1-
يَا مَنْ بِحُلْمِي أَنْتَ تَسْكُنُ دَائِمَاً
يَا مَنْ تُقِيْمُ الرُّعْبَ عُرْسَاً كُلَّمَا قَابَلْتُ وَجْهَكَ في الضُّحَى..
عُرْسُ الْجَنَائِزِ في دَمِي كَمْ يَسْتَجِيْرُ!
يَا مَنْ تَزِيْدُ الْحُزْنَ فيَّ
وَرُبَّمَا مَا زِدْتَهُ يَوْمَاً
أَنَا الْمَحْزُوْنُ يَا حُلُمِي
أَنَا الْمَرْعُوْبُ في حُلُمِي
أَنَا الشِّعْرُ الَّذِي جَعَلَ الْقَصَائِدَ مَسْرَحَا
وَبِهِ يُرَاقُ الصَّمْتُ وَالْوَطَنُ الأَخِيْرُ!
بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتَ! أَخْبِرْنِي
أَتَسْكُنُنِي؟ أَتَلْعَنُنِي؟
تُسَمِّمُ قَهْوَتِيْ صُبْحَاً لِيَغْدُوَ طَعْمُهَا في حَلْقِيَ الْمُعْتَلِّ كَالذِّكْرَى؟
أَنَا الذِّكْرَى! فَلَوْ دُرْتَ الرَّحَى
لَوَجَدْتَنِي مَيْتَاً، وَيَبْكِيْنِي الأَثِيْرُ!
2-
رَحَلُوا جَمِيْعَاً، فَاعْتَرِفْ
أَيْنَ الصَّدِيْقُ؟ وَأَيْنَ تِلْكَ الْحُلْوَةُ الْحَوْرَاءُ في تَارِيْخِنَا؟
حَتَّى الصَّدِيْقَةُ يَا رَفِيْقِي أُغْرِمَتْ بِالْكُرْهِ
فَارْتَدَّ الْوَفَاءُ، وَحُوْرِبَ الطِّفْلُ الصَّغِيْرُ!
رَحَلُوا جَمِيْعَاً، قُلْ وَرَبِّكَ، أَيْنَ هُمْ؟
مَا عَادَ مِنْ ذِكْرَاهُمُ إِلاَّ بَقَايَا حُلْمِيَ الْمَنْقُوْشِ بِالنِّسْيَانِ وَالْخَوْفِ الْعَتِيْقِ
وَمَا بَدَا في عَالَمِي إِلاَّ السَّعِيْرُ!
يَا مَنْ تُبَدِّلُ صَفْحَةَ الْوِدِّ الْقَدِيْمِ مُجَرِّحَاً
قُلْ لي وَرِبِّكَ أَيْنَ تَارِيْخِي الْوَثِيْرُ؟
3-
يَا مَنْ تُجَسِّدُ وِحْدَتِي بِصَفَائِهَا
وَتُنِيْرُ لي كُلَّ اللَّيَالِيَ، رُبَّمَا مِنْ أَجْلِ تَوْفِيْرِ ارْتِعَابِي الدَّاكِنِ الآتِي عَلَى بُسُطِ الْخَيَالِ
وَرُبَّمَا حِقْدَاً.. لِيَحْسُدَنِي الضَّرِيْرُ!
يَا مَنْ تَوَحَّدَ في ارْتِعَاشِي كُلَّمَا نَاشَدْتُ أَوْطَانَ الضَّلالِ
وَأَسْرَجَ الدُّنْيَا لِيَرْكَبَهَا الأَمِيْرُ
يَا مَنْ تُحَاوِلُ جَاهِدَاً لَجْمَ الْمَشَاعِرِ في دَمِي
وَتُقَيِّدُ الأَشْعَارَ في كُتُبِي ابْتِغَاءَ مَذَمَّةِ التَّارِيْخِ
مَهْلاً!
إِنَّنِي في ظِلِّ نَكْبَتِهَا أَسِيْرُ!
مَا صُغْتُ يَوْمَاً أَحْرُفِي إِلاَّ لأُحْصِنَ فَرْجَ أُمَّتِنَا
لأَكْتُبَ مِنْ ثَرَى وَطَنِي حِكَايَاتِ النِّضَالِ
وَأَفْتَحَ الأَمْصَارَ
بِالشِّعْرِ الْمُوَسَّدِ لا بِأَسْيَافٍ تُغْيِرُ!
يَا مَنْ تُؤَلِّفُ غُرْبَتِي
قُلْ بِاخْتِصَارٍ، كَيْفَ أَسْلُبُكَ الشَّجَاعَةَ؟
إِنَّنِي مَا عُدْتُ أَعْرِفُ طَعْمَهَا
مَا عُدْتُ أَعْرِفُ كَيْفَ في ذَاتِي أَصِيْرُ!!
4-
فَنَّ الْكَآبَةِ قَدْ أَجَدْتُ
وَمُقْلَتِي
يُنْبُوْعُ أَحْزَانٍ يُجَاوِرُهُ غَدِيْرُ
وَمَشَاعِرِي - يَا مَنْ صَلَبْتَ هُدُوْءَهَا في الأَمْسِ - دَامِيَةٌ
بِهَا يَتَفَتَّحُ الإِنْسَانُ كَالزَّهْرِ الرَّبِيْعِيِّ الْغَرِيْبِ بِأَرْضِنَا
وَعَبِيْرُهَا قَدَرُ الْهَوَى
وَبِهَا سَيَبْكِي الْكَوْنُ لَوْ أَذِنَ الْفَقِيْرُ!
لا مَالَ يُسْعِدُ مُهْجَتِي
لا صَحْبَ يُؤْنِسُ غُرْبَتِي
وَأَنَا الْوَحِيْدُ، وَوِحْدَتِي
قَدَرِي... وَتَارِيْخِي تَعَهَّدَهُ الْغُرُوْرُ!
يَا مَنْ تَعَطَّشَ لِلشُّجُوْنِ فَأَوْرَثَ الإِصْبَاحُ بَعْضَ الْحُزْنِ في شَرَيَانِهِ
قُلْ لي، أَيَسْلِبُنِي الْخَيَالُ بَرَاءَتِي؟
هَلْ يَسْرِقُ الْحُلُمُ الْقَدِيْمُ شَجَاعَتِي؟
فَاللَّيْلُ يَا رَبَّ ارْتِعَابِي مُظْلِمٌ
وَأَنَا بِتَضْحِيَةِ الْجَوَى رَجُلٌ خَبِيْرُ!
يَا مَنْ تَعَدَّدَ في الْحَيَاةِ كَمَا اسْمِهِ
وَتَسَمَّرَتْ أَوْصَالُهُ في كُلِّ تَابُوْتٍ لِشَاعِرِ عِزَّةٍ
وَاسْتَوْطَنَتْ أَذْكَارُهُ
وَتَخَمَّرَتْ أَخْبَارُهُ
يَحْتَلُّهَا الْوِجْدَانُ وَالرَّمَقُ الأَخِيْرُ
قُلْ لي إِذَا ذَرَأَ الإِلَهُ سَذَاجَتِي
قَبْلَ الْوُجْوْدِ بِبُرْهَةٍ مِنْ أَذْرُعِ الشَّيْطَانِ.. قُلْ
فَأَعُوْذُ بِالشِّعْرِ الرَّجِيْمِ وَأَسْتَجِيْرُ!
28 تشرين الثاني 2008م
نُشرت في «ألف» كانون الأوَّل 2009م
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية