مرت أمس السبت 8/1/2022 الذكرى الثامنة لمعركة المطاحن التي كانت جزءاً من عملية فك الحصار عن مدينة حمص، وذهب ضحيتها عدد كبير من مقاومي المدينة خلال محاولتهم إنقاذ المحاصرين من مخالب الجوع الذي فرضته قوات النظام على المدينة آنذاك، غير أن القدر شاء أن تفشل هذه العملية، فيستشهد أكثر من 50 ثائراً من خلال استهدافهم بمختلف الأسلحة الثقيلة والراميات ومن بينهم (كتيبة شهداء البياضة).
وكشف الناشط "أبو مازن الحمصي" الذي كان أحد المشاركين في المعركة عبر الخطوط الخلفية لـ"زمان الوصل" أن العملية كانت جزءاً من عملية معقدة تهدف لفك الحصار عن حمص بعد سنة ونص من المعاناة التي تنوء بحملها الجبال وبعد أكثر من 10 محاولة فاشلة لفك هذا الحصار، كان هناك-كما يقول- قسم من قوات النظام في منطقة التأمينات الاجتماعية الذي يضم إضافة إلى مركز المخابرات الجوية المطاحن الجديدة، وكان الهدف الحصول على كمية كافية من الطحين تنقذ أهالي المدينة حتى يأذن الله بفك الحصار.
وأضاف المصدر أن المقاومين استطاعوا التسلل إلى المنطقة المحيطة بالمطاحن بنجاح في بداية العملية، وكان الدخول إلى المنطقة من خلال نفق تم حفره خلال شهرين وتسلل عدد من الثوار يقدر بـ 100 ثائر حوالي الساعة الثالثة فجراً عبر نفق سري، وكان النفق ضيقاً بحيث لم يسمح بدخول أعداد كافية إلى المنطقة التي شهدت المعركة، فكان الدخول بشكل فردي ومع ذلك استطاع الشبان المتسللون السيطرة على المنطقة وانتشروا على مساحة 90 % من منطقة المطاحن والقيادة والكتيبة وكان تسلّلهم إليها دون أن يحس بهم الجيش.
وروى محدثنا أن جندياً تابعاً للنظام كان يمر بالصدفة من مكان تواجد المقاومين، فرأوه وأحس هو بهم ولكن لم يستطيعوا التعامل معه لكي لا يثيروا انتباه الجيش فقام هو بإطلاق النار على عدد من منهم، وقام أحدهم بقتله، فأثار صوت الرصاص انتباه الجيش وانقلبت العملية من تسلل لاقتحام، والاقتحام عادة يحتاج إلى أعداد كافية من الثوار، وتنبه الجيش لمكان الفتحة التي كان يخرج منها الثوار فاستطاع السيطرة عليها من خلال قصفها بقذائف دباباته ورشاشاته، فلم يعد أحد من الثوار يستطيع الدخول أو الخروج منها، وكان عدد الثوار خارج النفق حوالي 100مجاهد استطاع 40 منهم التراجع والانسحاب، بينما لم يستطع بقية المقاومين التراجع بسبب قذائف دبابة أصابت حوالي 12 شاباً منهم، وانشغل بعض الثوار بإسعاف الجرحى فتحاصروا معهم.
وحول الروايات التي أشارت إلى سقوط أحد المباني فوق رؤوس المقاتلين روى "الحمصي" أن بعض الجرحى الذين أصيبوا في المعركة وُضعوا في مكان اعتبروه آمناً، لكن للأسف بعد الحصار والمناوشات ضرب جيش النظام حوالي 150 قذيفة دبابة خلال نصف ساعة فقط فتهدّم أحد المباني على الجرحى فاستشهد عدد كبير منهم على الفور، وعندما رأى بعض المقاومين أن دائرة النيران ضاقت عليهم تراجعوا وتحصنوا في مبنى آخر، ولكن هذا البنى تهاوى للأسف فوق رؤوسهم أيضاً من شدة القصف بعدة قذائف وهناك أماكن انكشفت، ما يفسر هذا العدد الكبير من الشهداء إضافة إلى انشغال الكثير منهم بالجرحى ومحاولة إخلائهم كما ذكرت آنفاً.
وعن عوامل إخفاق هذه العملية وتفسيره لسقوط هذا العدد من الشهداء وهل يتحمل أحد مسؤولية ما جرى، أشار المصدر إلى أن أحد عوامل إخفاق هذه العملية وجود الماء في النفق الذي دخل إليه الثوار فترطبت حشوات الـ"آر بي جي" ولم تعد صالحة للاستخدام، ولو تم ضربها على الـ "بي إم بي" التي كانت تغلق فتحة النفق لاختلفت موازين المعركة، ولكن هذه إرادة الله، لذلك لا يمكن تحميل المسؤولية لأحد.
ونفى "الحمصي" أن شائعات تحدثت عن سوء إدارة من غرفة عمليات المعركة أو وجود "طابور خامس" ساهم في إخفاق العملية، مشيراً إلى أن غرفة العمليات عادة هي عبارة عن غرفة مركزية معروفة في الجبهات، وهي التي تصدر التعليمات وتوصل أخبار الجبهات، وتحرّك الصف الثاني أو المؤازرات والمساعدات الطبية.
وأكد "الحمصي" أن غرفة عمليات المعركة لم تشهد أي خطأ أو تلكؤ، لافتا إلى أن غرفة عمليات مثل هذه غير محصنة وليست مكاناً مخصصاً ولا تستطيع القيام بأكثر مما قامت به، ثم إن إنشاء مثل هذه الغرفة في ظروف سرية أمر في غاية الصعوبة، وخاصة أن المقاومين ألقوا القبض قبل معركة المطاحن بشهرين على شبكة مخبرين، ولذلك فالجانب الأمني في في حمص كان دون الصفر للأسف، حيث لا توجد لدى المقاومين أجهزة اتصال أو "مخابراتيين" على درجة عالية من المهنية، ولذلك لا يُستبعد أن يكون هناك اختراق من قبل جواسيس أو مخبرين أو كما يسمون (الطابور الخامس).
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية