بدعوة من "الجالية الفلسطينية في مدينة دورتموند وضواحيها" وبمناسبة يوم الأرض الفلسطيني حل الاستاذ الدكتور أسعد عبد الرحمن المفكر والمؤرخ الفلسطيني المعروف والعضو المستقل في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس "مؤسسة فلسطين الدولية" ضيفا على الجالية، والقى محاضرة في هذه المناسبة تحت عنوان:
"يوم الأرض دروس وعبر لمقاومة الاستيطان"
قدم للمحاضرة النائب السابق في برلمان ولاية شمال الراين ويستفاليا المهندس جمال قارصلي وأدارها زميله النائب السابق في نفس البرلمان الدكتور هشام حماد رئيس الجالية الفلسطينية في مدينة دورتموند وضواحيها.
وفي نقاش جماعي معمق اعقب المحاضرة، ضم نخبة من الفعاليات العلمية والاقتصادية الفلسطينية من اطباء ومهندسين وأكاديميين ورجال أعمال وروابط مهنية، على رأسها اتحاد الأطباء والصيادلة الفلسطينين في ألمانيا وشاركت فيه جميع الوان الطيف السياسي دون استثناء، تم التطرق- اضافة الى موضوع الندوة الأساسي- الى الهم الفلسطيني الراهن المتعلق بتعثر مسار الحلول السلمية التفاوضية، ووصولها الى طريق مسدود وتعثر طريق المصالحة والاصلاحات الفلسطينية، اضافة الى دور الجاليات الفلسطينية في الشتات كرافد اساسي للعمل الوطني الفلسطيني الوحدوي الذي يكرس مفهوم المؤسسة والعمل التشاركي على اسس ديموقراطية، تقبل التعايش مع الآخر على قاعدة التمسك بالثوابت الوطنية التي تجمع شتى أطياف الشعب الفلسطيني.
وأكد الدكتور عبد الرحمن والمتحدثون على ضرورة تجاوز المعيقات التي تقف امام تحقيق تلك الأهداف من خلال الحوارات المنهجية، التي تفضي الى تفعيل العمل الوطني الفلسطيني في الشتات على اسس الكفاءة واستغلال الطاقات العلمية والاقتصادية الجبارة الكامنة في هذه الجاليات، وفي مقدمتها الجاليات الفلسطينية في ألمانيا كبرى الدول الأوروبية، والتي يحد من فعاليتها غالبا النفس الفصائلي الذي يقدم مصلحة الفصيل على الوطني العام بما يعنيه ذلك من عدم اتاحة الفرصة لقوى كفؤة، كثير مستقل وغير مؤطر، لأخذ دورها على اساس الثوابت الوطنية وبالذات في ضوء الانقسام السياسي الحالي الذي يحكم الساحة الفلسطينية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن ان تجاوز الانقسام والخلافات واتاحة الفرص لقوى الشعب الحية لأخذ دورها، يشكل ضمانة لاستمرار الفعاليات التي تبقي القضية الفلسطينية حية في ضمائر الشعوب وفي اذهان اصدقاء الشعب الفلسطيني.وللدفع باتجاه استمرار التجديد وبدء المراجعات الشاملة لمسيرة العمل الفلسطيني برمتها.
وسجل معظم الحضور في مداخلاتهم تحفظاتهم على الوضع الحالي الشاذ الذي لا يعكس طاقات الشعب الفلسطيني الحقيقية ولا يمثل بالضرورة طموحاته وآماله، وضرورة اجراء انتخابات ديموقراطية انى تأتى ذلك، لابراز القيادات الفلسطينية القادرة عكس هذه الطموحات على اسس مؤسسية ديموقراطية تتيح التخلص من الانتهازيين والمنتفعين من الأوضاع القائمة والمرتبطين بجهات خارجية، اقل ما يقال فيها انها معادية لطموحات هذا الشعب في الحرية والاستقلال.
طرح الحضور في الندوة ايضا المحددات والمعيقات التي توضع امام الشعب الفلسطيني وتحد من تطوير اشكال النضال
الشعبي في الضفة الغربية على وجه الخصوص وارتباط ذلك بتحول السلطة الى متلقي للمساعدات الخارجية المشروطة
وطرحت أسئلة حرجة وصريحة عن مدى فائدة وجودها اذا كانت المهمات التي تقوم بها هي من وظائف القوة المحتلة القائمة فعليا على الأرض والتي تلغي دور السلطة عمليا، وبالذات في ظل استمرار الاستيطان والحواجز وتهويد القدس، وخلق الحقائق على الأرض وآخرها الأوامر العسكرية القاضية بترحيل 70 الف مواطن فلسطيني من وطنهم.
كما طرحت اقتراحات باجراء دراسات أكاديمية مستقلة بالتعاون مع "مؤسسة فلسطين للدراسات الدولية" التي يرأسها الدكتور اسعد عبد الرحمن نفسه، تشخص حال الجاليات الفلسطينية في ألمانيا كبرى الدول الأوروبية على وجه الخصوص بهدف الاستفادة من التجارب السابقة التي لم تؤتي أكلها في توحيد هذه الجاليات على قواسم الحد الأدنى، والاستفادة من تجارب جاليات أجنبية أخرى نجحت وتجاوزت خلافات سياسية وحتى قومية ومذهبية أكثر حدة، قاد تجاوزها الى النجاح في التواصل مع صناع القرار في بلاد المهجر والى قدرتها على تكوين شبكة من علاقات التواصل بينها، وقامت ايضا بحصر القدرات المختلفة لجالياتها في بلد المهجر وشكلت شبكة أمان لمشاريع وطنية طموحة.
واجمع الحضور على ضرورة وقف التدهور في الحالة الفلسطينية الراهنة بشتى الوسائل والطرق وخلق قوى ضغط من جميع الحريصين على المصالح الوطنية العليا سواء ممن هم منضوون في اطار العمل الفصائلي او المستفلين وهم شريحة تشكل الأغلبية الصامتة، يتم تجاوزها في كل ما نسمع ونرى في الأعلام من اناس متنفذين لا يمتلكون شرعية انتخابية ولا ثورية ولا قاعدة شعبية ولا تاريخ في العمل النضالي السياسي منه والنقابي.
تميزت هذه الندوة التي استضافتها "الجالية الفلسطينية في دورتموند وضواحيها" بروح الصراحة والانفتاح وارتقاء النقاش والحوارات، والأهم من ذلك عكست روح الوحدة الوطنية الشاملة التي تجلت في اجواء النقاش والحوار والتقارب بين كافة ابناء الجاليات والفعاليات الفلسطينية في ألمانيا التي شاركت في اللقاء، وغلب فيها الهم الوطني العام على الفصائلي الضيق وطغى فيها الحرص على تجاوز العقبات والانفسام المزري على قاعدة الالتقاء على الحد الأدنى من القواسم المشتركة وعلى رأسها اتفاق القاهرة 2005 الخاص باصلاح منظمة التحرير ووثيقة الأسرى التي أجمعت عليها كافة القوى الفلسطينية.
17/4/2010
دورتموند- ألمانيا
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية