أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أحمد منصور : الشعب السوري عاطفي وينضحك عليه ؟

في برنامجه الشهير "شاهد على العصر"، وخلال استضافته لعبد الكريم النحلاوي، مدبّر الانقلاب الانفصالي الذي أنهى الوحدة السورية - المصرية عام 1961، فوجئ مشاهدو "الجزيرة" في سورية بالسيد أحمد منصور وهو يطلق جملة من الإهانات والكلام الجارح بحق الشعب السوري بطريقة خارجة عن المعيار الإعلامي المهني الرفيع الذي اعتاد عليه مشاهدو قناة الجزيرة العرب من المحيط إلى الخليج.
ما قاله السيد أحمد منصور بالحرف، وكما سمعه الملايين من متابعي الجزيرة، وكما هو وارد في نص الحلقة المكتوب على موقع "الجزيرة نت"، هو التالي:
"هو الشعب السوري ده إيه؟ يوم يطلع لعبد الناصر يبوس -لا مؤاخذة- حذاءه ويشيل عربيته من عالأرض وبعد شوية يطلع يؤيد الناس اللي ضد عبد الناصر؟!"
وهنا قال عبد الكريم النحلاوي: "الشعب السوري واقعي.."
ليعود أحمد منصور ليقاطعه قائلاً: "مش واقعي، ده شكله شعب عاطفي وينضحك عليه."
الصدمة، الغضب، ...ما الكلمة التي يمكن أن تصف شعور أي مواطن سوري عندما يسمع مثل هذا الكلام؟
ألم يفكر السيد أحمد منصور بشعور بضعة وعشرين مليون مواطن سوري عندما يوجه إليهم إهانة جماعية شاملة بقوله أن الشعب السوري يمكن أن "يبوس حذاء" أي شخص، حتى لو كان هذا الشخص هو جمال عبد الناصر.
لأحمد منصور نقول إن حماس الشعب السوري لعبد الناصر لم يكن يوماً لشخص بقدر ما كان حماساً للوحدة، حماساً تحركه دوافع نبيلة وأحلام تحدوها الرغبة في استعادة الأمة العربية لهيبتها واحترامها بين الأمم، دوافع تهدف إلى تآزر الجهود العربية لتحرير فلسطين، ورفع الظلم التاريخي الذي وقع على شعبها المكلوم، وأخيراً في سبيل أن تنجح الأمة العربية في بلورة مشروع حضاري ينتشلها من التخلف ويلحقها بركب الحداثة.
للتذكير فقط، للسيد أحمد منصور ولسواه، نورد هنا مقاطعاً وبنوداً من "ميثاق الشرف المهني" الذي تبنته الجزيرة، وجعلت منه شعاراً لمهنية أدائها الإعلامي، وذلك على النحو الذي ورد في موقع "الجزيرة نت":
"معاملة جمهورنا بما يستحقه من احترام والتعامل مع كل قضية أو خبر بالاهتمام المناسب لتقديم صورة واضحة واقعية ودقيقة مع مراعاة مشاعر ضحايا الجريمة والحروب والاضطهاد والكوارث وأحاسيس ذويهم والمشاهدين واحترام خصوصيات الأفراد والذوق العام."
أما في "لائحة السلوك المهني" الواردة ضمن "دليل السلوك المهني" الذي تتبناه الجزيرة نقرأ:

  • "عدم إطلاق الأحكام على الأمور والموضوعات التي نتناولها، وتفادي التحليلات الوصفية غير القائمة على معطيات وحقائق وبيانات معلومة يمكن التأكد منها."
  • يجب احترام خصوصية وتفرد مختلف ثقافات وعادات وتقاليد الشعوب كافة وعدم إعطاء أوصاف تعميمية.
  • تفادي التنميط والأحكام الجاهزة الشائعة على أساس العنصر أو العرق أو الجنس أو الدين أو السن أو الموقع الجغرافي أو الإعاقة أو المركز الاجتماعي.
  • على الصحفي عدم إطلاق الأحكام على الأمور التي يتناولها، وتفادي التحليلات الوصفية غير القائمة على معطيات وحقائق وبيانات معلومة يمكن التحقق منها
أما فيما يتعلق بالتعليمات الخاصة "بالصياغة والمعالجة" نقرأ:
"إن الصفات والنعوت ذات الطابع التعميمي  تشكك في أحيان كثيرة في صدقية وحياد الرواية".
بناءً على جميع ما ورد في الميثاق المذكور فإن ما يطلبه موقع منبر سورية، وبلسان الشعب السوري كله، هو الالتزام بما ورد في "ميثاق الشرف الصحفي"  الذي تبنته قناة الجزيرة كخطوة رائدة على صعيد الإعلام العربي، وربما الإعلام العالمي أيضاً.
المطلوب من السيد أحمد منصور الاعتذار بطريقة واضحة لا لبس فيها للشعب السوري، ونحن بهذا المطلب لا نسعى لإثارة عصبيات قطرية أو غرائز عمياء جاهلية، بل ننطلق في ذلك من اعتبارات أخلاقية عامة تتعلق برفض الأحكام المطلقة والتعميمية غير المقبولة في إطار العملين السياسي والإعلامي.
وفي هذا الإطار نعود لنحيل السيد أحمد منصور والمعنيين في الجزيرة إلى ميثاق الشرف الصحفي ذاته لنقرأ فيه وفي المادة السابعة من ميثاق الشرف المهني:
" الاعتراف بالخطأ فور وقوعه والمبادرة إلى تصحيحه وتفادي تكراره."
إن المتابع لبرامج السيد أحمد منصور ولقاءاته وتحقيقاته يمكن أن يستشف ملامح مواقف سابقة ومتكررة ومشابهة من قبله تجاه سورية، وهو ما يتعارض إن ثبتت صحته، مع روح وبنود الميثاق المذكور، ومع نزاهة العمل الصحفي والإعلامي القائم على تحييد المواقف المسبقة، والدوافع الخاصة المبنية على أساس خلفيات إيديولوجية أو حزبية.
ونذكّر تالياً السيد أحمد منصور بأنه اعترض بقوة على السيد جورج غالاوي في لقائه معه ضمن برنامج بلا حدود بتاريخ 6/1/2010 ضمن الحلقة المخصصة لموضوع قافلة شريان الحياة، حيث قال منصور حرفياً:
"جورج اسمح لي، أرجو أن تفرق في كلامك بين الشعب المصري وبين الحكومة المصرية لو سمحت، لا تقرن بين الشعب المصري ومواقفه من أهل غزة ومن القضايا العربية بشكل عام، وبين تصرفات أنت تنتقدها للحكومة المصرية، أرجو أن تفرق في كلامك وأن تحرص أن تقول الحكومة المصرية ولا تقل مصر لأن مصر لا تقبل بهذه التصرفات على ما أعتقد."
وذلك على الرغم من أن غالاوي لم يوجه أي انتقاد واضح للشعب المصري ضمن الحلقة، بل إنه اعتبر أن 80% من أفراد الشعب المصري ليسوا راضين عن تصرف حكومتهم تجاه غزة.
فما الذي حدث للسيد أحمد منصور، وهل استنسب أن ينعت الشعب السوري بكامله بأنه "قبّل حذاءً"، في حين أنه لم يقبل من غالاوي كلاماً ليس فيه أي قدر من التجريح بحق الشعب المصري.....
إن التجربة القطرية في الحقل الإعلامي، وفيما يتعلق بقناة الجزيرة بصورة خاصة، هي تجربة تستحق الاحترام والتقدير، وهي تنسجم في أبعادها الحضارية مع التوجهات القومية الملتزمة لدولة قطر الشقيقة، والتي عبر عنها سمو الأمير حمد مرات عديدة، كان آخرها الكلمة التي ألقاها في افتتاح أعمال مؤتمر القمة العربية في سرت بليبيا. ومن هنا ينطلق حرصنا على استمرار تألق وموضوعية النموذج الإعلامي المميز الذي عبرت عنه قناة الجزيرة.
إن اعتذاراً بّيناً من أحمد منصور سيكون من شأنه، وقبل كل شيء، أن يصحح خطأً مهنياً ومنهجياً وأخلاقياً وقع فيه منصور، وأوقع فيه قناة الجزيرة، التي اعتاد جمهورها على معايير مهنية عالية قلما وجدت في قنوات فضائية على الصعيدين العربي والدولي.

منبر سورية
(121)    هل أعجبتك المقالة (118)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي