يواجهون الجوع.. أوكرانيون لا يستطيعون الفرار من الحرب

أكثر من 80 مبنى دمر في العاصمة - جيتي

بينما تحاصر روسيا مدن أوكرانيا وتدمرها بلا هوادة، يحاول كل السكان تقريبا المغادرة وأولئك الذين يتخلفون يواجهون نقصا شديدا في الغذاء في بلد كان يعرف سابقا باسم سلة الخبز للعالم.

في مدينة خاركيف التي تتعرض للقصف، تأتي نساء- ومعظمهن مسنات- لجلب الطعام والإمدادات العاجلة الأخرى. في العاصمة كييف، يتراكم رماد الموتى في محرقة الجثث الرئيسية لأن العديد من الأقرباء غادروا، تاركين جرار الرماد بدون مطالبة.

بالنسبة للمدنيين غير القادرين على الانضمام إلى موجة اللاجئين الأوكرانيين، أصبحت أيام الوفرة في البلاد مجرد ذكرى تتلاشى، مع اقتراب الحرب من دخول شهرها الثاني.

مع وصول المواجهات بين القوات الروسية والأوكرانية إلى طريق مسدود تقريبا في العديد من الأماكن وحث رئيس البلاد مواطنيه على الصمود، أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن مزيد من التحركات لزيادة الضغط على روسيا: شراكة جديدة لتقليل اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية وحرمان الكرملين شيئا فشيئا من مليارات الدولارات التي يحصل عليها من مبيعات الوقود الأحفوري.

في أوكرانيا، أصبحت الحرب بالنسبة للمدنيين الجياع تعني الانتظار طويلا للحصول على حصص ثمينة من الطعام.

بينما كانت تقف بتململ، كانت فتاة صغيرة في خاركيف تشاهد باهتمام هذا الأسبوع سكين متطوعة وهي تقطع لوحا عملاقا من الجبن، وتنحت شرائح سميكة - شريحة لكل شخص جائع ينتظر في الطابور.

تولت هانا سبيتسينا مسؤولية توزيع المساعدات الغذائية من الصليب الأحمر الأوكراني وتسليمها لجيرانها. حصل كل منهم على قطعة من الجبن تم قطعها تحت أنظار الطفلة. كان يتم تم إسقاط قطع الجبن في أكياس بلاستيكية فتحها الناس في الطابور مثل أفواه جائعة.

وقالت سبيتسينا: "قدموا لنا المساعدة، وجلبوا لنا مساعدات للنساء المسنات اللائي بقين هنا. كل هؤلاء الناس بحاجة إلى حفاضات ودثر وطعام".

لم تستطع روسيا اجتياح كييف بسرعة البرق، وفق هدفها الواضح في 24 فبراير شباط عندما شن الكرملين الحرب. بدلا من ذلك، تمطر القوات الروسية من بعيد المدن الأوكرانية بالقذائف والصواريخ.

غطى ضباب دخاني ضواحي خاركيف اليوم الجمعة مع استمرار القصف منذ الصباح الباكر. ووصل إلى مستشفى بالمدينة عدة جنود مصابين بالرصاص والشظايا، بعد يوم من علاج الأطباء لعشرات المدنيين.

زعم الجيش الروسي اليوم الجمعة أنه دمر قاعدة أوكرانية ضخمة تستخدم لتزويد دفاعات منطقة كييف بالوقود، حيث أطلقت السفن وابلا من صواريخ كروز، وفقا لوكالة أنباء إنترفاكس. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي انفجارا ناريا هائلا بالقرب من العاصمة.

المأساة والبؤس لا تخف وطأتهما عن كاهل المدنيين.

كييف شأنها شأن مدن أخرى، شهدت تراجع أعداد سكانها بشكل كبير في أزمة اللاجئين الهائلة التي نزح خلالها أكثر من عشرة ملايين نسمة، إضافة إلى مليونين وثلاثمائة ألف آخرين فروا من البلد بأكمله.

أكثر من 260 مدنيا لقوا حتفهم وأكثر من ثمانين مبنى دمر في العاصمة، منذ اندلاع الحرب.

وحث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بلاده على مواصلة دفاعها العسكري وعدم التوقف "ولو لدقيقة".

وكرس زيلينسكي خطابه الليلي المصور، أمس الخميس لحشد المواطنين الأوكرانيين "للتحرك نحو السلام.. تحركوا للأمام.. مع كل يوم من أيام دفاعنا، نقترب أكثر من السلام الذي نحتاجه بشدة.. لا يمكننا التوقف ولو لدقيقة، فكل دقيقة تحدد مصيرنا ومستقبلنا وما إذا كنا سنعيش".

وأضاف زيلينسكي أن آلاف الأشخاص وبينهم 128 طفلا لقوا حتفهم في الشهر الأول من الحرب.

وأوضح الرئيس الأوكراني أن 230 مدرسة و155 روضة أطفال دمرت في أنحاء البلاد، مشيرا إلى أن مدنا وقرى "تحولت إلى أنقاض".

وخلال قمة طارئة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) عقدت أمس الخميس في بروكسل، ناشد زيلينسكي الحلفاء الغربيين عبر اتصال مرئي إمداد بلاده بالطائرات والدبابات والصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي وغيرها من الأسلحة، قائلا إن بلاده "تدافع عن قيمنا المشتركة".

في خطاب مصور وجه زيلينسكي الشكر لقادة الاتحاد الأوروبي على العمل معا لدعم أوكرانيا، وفرض عقوبات على روسيا، بما في ذلك قرار ألمانيا بمنع روسيا من إيصال الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر خط أنابيب ”نورد ستريم 2″ الجديد.

لكنه أعرب عن أسفه لعدم اتخاذ هذه الخطوات في وقت سابق، قائلا إنه كانت هناك فرصة لإجبار روسيا على التفكير مليا قبل اتخذ قرار الغزو.

فيما فر ملايين الأوكرانيين باتجاه الغرب، اتهمت أوكرانيا موسكو بنقل مئات الآلاف من المدنيين قسرا من المدن المدمرة إلى روسيا، للضغط على كييف كي تستسلم.

وقالت ليودميلا دينيسوفا، مفوضة حقوق الإنسان في أوكرانيا، إن 402 ألف شخص، بينهم أربعة وثمانين ألف طفل، تم نقلهم ضد إرادتهم إلى روسيا، حيث قد يستخدم بعضهم ”كرهائن” للضغط على كييف للاستسلام.

وكشف الكرملين عن أرقاما متطابقة تقريبا لأولئك الذين تم نقلهم، لكنه قال إنهم ينتمون إلى المناطق التي يغلب عليها الطابع الروسي في دونيتسك ولوهانسك في شرق أوكرانيا وأنهم أرادوا الذهاب إلى روسيا.

يقاتل الانفصاليون المؤيدون لموسكو للسيطرة على تلك المناطق منذ قرابة الثماني سنوات، حيث الكثير من المواطنين يدعمون إقامة علاقات وثيقة مع روسيا.

أ.ب
(161)    هل أعجبتك المقالة (104)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي