أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أزمة رهائن بنك بيروت تكشف اليأس إزاء أزمة لبنان الاقتصادية

حسين - أ.ب

أمر قاض لبناني يوم الجمعة بسجن مسلح كان احتجز ما يصل إلى 10 رهائن في بنك ببيروت لإجبار السلطات على منحه مدخراته، في محاولة على ما يبدو لمنع أشخاص آخرين من تقليد ما قام به وسط اشتداد اليأس بسبب الانهيار الاقتصادي في البلاد.

قطع بضع عشرات من أقرباء المسلح بسام الشيخ حسين لفترة وجيزة طريقا رئيسيا في بيروت، قائلين إن إيداعه السجن ينتهك اتفاقا تم التوصل إليه يوم الخميس.

استسلم عامل توصيل الطعام البالغ من العمر 42 عاما بعد مواجهة استمرت سبع ساعات مقابل الحصول على 35 ألف دولار من مدخراته، وتلقى وعدا بأنه سيتم استجوابه فقط ثم إطلاق سراحه. ولم يصب أحد خلال أزمة احتجاز الرهائن.

كان هذا أحدث تذكير بالألم الذي خلقته أزمة لبنان الاقتصادية والمالية التي دامت ما يقرب من ثلاث سنوات، والتي وصفها البنك الدولي بأنها واحدة من أسوأ الأزمات في العالم منذ خمسينيات القرن التاسع عشر.

يشار إلى أن ثلاثة أرباع سكان لبنان يعيشون في فقر، كما أن الفساد مستوطن، ويفقد كثيرون الأمل في إيجاد حلول سريعة.

وشأنه شأن كثير من الأشخاص في لبنان، لم يكن لدى حسين إمكانية الوصول إلى أمواله بسبب الضوابط غير الرسمية للبنوك المفروضة على تدفقات الأموال.

وكان لديه 210 آلاف دولار في "بنك فدرال" في بيروت، وكان يعاني لسحب بعضها من أجل سداد فواتير والده الطبية ونفقات أخرى.

ولأن احتجاز الرهائن نجح في الإفراج عن بعض مدخرات حسين، فالإفراج عنه دون توجيه تهم قد يلهم آخرين لحذو حذوه فيما يواجه الناس تضخما كبيرا وقلة في فرص العمل.

احتفى كثيرون به كبطل، لكن لم يتضح ما إذا كانت أفعاله ستؤدي إلى احتجاجات أوسع ضد البنوك.

وإلى ذلك، قال بول مرقص، وهو مؤسس وصاحب مكتب جوستيسيا الاستشاري القانوني في بيروت، عن إلقاء القبض على حسين، "إنهم يريدون إرسال رسالة إلى الناس مفادها أن هذا لن يمر بسهولة."

يشار إلى أن عقوبة احتجاز رهائن وتهديد الناس بالأسلحة عادة ما تكون السجن بين 3 أشهر إلى عامين، لكنها قد تصل إلى السجن المؤبد إن كان الغرض منها الحصول على المال، وفقا لمرقص الذي يتوقع الإفراج عن حسين خلال أيام أو أسابيع بمجرد نسيان ما حدث.

طالب المجتمع الدولي بإصلاحات لتخفيف الأزمة الاقتصادية اللبنانية، لكن النخب السياسية التي ألقي عليها اللوم في عقود من الفساد وسوء الإدارة، قاومت تلك المطالب. وتحركت المحادثات مع صندوق النقد الدولي ببطء فيما أعد البرلمان تشريعا طلبه صندوق النقد من أجل خطة إنقاذ، ويتضمن قوانين لفرض قيود على رأس المال وأخرى تستهدف غسل الأموال.

معظم الموجودين على رأس السلطة في لبنان أمراء حرب سابقين وقادة ميليشيات من الحرب الأهلية (1970-1990). وتستغل الفصائل الحاكمة المؤسسات العامة لمراكمة الثروة وتوزيع المساعدات على أنصارها. وعادة ما يتم تجاهل الفساد وتشهد المؤسسات حرمانا وتقييدا. ونتيجة لذلك، شاعت انقطاعات الكهرباء، وعادة ما أهمل جمع القمامة، وأصبحت مياه الصنابير غير صالحة للشرب.

وتضخمت مستويات الفقر فيما قفزت الأسعار وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 بالمائة من قيمتها منذ أكتوبر/ تشرين أول 2019.

ويستطيع معظم المودعين فقط سحب كميات صغيرة من أموالهم من البنوك كل شهر بسعر صرف أسوأ بكثير من سعر السوق الموازية (السوداء).

وبدأ الوضع في التدهور بشكل كبير العام الماضي بعد رفع الدولة الدعم عن الوقود، ما أدى إلى ارتفاع في أسعار كل السلع تقريبا.

وجاء ذلك في وقت طالت فيه انقطاعات الكهرباء لاثنتين وعشرين ساعة يوميا، ما جعل المولدات الخاصة بعيدة المنال عن كثيرين يضطرون الآن إلى سداد مقابل الوقود بالدولار الأمريكي.

وفي هذا الصدد، قال مسؤولون قضائيون إن القاضي قرر إبقاء حسين رهن الاعتقال لأنه ارتكب جرائم مثل احتجاز رهائن وتهديد أشخاص بالسلاح. وأضاف المسؤولون، الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم بما يتماشى مع اللوائح، إنه لم يتضح كم من الوقت سيبقى في الحجز.

وقال محامي حسين، رفيق غريزي، الذي حضر التحقيق، لقناة "الجديد" التلفزيونية المحلية، إن موكله لم يوجه سلاحه إلى أحد ولم يكن ينوي إيذاء موظفي البنك. وأضاف أن كل ما كان يحتاجه حسين هو استرداد نقوده.

في يناير/ كانون ثان، سحب صاحب مقهى مبلغ 50 ألف دولار كانت محتجزة في بنك بشرق لبنان بعد أن احتجز موظفين كرهائن وهددهم بقتلهم. وأطلق سراحه بعد أسبوعين.

عندما اندلعت الاحتجاجات المناهضة للحكومة أواخر عام 2019، هاجم متظاهرون البنوك - وأحيانا بزجاجات المولوتوف - وقام المقرضون بتحصين فروعهم.

وفي وقت من الأوقات، قامت الشرطة بدوريات أمام كل فرع من فروع البنوك، لكن ذلك تغير بعد أن خفت حدة الاحتجاجات.

وفي السياق، دعا نائب رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي، يوم الجمعة، البرلمان إلى الإسراع بالموافقة على قانون مراقبة رأس المال. وقدرت العام الماضي خسائر القطاع المالي بنحو 69 مليار دولار.

وقال الشامي، الذي يقود المحادثات مع صندوق النقد الدولي، في بيان إن "لبنان في مفترق طرق، إما الإصلاح وتحسين الأمور أو الانهيار".

حققت البنوك اللبنانية أرباحا ضخمة على مدار العقود الماضية، إذ استثمرت الكثير من أموالها في أذون الخزانة الحكومية التي رفعت معدلات فائدة وأدت إلى واحدة من أعلى نسب الديون في العالم. وجعل هذا الشتات اللبناني والعديد من الأجانب يضعون مدخراتهم في البنوك اللبنانية ويحصلون على معدلات فائدة أعلى مقارنة بالأسواق الدولية.

وتعرضت البنوك لانتقادات لسنوات بسبب قيامها باستثمارات محفوفة بالمخاطر على الرغم من الفساد المعروف على نطاق واسع في لبنان.
 وفي مارس/آذار 2020، تخلف لبنان للمرة الأولى عن سداد ديونه التي بلغت 90 مليار دولار، أو 170 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقا لتقرير البنك الدولي الصادر هذا الشهر بعنوان "مراجعة المالية العامة في لبنان: مخطط تمويل بونزي (هرمي)؟"، فإنه ”تم استخدام تراكم الديون المفرط لإعطاء وهم الاستقرار وتعزيز الثقة في النظام المالي الكلي بهدف استمرار تدفق الودائع".

وقال اقتصادي إن اللوم يجب أن يقع على عاتق البنوك وليس حسين.

وأوضح الاقتصادي منير يونس في تغريدة على "توتير" أن "البنوك بمساعدة السياسيين والسلطات المالية والقضائية تحتجز الناس كرهائن. ليس المودع الذي يحتجز رهائن في أحد البنوك".

أ.ب
(89)    هل أعجبتك المقالة (78)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي