يشبه الكاتب الاميركي انتوني بيليزينسكي امكانية صعود جمال مبارك الى سدة الحكم بالعودة الى الملكية التي اطاحت بها ثورة جمال عبد الناصر في مصر، وذلك من خلال عملية تحول بطيئة قادها الرئيس الحالي محمد حسني مبارك خلال فترة الثلاث عقود من حكمه التي شبهها بانها الاطول منذ العهد الفرعوني، وطال التحول اسسا كانت سائدة ومعمول بها تحدد شخص الرئيس خصوصا انبثاقه من المؤسسة العسكرية وعلاقته بها.
ويتناول بيليزينسكي في كتابه "التوريث السياسي في العالم العربي" اوضاع التوريث السياسي في المنطقة العربية بشكل عام مخصصا فصلا خاصا لمصر تحت عنوان "مصر: الفرعون الجديد" ويستعرض ما تم تحقيقه حتى الان في عملية انتقال السلطة لجمال والمعوقات التي تعترض طريقه .
ابرز المؤشرات على قدوم جمال الى السلطة حسب الكاتب هي تدعيم دوره السياسي وتفعيله بطريقة متوازية مع عدم تعيين نائب للرئيس حتى الان وهو غالبا ما يكون من رحم المؤسسة العسكرية، بالاضافة الى ازاحة العديد من الاسماء اللامعة من طريقه افساحا له الطريق للوصول دون اعتراضات غير شعبية كما حصل مثلا عام 2000 خلال حملة مكافحة الفساد في الحكومة ونقل عمرو موسى الى جامعة الدول العربية كامينا عاما، كما تم التركيز في الفترة الماضية على ابعاد الجيش عن السلطة بطريقة تدريجية بعد ان كانت تعتمد عليه بشكل اساسي واحلال طبقة من رجال الاعمال لهم وزنهم السياسي مرتبطة بجمال و مكانه .
اما عن العوائق فيقول بيليزينسكي ان ابرزها هي احكام سيطرة جمال على البرلمان وهو الامر الذي لم يتحقق خلال الانتخابات التشريعية عام 2005 حيث لم يستطع اعوانه الوصول الى مجلس الشعب بسبب النجاح الذي حققه الاخوان مؤكدا ان المحاولة ستتكرر خلال الانتخابات القادمة، اما العائق الاخر بنظر الكاتب هي روح عبد الناصر التي لا تزال مهيمنة على الشارع المصري بصفته هادم الملكية، مما يعني ان مبدا التوريث او التشبه بالملكية له موانعه النفسية لدى الشعب، اما ثالث العوائق فهو موقف المؤسسة العسكرية حيث ان المادة 150 من الدستور نصت ان رئيس البلاد هو القائد الاعلى للقوات المسلحة مما يفسر ان الرئيس يجب ان يخرج من لدن المؤسسة المذكورة وليس من خارجها، ويبدو ان ايصال جمال الى السلطة يمر عبر المادة 76 والتي تنص ان الرئيس لابد أن يحصل علي تاييد المؤسسات المدنية، مثل مجلس الشعب، والشورى والمجالس المحلية، مما يدل على ان الداعم يتحول من يد الجيش الى يد المؤسسات الدستورية المدنية لاضفاء الشرعية على ترشيح ووصل جمال الى الرئاسة.
ويستعرض الكتاب اساليب تدعيم الحكم من خلال الدستور الذي تحول الى اداة لانتقال السلطة الى الابن حيث ان الرئيس استعمله اولا لتعزيز سلطته وسلطة عائلته ومصالح المقربين منه، ويختم الكاتب صفحاته بمخاطر التوريث خصوصا انه يترك مجالا لما اسماه الصدفة والاحتمالات والضعف الذي سيلحق بنظام الحكم، ويقول ايضا ان الشعب متسامح بقضية التوريث لانه لا يتطلع الى الكرسي الاول ولا يبغي الا الاستقرار.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية