أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بل نحن الذين ندفعهم لتهويد فلسطين ... د. عوض السليمان

دكتور في الاعلام - فرنسا  

عندما لا يجد الإرهابي من يمنعه من الإرهاب، فإنه لا شك يتمادى في طغيانه، وعندما لا يجد المجرم من يحاكمه، فلا ريب أنه سيزداد إجراماً، وكذلك فإن الفأر يستأسد إذا خلت الديار من قائد. وهذا هو حال الصهاينة مع الحكومات العربية، التي لم تنتفض يوماً من أجل فلسطين أو ضد العنجهية الصهيونية في المنطقة العربية. يتجرأ شذاذ الآفاق على حرمة المسجد الأقصى لمعرفتهم المسبقة أن الدول العربية والإسلامية لن تحاول البتة الوقوف في وجههم، هذا إذا لم تغمض عينيها وتعطي الموافقة الضمنية للعدو. لن يكون بمقدور الكيان الصهيوني أن يغير معالم القدس أو يستقر في فلسطين لولا تقاعس كثير من الحكومات العربية والإسلامية عن نصرة الأقصى، فنحن الذين ندفع الصهاينة للتطاول على القدس ومسجدها المبارك.
أكثر من ستين عاماً مرت على احتلال فلسطين واغتصاب أرضها، ماذا فعل القادة العرب ليثأروا؟ كلنا يعرف الجواب، لو أراد زعماءنا أن يرفعوا الحيف عن شعب فلسطين ويعيدوا أرضها لفعلوا ذلك منذ وقت طويل، لكن الذي لم يفعلها رداً على احتلال فلسطين نفسها، ولم يفعلها ردّاً على المجازر التي لا تحتملها مشاعر البشر، من قتل للأطفال وتمثيل بجثثهم وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها واغتصاب النساء وتشريد أهل الديار، فلن يفعلها اليوم بسبب كنيس الخراب، ولن يفعلها ولو هدم الكيان الإجرامي المسجد الأقصى نفسه.
لن يدافع عن القدس حكام، يبنون الجدر فتسجن شعب فلسطين في الأقفاص، وتمنع عنهم الغذاء والدواء، لقد مات كثير من أبرياء فلسطين، ليس بسبب الإجرام الصهيوني فحسب، ولكن بسبب الإجرام الذي مارسه حكام عرب يخافون من أمريكا أكثر مما يخافون من الوحش المنفلت، فأصبحوا يد أمريكا والصهيونية في المنطقة يأتمرون بما تأمر ويطيعون فلا يردّون ولو ببنت شفة.
أ يدافع عن القدس وعن المسجد الأقصى من بذل كل جهد في سبيل القضاء على المقاومة وتحجميها، وبثّ العيون ليقضي على صاروخ أو طلقة تتجه ضد الصهاينة، ونصب نفسها حارساً ضد المقاومة الفلسطينية ، بل وحارب بني قومه وإخوته ليبقى جالساً على كرسيه، ونهب أموال الشعب الفلسطيني وأصبح عمله جاسوساً للصهاينة فندد بعمليات المقاومة قبل أن يندد بها الأعداء فسماها عبثية وإرهابية.
أم يدافع عن القدس، أولئك الحكام الذين سعوا لشق الصف العربي، وكانوا عائقا في أن تنجح قمة عربية واحدة، أو تنتهي بقرارات تدافع عن حقوق الأمة العربية في الدفاع عن نفسها.
كيف يدافع عن فلسطين من سمح للقوات الأمريكية بالانطلاق من أرضه لاحتلال بغداد، وفرط في بلد كالعراق وبرئيس كالشهيد صدام حسين. إن الذي سمح للعدو باحتلال بلد عربي وتدمير قدراته، لن يفكر اليوم بأن يهب لنجدة الأقصى، ولعله لم يسمع أصلاً ما يحدث في الأقصى المبارك.
أم يدافع عن فلسطين أولئك الذين وقفوا إلى جانب الصهاينة في حربهم الأخيرة على لبنان، وطلبوا من الكيان الصهيوني القضاء على حزب الله كلية، ثم القضاء على حماس، أولئك الذين تفرجوا واستمتعوا بقتل أطفال غزة بالفسفور الأبيض.
لن تدافع عن فلسطين ولن تحمي القدس، حكومات عربية تحب الصهاينة أكثر مما تحب جيرانها من بني جلدتها.
يجب أن يعلم الفلسطينيون، أن حكومات عربية تطيع أمريكا أكثر مما تطيع الله عزّ وجل، لن تهتم بمصير القدس وأقصاه، تلك الحكومات التي تآمرت على العراق ثم تآمرت على سورية، ثم تآمرت على كل مقاوم ولو كان فرداً واحداً.
ليس القادة فقط، بل لن يدافع عن فلسطين الملايين الذين هبوا لتشجيع الفرق الرياضية، والذين كادوا أن يجعلوها حرباً بين الأشقاء من أجل مباراة في كرة القدم، هؤلاء الملايين يهمهم من سيربح المباراة ومن سيخسر، أما من أجل فلسطين فليس لديهم الوقت ليتظاهروا وينزلوا إلى الشوارع ويطالبوا بالثأر للأقصى.
ولن يدافع عن القدس تيار، جعل همه أن يقلد الغرب ويعبده في المأكل والملبس والمشرب، فهو لا يريد تحرير القدس ولكن يريد تحرير المرأة العربية من الحجاب. ولا يريد أن يصلي المسلمون في المسجد الأقصى بل يريد أن نقبل الشواذ من اللواطيين والسحاقيات في بلداننا، ويريد منا أن نعيش غربيين شذوذاً وجنساً وكحولاً. هؤلاء لا يدافعون عن فلسطين فهمّهم المؤخرات والصدور والسيقان ، ولعندهم حرية الساق خير وأعلى من حرية فلسطين كلها.
أ يعقل أن يدافع عن فلسطين كتاب طالبوا أولمرت أن يحرق غزة بالأسلحة الكيماوية، ورفعوا أعناقهم مطالبين باراك "بتحرير دمشق والقاهرة". يسبون دينهم وعروبتهم من أجل قاذورات أمريكا ووسخ الصهاينة.
وهل سيدافع عن فلسطين "علماء" منعوا حتى التظاهر من أجل فلسطين، ورفعوا الحاكم فوق العقيدة والقرآن والسنة، وعملوا ولا يزالون على تدجين الشعوب فتصبح عبيداً للحاكم تفعل ما يشاء، وأفتوا بتكفير كل نوع من المقاومة وكل أسلوب من أساليب الجهاد.
إذاً من يدافع عن فلسطين، لا تزال الأمة بخير، ولا يزال فيها من هو مستعد للموت من أجل ذرة تراب واحدة من أرض فلسطين، ولن تموت المقاومة في هذه الأمة.
ها هي المقاومة العراقية يشتد ساعدها وهي كل يوم أقوى من سابقه تتفنن في اصطياد الأمريكان والتنكيل بهم، وهاهم المقاومون في فلسطين وفي كل مكان في العالم مستعدون للتضحية من أجل فلسطين، ولا تزال حكومات عربية تقف كالشوكة في وجه العدو الصهيوني، ومهما فعل الصهاينة فإن مآلهم الهلاك عاجلاً أم آجلاً.
هنيئا للشعب الفلسطيني الذي يتحمل اليوم شرف الدفاع عن الأمة العربية والإسلامية كلها، وهنيئا لكل مقاوم ومجاهد وزعيم أو قائد يعرقل أحلام الصهاينة، وتعساً لكل زعيم يطأطئ رأسه لأعدائه ويخون أمته وشعبه ودينه. ولن ينسى التاريخ أحداً، فمن هؤلاء من يستحق الإكبار، ومنهم من سيُلعن إلى نهاية الزمان. وأما شعبنا المقاوم في فلسطين فإننا نحثهم على الصبر ونحسدهم على الرباط، ونتمنى لو أننا معهم هناك، ونذكرهم بقول الله تعالى" قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين".

(101)    هل أعجبتك المقالة (109)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي