكَاتِ في زَمَنٍ عُجَابْ
رُدِّي الْعَبَاءَةَ إِنَّنِي في ظِلِّهَا
سَأَجُوْبُ آلافَ الْمَدَائِنِ زَاهِدَاً
رُدِّي الْحِجَابْ!
وَتَوَضَّئِي مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ في فَمِي
وَتَيَمَّمِي فَثَرَاكِ يَغْمُرُ مِبْسَمِي
وَتَعَوَّذِي
إِنَّ الشَّيَاطِيْنَ اللِّئَامَ تَعَوَّذُوا
حِيْنَ الْتَقَيْنَا بَعْدَ (آبْ)!
لا تَحْسَبِيْنِي عَاشِقَاً مُتَصَوِّفَاً
لا تَحْسَبِي أَنِّي نَبِيٌّ لا أُعَابْ..
دَعَوَاتُنَا مَنْسِيَّةٌ مِنْ أَلْفِ عَامٍ
في حُضُوْرِكِ تُسْتَجَابْ!

3-
اَللَّيْلُ أَسْدَلَ ظِلَّهُ
فَتَوَسَّطِي صُحُفَ السَّمَاءِ وَأَعْلِنِي فِيْهَا الْخَرَابْ
لا تَهْدَئِي
بَلْ أَضْرِمِي بِلَهِيْبِكِ الْمَحْمُودِ عِشْقِي
زَمِّلِيْنِي
دَثِّرِيْنِي
لا تَضِيْعِي في أَنِيْنِي
أَجِّجِي نَارَ التَّوَلُّهِ في عُيُوْنِي
عَلَّنِي أَجْنِي الْعَذَابْ!
فَإِلى طُفُوْلَةِ نَهْدِكِ ارْتَدَّتْ بَرَاءَةُ كُلِّ جِيْلٍ تَائِبٍ
وَعَلَى قَصَائِدِكِ الأَخِيْرَةِ كُلُّ مَنْ في الأَرْضِ تَابْ!
لا تَهْدَئِي.. فَاللَّيْلُ أَسْدَلَ ظِلَّهُ
فَوْقَ الْبَرَاءَةِ كَالسَّحَابْ.

4-
اَللَّيْلُ تَحْتَ مَوَائِدِ الشَّيْطَانِ يَبْدُو مُوْقَدَاً
كَالْمَوْتِ في عَيْنِي، تَبَاهَى وَاسْتَطَابْ
وَخُمُوْرُكِ الأَشْهَى تَلُوْذُ بِخَافِقِي
كَتَمَرُّدِ الأَلْوَانِ، يَنْحَتُهَا الشَّرَابْ
فَمَتَى أَفِيْقُ؟
مَتَى أَعُوْدُ بِلا إِيَابْ؟
أَنَا عَاشِقٌ، فَتَصَوَّرِيْنِي كَالْهَوَى
أُحْيِي الْمَحَبَّةَ في النَّوَى
أُحْيِي الضَّبَابْ!
وَتَخَيَّلِيْنِي ثَائِرَاً
أَرْوِي الْعَلاقَةَ مِنْ أَتُوْنِ قَصَائِدِي
بَعْدَ الْعِقَابْ..

5-
قَدَحٌ أَخِيْرٌ
لَوْ أَنَا بِالْعِشْقِ أَسْلُبُهُ، أُثَابْ!
فَاللَّيْلُ جُهِّزَ لِلرَّحِيْلِ، وَلَيْلُنَا يَأْبَى الإِيَابْ
أَخْبَرْتُ أَقْمَارَ الدُّجَى، فَتَرَفَّقَتْ
بِالْقَلْبِ يَا حَسْنَاءُ، وَانْقَشَعَ الْغِيَابْ
حَتَّامَ هَذَا الصُّبْحُ يَسْرِقُ نَشْوَتِي؟
حَتَّامَ يَبْقَى سَيْفُهُ يَعْلُو الرِّقَابْ؟
قَدَحٌ أَخِيْرٌ يَا حَبِيْبَةُ، فَاسْكُبِي
وَدَعِي الْفَؤَادَ يَفِرُّ منْ صَحْوِ الْهُدَى
فَاللَّيْلُ يَأْبَى أَنْ يَطُوْلَ حَبِيْبَتِي
وَالْعِشْقُ شَابْ!


12 أيلول 2008م
من ديوان "عندما زرتُ القدرْ"
نُشرت في صحيفة الزَّمان اللُّندنيَّة عدد /3484/

(77)    هل أعجبتك المقالة (93)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي