أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الهدية الأهم! .. حسن م يوسف

لو سئلت عن أهم هدية تلقيتها في حياتي لقلت دون أي تردد: «موسوعة الشعر العربي» فقد وجدت في إصدارها الثالث كنزاً معرفياً حقيقياً لا غنى عنه لأي قارئ أو كاتب من الناطقين بلغة الضاد.
لم تبدأ قصة هذه الموسوعة في أبو ظبي حيث صدرت قبل سنوات، بل بدأت في حي المزرعة بدمشق، وفي بيت الصديق الباحث برهان بخاري، شفاه الله، الذي كنت أتابع عمله عن قرب. المهم هو أن برهان باع حصيلة بحثه التي تبلغ مئات آلاف الأبيات من الشعر العربي لمجمع أبو ظبي الثقافي، لتكون الأساس المكين للموسوعة، غير أن اسم برهان لم يرد في الموسوعة، على اختلاف إصداراتها، ربما لأنه تنازل للمجمع عن حقوقه المادية والمعنوية.
عندما ألغي المجمع الثقافي مؤخراً آلت الموسوعة لمؤسسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم فأغنتها بمواد جديدة بحيث صارت تضم ثلاثة ملايين وخمسمئة ألف بيت من الشعر وخمسمئة وواحداً وتسعين مؤلفاً من عيون الأدب العربي على رأسها الأغاني، والإمتاع والمؤانسة، ومقامات الهمذاني، إضافة لأربعة معاجم وست وعشرين قصيدة مسجلة. والطريف في الأمر أن الورثة الجدد تجاهلوا من ورثوا عنهم أيضاً، وأطلقوا على الإصدار الأخير، اسم الإصدار الأول، رغم أن المشرف والمنفذ لهذا الإصدار هو المبرمج السوري منذر عقيلي الذي سبق أن أشرف ونفذ الإصدارات السابقة!
صحيح أنه لديَّ بعض الملاحظات على الإصدار الجديد، إلا أنني لا أزال أعتبر هذه الموسوعة أهم هدية تلقيتها في حياتي، فهي تحوي ما يعادل ثلاثمئة وأربعين ألف صفحة من التراث العربي يمكن الوصول إلى أي كلمة فيها خلال لحظات.
ما حثني على إثارة هذا الموضوع هو أنه لدينا في سورية موسوعة ورقية تتكون من اثنين وعشرين مجلداً تصفها إدارتها بأنها «أجمل هدية للثقافة العربية حيث إنها الموسوعة العربية الأولى الشاملة والكاملة التي خطت بأقلام عربية دون أي اعتماد على مواد مترجمة». والحق أن اكتمال صدور الموسوعة العربية السورية يشكل إنجازاً حقيقياً لسورية وللثقافة العربية، لكن عصر الموسوعات الورقية إلى أفول، فثمن مجلدات الموسوعة 26400 ليرة سورية، كما أن المجلد الواحد يقع في أكثر من ألف صفحة من القطع الأكبر، ويحتاج إلى عتال لحمله! وبما أن هيئة الموسوعة العربية أسست بمقتضى مرسوم تشريعي وترتبط برئاسة الجمهورية العربية السورية، لذا أود أن أطلب من من جميع المسؤولين والمعنيين باسم جميع من يقرؤون ويكتبون في سورية والوطن العربي إنشاء هيئة تحرير معلوماتية للموسوعة العربية، تحولها، على نسق الموسوعة البريطانية، من موسوعة ورقية إلى موسوعة إلكترونية مدعومة بالوسائط المتعددة من صور ومقاطع فيديو ورسوم توضيحية، كي يسهل علينا حملها والاستفادة منها دون عناء، كما أقترح وضعها على شبكة الإنترنت، وأن يكون الدخول إليها مجانياً وعندها تكون بالفعل «هدية حقيقية للثقافة العربية».

عن الوطن
(78)    هل أعجبتك المقالة (83)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي