أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هيك العداوة ولا بلاش ... أيوب الغنيمات


يقال إن الريس جمال عبد الناصر في إحدى خطبه بعد نكسة حزيران 1967، توقف فجأة وقال: كفاية نكت، طالبا من شعبه التوقف عن تأليف النكت على الهزيمة، ويقال أيضا إن الريس كانت لديه وحدة خاصة في المخابرات مسؤولة عن رصد النكات، لأنه يعرف أن النكات تمثل ما يفكر فيه الناس، وهي نبض الشارع غير القادر على طرح ما يريد بطريق مباشرة.
اعتاد المصريون السخرية مما لا يعجبهم بالنكات التي برعوا فيها، وتميزوا بها عن كل شعوب الأرض، وبخفة الدم التي يتعاملون بها مع كل شيء، فكان طبيعيا أن ينفجر بركان الهزل والسخرية لدى الشعب المصري العظيم بعد أن وقفوا عاجزين عن استمرار تدمير الأنفاق تلك الشرايين التي تمد غزة بالحياة، ووقفوا مره اخرى عاجزين عن منع بناء الستار لحديدي، وبعد أن أصبح التدوين تحت المراقبة، ويضرب على القفا كل من تسول له نفسه التحدث في المحرمات، وبعد أن أوقفت إدارة "فيس بوك" مؤخراً مجموعة "حملة مصريون ضد نكبة الجدار الفولاذي" كونها تنتهك شروط الاستخدام الخاصة بها.
فتفتقت عبقرية السخرية المصرية عن خطة تعبر عن نبضه, فحملت لي الأخبار خبرا تالياً نصه:
مجموعة مصرية على موقع "فيس بوك" الاجتماعي أطلقت حملة كبيرة لاعتبار فلسطين "عدوة لمصر" وتدعو إلى معاملتها كما تعامل السلطات المصرية الجانب الإسرائيلي في مختلف القضايا. تقول الحملة الإلكترونية، والتي جاءت تحت عنوان:
"فلسطين عدونا, فلنعاملها كما نعامل "إسرائيل"، ثم نقرأ مايلي:
"بعد الاطلاع على بيانات حكومتنا الرشيدة، وقراءة مقالات رؤساء تحرير الصحف القومية عن شرور فلسطين وخطورتها على الأمن القومي المصري. وبعد الجريمة النكراء على الحدود من قبل أشرار فلسطين ضد جنودنا البواسل الشجعان، ثبت أن نظامنا المصري على حق. فلسطين عدو وليست حليفاً أو صديقا. آن الأوان لأن نعامل فلسطين كما نعامل أعداءنا الصهاينة".
وأضافت الحملة:
فلنهد لهم (الفلسطينيون) الغاز مجاناً، أو بدراهم معدودة كما نفعل مع الصهاينة، ولننقل لهم الإسمنت وحديد التسليح بأسعار مخفضة كما نفعل مع الصهاينة، ولنحترمهم ونوقرهم حتى لو شتمونا أو قتلوا بعض جنودنا على الحدود بطريق الخطأ أو الصواب، كما نفعل مع الصهاينة، وليدخلوا أرضنا بلا جوازات سفر كما نفعل مع الصهاينة، ولنستورد منهم ونصدر لهم كما نفعل مع الصهاينة، ولنستقبل وزراءهم ومسؤوليهم بحفاوة وباحتفالات رسمية كما نفعل مع الصهاينة.
وختمت الحملة التي أطلقت على "فيس بوك" بالقول:
"نعم يا شعب فلسطين.. آن الأوان أن تذوق نار عداوتنا بعد برد محبتنا"
أعرف أن الشعب المصري ليس بهذه الدرجة من السذاجة بحث يصبح فيها عدواً لفلسطين أو لمناصريها العرب، فمصر هي قلب العروبة النابض، وهي أم الدنيا بحق، وأكبر دولة عربية بكل المقاييس، فثقل مصر العربي واضح يعلمه القاصي والداني، غير أن سياسة مصر الحالية المرتبطة بأفراد لا يمثلون كل مصر، ولا كل أحزابها الوطنية، فهؤلاء الذين قاموا بالحملة ضد فلسطين باعتبارها عدواً لمصر، فئة قليلة من الشباب لم يجدوا وسيله لمساندة أشقائهم سوى بالهجوم المعاكس أو المرتد، أو وفق سياسة كلمة باطل يراد بها حق، لذلك لم يجد الدكتور عادل (وهو من أطلق الحملة) وما يقارب الخمسة ألاف ممن انضموا إليه وسيلة للتعبير عن مساندتهم للشعب العربي في فلسطين سوى هذه الوسيلة، وهي الوسيلة التي لا تستطيع الحكومة المصرية التعرض لهم فيها، وفي مقابل لو أنهم أطلقوا حملة ضد الجدار الفولاذي، فربما لن تحمد عواقب تلك الحملة.
قد يقول البعض: ما هكذا تورد الإبل، فأقول بل هكذا تورد الإبل والنياق والخراف في عصر العولمة والتطبيع، بل أتمنى لو يتعامل النظام المصري مع الفلسطينيين كما يتعامل مع اليهود، بل وبقسوة أكبر حتى يتمتع و يذوق الشعب فلسطيني بطعم العدوه بعد أن جرب مرره مساندة الأخوة والأشقاء ، و هيك هيه العداوة ولا بلاش.

 

(92)    هل أعجبتك المقالة (90)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي