سبحان الله.. لم تبق حكومتنا الرشيدة شيئا الا وفرضت عليه ضريبة.. وكنا نتندر فنقول: قريبا سيفرضون ضريبة على الهواء الذي نتنفسه.. فخيبوا ظنوننا بأن وصلوا الى ما هو أبعد من ذلك وفرضوا الضرائب على العبادات التي تؤدى تقربا إلى وجه الله.. وغدا سنقول: قريبا سيفرضون ضريبة على كل ركعة تصلى في السر والعلن, ويركّبون عدادا على جبهة كل اردني ليحتسب عليه ركعاته وصلواته, وأظن حينها أن صلاة السنة لا بد ستحظى بتخفيض ضريبي لأنها نافلة يمكن للبعض أن يتهرب من أدائها حبا في التهرب من الضرائب, ولعل هذا سيصبح بندا جديدا في قانون العقوبات وهو التهرب من ضريبة السنن!!, وإنني أقسم أنني اصبحت أخشى أن نسمع قريبا بضريبة يسمونها ضريبة المساجد!!!
لكن قبل أن يصدر هذا القرار الذي لا أعلم إن دخل حيز التنفيذ أم انه ما زال يختمر في المكاتب والمجالس, خطر ببالي أمر أرجو أن تجد فيه حكومتنا الرشيدة مخرجا, أو بالأحرى مهربا لائقا من هذه الضريبة المشؤومة التي من شأنها ان تجعلنا نكتة في أفواه خلق الله بعد أن يشيع خبر أن حكومة الاردن تفرض ضرائب على التعبد والتقرب.
فمن المعلوم أن الاردنيين من أعلى الشعوب العربية والاسلامية نسبة في أداء مناسك العمرة وهناك من يؤديها مرة كل عام وأكثر رغم أن السنة النبوية الشريفة لم يرد فيها أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قد أدى العمرة إلا مرة واحدة, وتقدر الاحصاءات الرسمية أعداد المعتمرين الاردنيين سنويا بحوالي 100 ألف معتمر أو يزيد, هذا عدا عن الحجيج الذي يصل الى نحو 8 آلاف حاج كل عام أو أكثر, وبالتالي فإن هذه الضريبة المشؤومة ليس لها ان ترفد الخزينة بأكثر من 100-110 آلاف دينار سنويا وهو مبلغ ليس من شأنه أن يكون (النواية التي ستسند زير الموازنة المائل), وليس من شأنه أيضا ان يكون تعويضا مناسبا عن حجم ما سنتعرض له شعبا وحكومة من نقد وربما استهزاء من مسلمي الارض قاطبة.
لكن ما خطر في بالي قد يكون الانسب والاربح للحكومة والشعب على حد سواء, فالحاج او المعتمر الاردني عندما يزور الديار المقدسة ينفق على الاقل 100 دينار أردني على الهدايا والتبضع معظمها تذهب لشراء الاغطية (الحرامات), والادوات الكهربائية والالكترونية والتي في مجملها او حتى كلها سيئة الصنع, رديئة النوع, ومن منشأ مجهول, وفي أحسن الاحوال فهي (صيني نخب عاشر). وباعتراف التجار المحيطين بمنطقة الحرمين, فهي بقايا تصفية أو بالأحرى (برارة) السوق السعودي كاملة, بل والخليجي أيضا, ومعظمها أدوات كهربائية والكترونية تالفة أو برسم التلف, لكن ما يغري المواطنين بشرائها هو الانخفاض الكبير في أسعارها نتيجة أن العربية السعودية بالكاد تفرض أي ضرائب ورسوم جمركية على معظم مستورداتها.
لكن ما يغيب عن الحاج والمعتمر الاردني وكذلك الحكومة أن هذه المشتريات وهذه الدنانير المئة التي ينفقها الحاج والمعتمر الاردني (بالمعدل) هي اموال مهدورة بالمطلق, فالمواطن يخسرها وينفقها تماما كمن يلقيها في الشارع, لأن هذه البضائع لن تبقى صالحة لأكثر من أسابيع او حتى ايام, والحكومة تخسرها لأنها أموال بالعملة المحلية والصعبة تخرج من الاردن الى دولة أخرى دون مردود على الوطن والمواطن نهائيا.
ومقترحي السهل والبسيط يا سادة؛ يتلخص في أن تنشئ الحكومة الاردنية وبالتحديد القطاع العام ممثلا بالمؤسستين المدنية والعسكرية سوقا كبيرة في المنطقة الحرة الاردنية تقوم على بيع هذه الأصناف من المنتجات التي يقبل الحجاج والمعتمرون على شرائها, على أن تكون معفاة من الضرائب والرسوم الجمركية وذات جودة عالية او على الاقل متوسطة وبهامش ربحي معقول, بحيث يعود الحاج والمعتمر الى أهله محملا بالهدايا الجيدة التي تعيش وتستحق الثمن المدفوع مقابلها, فلا تذهب هدرا ولا يخسر هو ماله زورا وبهتانا, وتكسب الحكومة ربحا حقيقيا سيزيد بالتأكيد عن دينار (على الراس), وتكسب أيضا سمعتها وسمعة الاردنيين التي قد تصبح نكتة لو فرضنا ضريبة على التعبد والزيارة... لكن رجائي الوحيد والاخير أن لا تخرج ادارة هذه السوق (إن انشئت) عن احدى جهتين المؤسسة المدنية او المؤسسة العسكرية حتى لا تصبح بقدرة حكومية مؤسسة مخصخصة, بضائعها أغلى من بضائع السوق المحلية, حالها حال السوق الحرة الاردنية في المطارات والمعابر الحدودية!!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية