أكدت شبكة حقوقية أن روسيا تعد طرفا في النزاع السوري وتستخدم الفيتو مع ارتكابها إلى جانب النظام السوري جريمة التشريد القسري التي تشكل جريمة ضد الإنسانية، مشيرةً إلى أنَّ ملايين السوريين المشردين داخلياً في شمال غرب سوريا بحاجة ماسة إلى المساعدات الأممية العابرة للحدود.
وقالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقرير لها تحت عنوان “المساعدات الأممية عبر الحدود يجب أن تستمر في الدخول حتى في حال استخدام روسيا الفيتو في وجهها”، إنَّ اقتراب تجديد قرار إدخال المساعدات الأممية العابرة للحدود في سوريا يعدُّ موسماً روسيَّاً لابتزاز الأمم المتحدة والدول المانحة، مؤكدة أنَّ روسيا والنظام السوري يعتبران ملايين السوريين المشردين قسرياً بمثابة رهائن، على الرغم من أنهما المتسبب الأساسي في تدمير منازلهم وتهديدهم وتشريدهم قسرياً.
ويقدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أعداد النازحين في هذه المنطقة بقرابة 4.1 مليون مواطن سوري يعتمدون على المساعدات لتلبية احتياجاتهم الأساسية، ويتلقى قرابة 2.4 مليون منهم المساعدات من خلال آلية تسليم عبر الحدود شهرياً.
وذكَّر التقرير أنَّ المشردين داخلياً هم أضعف فئات المجتمع، لأنهم فقدوا منازلهم، وفرص العمل نادرة للغاية، لهذا فالغالبية العظمى ترتكز حياتهم على المساعدات الأممية، وفي حال تراجعها أو توقفها، فسوف نكون أمام مجاعة فظيعة، وبذلك فإن الحاجة إلى المساعدات الأممية في شمال غرب سوريا تفوق عتبة الضرورة، وتصل إلى مستوى الحاجة المصيرية التي تهدد النمو والحياة للمشردين وبشكلٍ خاص النساء الحوامل والمرضعات والأطفال حديثي الولادة.
ووفقاً للتقرير فقد تصاعد الابتزاز الروسي منذ بداية عام 2020، وبدأ فشل مجلس الأمن في تمرير مشروع قرار تمديد تقديم المساعدات عبر الحدود عبر أربعة منافذ حدودية، بسبب الفيتو الروسي الصيني، وتبنى المجلس القرار 2504 الذي سمح بدخول المساعدات إلى شمال غرب سوريا عبر معبرَين حدوديَّين فقط، في حين حرمت منطقة شمال شرق سوريا من دخول المساعدات عبر معبر اليعربية واقتصرت على المساعدات القادمة من دمشق؛ ما انعكس بشكلٍ سلبي على المقيمين في هذه المنطقة. ثم نجحت مجدداً في التضييق على إدخال المساعدات عندما اقتصر القرار 2533 في تموز/ 2020 على دخولها عبر معبر واحد.
وجاء في التقرير أنَّ دخول المساعدات الأممية عبر الحدود عملاً مشروعاً ولا يحتاج إلى إذن من مجلس الأمن، وأضاف أنه لا توجد قاعدة في القانون الدولي تنصُّ على أنَّ إدخال منظمة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة مساعدات عبر الحدود يعتبر أمراً غير قانوني، لكنَّ مجلس الأمن قد احتكر هذه المهمة الإنسانية، وأدخلها ضمن صلاحياته، عندما أصدر القرار 2165، الذي كان في ظاهره داعماً للمساعدات الأممية وفي باطنه توسيعاً لصلاحيات المجلس بشكل تعسفي، وتحكماً في قضايا خارج اختصاصه، وبذلك أصبحت المساعدات الإنسانية تخضع للابتزاز والبازار السياسي بصرف النظر عن حاجة ملايين السوريين، وربما غير السوريين في دول أخرى.
وفي السياق ذاته أكد التقرير على أنه يتوجب على جميع القانونيين حول العالم التصدي لهيمنة مجلس الأمن على التحكم بإدخال المساعدات العابرة للحدود.
وأوضح التقرير أن قرار مجلس الأمن 2585 تضمن بندين جديدين لم تشملهما القرارات التسعة التي سبقته، الأول إدخال المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس من دمشق، والثاني: تحسين أساليب إيصال المساعدات الإنسانية داخل سوريا ومشاريع الإنعاش المبكر. وقد أشرنا عقب صدور القرار إلى أنَّ هذه البنود تُعدُّ تنازلاً من الدول الديمقراطية لمصلحة روسيا، وتمهيد روسي ضمن سعيها الحثيث نحو إنهاء دخول المساعدات الأممية عبر الحدود، مما يتيح للنظام السوري التحكم الكامل بجميع المساعدات الأممية في سوريا.
كما أوضح التقرير أن القوافل التي عبرت من مناطق سيطرة النظام السوري إلى شمال غرب سوريا على مدى قرابة عام ضمن إطار تطبيق القرار 2585، هي خمس قوافل، شملت 71 حافلة فقط، وتشكل قرابة 0.75% من إجمالي المساعدات العابرة للحدود، مؤكداً أن للنظام السوري تاريخ طويل ومثبت في نهب وتأخير وعرقلة إدخال المساعدات الأممية.
وطبقاً للتقرير فقد حذرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا في 26/ أيار/ 2022 من أنَّ عدم تمديد مجلس الأمن الدولي آلية تسليم المساعدات عبر الحدود، التي تنتهي في 10/ تموز من العام ذاته، سيكون بمثابة فشل من الدرجة الأولى.
وقال التقرير إنه لا يمكن لروسيا التذرع بمفهوم السيادة وموافقة النظام السوري، لأنه المتسبب الرئيس في تشريد ملايين النازحين، ولا يكترث بوصول المساعدات الأممية إليهم.
زمان الوصل - رصد
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية