أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المفتي والمفترون ... حسن م يوسف

أحد هواة الصيد في المياه العكرة استوقفني في الشارع وأسمعني كلاماً زعم أن مفتي سورية الشيخ الجليل أحمد بدر الدين حسون قاله في لقاء مع وفد طلابي أميركي.

 قلت له دون تردد: هذا الكلام كذب! سألني الرجل، وقد فوجئ، هل كنت حاضراً في اللقاء؟ أجبت بالنفي، قال: فهل قرأت المقال؟

أجبت بالنفي أيضاً! عندها تمدد البياض في عيني الرجل من فرط الدهشة. قال بمزيج من الاستغراب والاستهجان: علمي أنك شخص منطقي! ابتسمت وقلت له إنني أحاول أن أكون منطقياً حينما يتيسر لي ذلك! رفع الرجل صوته قائلاً: إذا كنت منطقياً فكيف تسمح لنفسك إذاً أن تدافع عن المفتي هذا الدفاع الأعمى، وأنت لم تكن حاضراً لقاءه ولم تقرأ ما قاله؟!

قلت للرجل: صحيح أنني لا أعرف حقيقة ما قاله المفتي في ذلك اللقاء، لكنني أعرف حقيقة ما قاله في مئات اللقاءات الأخرى، ما جعلني بإجماع عقلي وقلبي، أمنحه ثقتي! أنا في هذا الموقف لا أدافع عن المفتي، بل أدافع عن ثقتي به، وثقتي بسماحته ليست عمياء بأي حال، بل هي ثقة راسخة عززتها براهين البصر والبصيرة واتفقت عليها رؤية العين ورؤيا الفكر.
أحسب أنني لست من أنصار نظرية المؤامرة، لكنني لا أملك إلا أن أنظر بارتياب لهذه «العملية» التي بدأت في إحدى الصحف التي تصدر في أوروبا، وإذا كانت العملية بريئة في مبتداها فهي ليست بريئة في مراحلها اللاحقة، بكل تأكيد، لأنها أخذت شكل عملية سياسية مشبوهة هدفها تهييج المواطنين العرب المتدينين ضد سورية ومفتيها وقيادتها.

والمؤسف حقاً أن بعض الأطراف المحلية المنغلقة قد تلقفت الأكذوبة وسارت بها، غير عالمة أن المستفيد من هذا التشويش المشبوه هم الذين ينهبون ثروات الأمة ويهددون هويتها ووجودها.
أعرف أن سماحة المفتي أحمد بدر الدين حسون ليس بحاجة لشهادتي، لكن سلفنا الصالح وصف الساكت عن الحق بأنه شيطان أخرس، لذا لا يسعني أن أسكت عن محاولة المس بهذا العالم الجليل الذي نذر حياته من أجل مصلحة الأمة وصلاحها في الدين والدنيا.
من المعروف أن سماحة المفتي يستخدم في حديثه لغة أدبية راقية فيها المجاز والبلاغة والتشبيه، وله أسلوب أصيل في التعبير ينفض عن المفردات غبار الاعتياد، ما يكسب كلامه وقعاً جديداً يكون له أثره العميق في النفوس.

 لذا يقول أشياء تبدو صادمة لفقراء الخيال، على طريقة الشاعر الشعبي القديم الذي يقول: «بحب البخيل كتير وبحب اللئيم، وبعبد عديم المعرفة وبهوى الغشيم، لولا عديم المعرفة ما في زكى، ولولا البخل والَّلأْمَنِه ما في كريم».
وما حال المتطاولين على سماحة المفتي إلا كحال من وصفهم أمير الشعراء أحمد شوقي بقوله:
حِكمَةٌ حالَ كُلُّ هَذا التَجَلّي دونَها أن تَنالَها الأَفهامُ.

عن الوطن
(135)    هل أعجبتك المقالة (105)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي