أصبحت مدينة "سربرنيتسا" بالبوسنة والهرسك اليوم، أشبه بمدينة أشباح هجرها الشباب ولم يبق بها إلا عدد قليل من المسنين يُتوفون فيها الواحد تلو الآخر كما تتساقط أوراق الخريف، وفق تقرير لوكالة "الأناضول".
وأوضحت الوكالة أن "سربرنيتسا" كانت قد شهدت مذبحة قتل فيها الآلاف أثناء حرب البوسنة في تموز/يوليو 1995. وما تزال آثار وآلام المذبحة التي شهدتها هذه المدينة الصغيرة قبل 26 عاماً باقية في شوارعها ومبانيها وعلى وجوه ساكنيها.
وقال "ألفيس سبيوديتش" أحد الشهود على المذبحة وكان وقتها في سن الحادية عشرة، إنه عاد إلى مدينته "سربرنيتسا" قبل 15 عاماً، وكان واثقاً من أن المدينة ستسترجع روحها القديمة.
وأضاف أن الكافيهات والمطاعم والفنادق كانت تعمل جيداً في المدينة، إلا أن الوضع بدأ يسوء منذ 5 سنوات وأن المدينة "تموت تدريجيا" على حد وصفه.
ولفت "سبيوديتش" إلى أن "سربرنيتسا" تتحول بالتدريج إلى مدينة يسكنها فقط المسنون، بينما يرى الشباب أنه لا مستقبل لهم في المدينة.
أما "سيناد ديوزيتش"، من سكان المدينة وعاد إليها عام 2009، فقال إنه عاد إلى مسقط رأسه وبعد عام أحضر والدته وتزوج وكون أسرة بالمدينة وعمل في إحدى المكتبات، إلا أن الوضع الاقتصادي بالمدينة سيء للغاية.
وذكر أن العاملين بالزراعة وتربية الماشية يعانون من ظروف صعبة للغاية بالمدينة، التي لا يوجد بها مطاعم ومقاهي ودور سينما مثل المدن الأخرى.
وأكد أن حبهم لمدينتهم ومسقط رأسهم يدفعهم لتحمل ذلك، مشددا أنه لن يترك سربرنيتسا رغم كل تلك الصعوبات.
أما "فضيلة أفنديتش" وهي أحد شهود المذبحة، فقدت فيها زوجها وولدها، فقالت إن مواجهة الحقيقة دائما ما تكون صعبة للغاية، وإنها كانت مفعمة بالأمل أكثر عندما عادت إلى المدينة.
وتابعت: " ما يجعل مكاناً ما مدينة هو أهل المكان وسكانه وليس المباني والطرق. لقد قتل هنا الآلاف ومن بقوا الآن يعيشون وهم خائفون من أن يصيبهم مكروه".
في 11 تموز/يوليو من عام 1995، لجأ مدنيون بوسنيون من سربرنيتسا إلى حماية الجنود الهولنديين التابعين للأمم المتحدة، بعدما احتلت القوات الصربية المدينة، غير أن القوات الهولندية أعادت تسليمهم للقوات الصربية.
وقتلت القوات الصربية أكثر من 8 آلاف بوسني من الرجال والفتيان من أبناء المدينة، وسمحت للأطفال والنساء فقط بالخروج منها.
ودفن الصرب القتلى البوسنيين في مقابر جماعية، وبعد انتهاء الحرب أطلقت البوسنة أعمال البحث عن المفقودين وانتشال جثث القتلى من المقابر الجماعية وتحديد هوياتهم.
ودأبت السلطات البوسنية في 11 يوليو من كل عام، على إعادة دفن مجموعة من الضحايا، الذين تم تحديد هوياتهم، في مقبرة "بوتوتشاري".
زمان الوصل - رصد
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية