في سوريا وتحت جناح الأسد، جيش يسمى "جيش التحرير الفلسطيني"، ولكن هذا "الجيش" على ما يبدو لا علاقة له لا بـالتحرير ولا بفلسطين، وليس أدل على ذلك من بيانه الأخير الذي صدر بينما يذبح جيش احتلال غزة وأهلها من الوريد إلى الوريد.
وبغض النظر عن تاريخه الذي بات معروفا للجميع، وبأنه لم يكن يوما سوى مليشيا ومخلب قط لنظام الأسد، سلطه ولاحق به الفلسطينيين لعقود، ثم أشركه في ذبح السوريين خلال السنوات الأخيرة.. بغض النظر عن كل ذلك رغم فداحته، فإن البيان الذي أصدره "جيش التحرير الفلسطيني" قبل ساعات، يعد فضيحة بكل المقاييس.
فقد استنكف البيان -ودون أي ذرة خجل- عن ذكر غزة ولو بكلمة واحدة، وهي التي قدمت حتى الآن قرابة 140 شهيدا نصفهم تقريبا من الأطفال، فضلا عن مئات الجرحى والمصابين، إلى جانب دمار واسع في الممتلكات... وما يزال في جعبة جيش الاحتلال المزيد.
ومع إن مأساة غزة التي ما تزال فصولها مستمرة، حركت معظم شعوب الأرض، فإنها لم تحرك شعرة في "جيش التحرير الفلسطيني"، الذي مضى على تأسيسه 56 سنة على وعد تحرير الأرض.. وعلى الوعد ياكمون!
فقد نشر "جيش التحرير الفلسطيني" بيانا رسميا مؤلفا من 528 كلمة، لم يذكر فيه كلمة "غزة" ولو مرة، لا بل ولم يلمح لها إطلاقا، كاشفا من جديد عن الوجه الحقيقي لهذا "الجيش" وعن أهدافه التي أسس لها.
ولم يكن إغفال "غزة" كليا هو الفضيحة الوحيدة للبيان الذي صدر بمناسبة ذكرى النكبة، فقد استكثر البيان أيضا ذكر شهداء غزة أو الترحم عليهم، وهم الذين غطت دمائهم الشاشات ووصلت أخبار الفتك بهم إلى أصقاع العالم..
وأبعد من ذلك فإن بيان "الجيش" الذي يتستر بكلمتي التحرير وفلسطين، لم يشر من بعيد ولا قريب إلى تحرير فلسطين ولا حتى شبر منها، بل أشار فقط، وتحديدا على "تحرير أرضنا العربية المغتصبة في الجولان".
وأخيرا وحتى لا يترك "جيش التحرير الفلسطيني" مجلا لتقول أو تأويل حول هوية هذا الجيش ومدى ارتباطه بفلسطين، فقد دعا إلى "الالتفافِ حولَ القيادةِ التّاريخيَّةِ الحكيمةِ والشُّجاعةِ للسَّيِّد الرَّئيس المفدّى بشــار حافــظ الأســد"، ولكن ليس من أجل تحرير فلسطين بل "للسَّيرِ قُدُماً في طريقِ دَحْرِ الإرهابِ المجرمِ، وأدواتهِ الدَّمويَّةِ الحاقدةِ"، وهي العبارة البديلة للإجهاز على البقية الباقية من السوريين.
بيان رئاسة هيئة أركان جيش التَّحرير الفلسطينيّ في الذكرى الثالثة والسبعين لنكبة فلسطين
تمرُّ في الخامسَ عشرَ من أيّارَ ذكرى أليمةٍ لجريمةٍ ارتُكِبَتْ قبلَ /73/ عاماً وما زالت أحداثُها تتوالى مع كلِّ ساعةٍ، هي ذكرى نكبةِ فلسطينَ وإقامةِ الكيانِ الصّهيونيِّ الغاصبِ فوقَ أرضِنا المباركة.
إنَّ جريمةَ إقامةِ الكيانِ الصّهيونيِّ في 15/أيّار عامَ 1948 كانت نتيجةَ تآمرِ الدُّولِ الاستعماريَّةِ الكبرى مع الصَّهاينةِ الغُزاةِ وقوى الظُّلمِ التي ارتَكَبَتْ جريمةً ضدَّ الإنسانيَّةِ بطردِ مئاتِ آلافِ العربِ الفلسطينيِّينَ، من أرضِهِم وديارِهِم ومُدُنِهِم وقُراهُم وبَيّاراتِهِم التي عاشوا فيها آلافَ السِّنينَ، ليَسْكُنَها شُذّاذُ الآفاقِ من الصَّهاينةِ تحتَ ذريعةِ وعدٍ إلهيٍّ مزعومٍ.
لم يستسلمْ أهلُنا في فلسطينَ العربيَّةِ للاحتلالِ، ولم يَدْخُلِ اليأسُ نفوسَ أبنائِهِ، وأصبحَ تاريخُهُ النِّضاليُّ حلقاتٍ متكاملةً من الثَّوراتِ والانتفاضاتِ والمعاركِ البطوليَّةِ، ومن المقاومةِ بأشكالِها المختلفةِ، حيثُ أبدعَ أبطالُنا في إيجادِ السُّبُلِ الكفيلةِ بمقاومةِ العدوِّ وتحويلِ حياةِ مُسْتَوْطِنِيْهِ إلى جحيمٍ من الرُّعبِ، وهو يَتَوَقَّعُ الأسوأَ، فمسارُ المقاومةِ العسكريَّةِ والسِّياسيَّةِ والقانونيَّةِ وغيرِها متواصلٌ، ولم يَبْخَلْ بواسلُ شعبِنا في تقديمِ الأرواحِ الطّاهرةِ لتحريرِ الأرضِ السَّليبةِ؛ مستخدِمينَ كلَّ ما يَصِلُ أيديَهُم من الحجرِ والسِّكينِ حتّى الصّاروخِ لمقارعةِ المحتلِّ الجبانِ، الذي يختبئُ خلفَ ترسانةٍ من الأسلحةِ المتطوِّرةِ التي تُقَدِّمُها الولاياتُ المتَّحدةُ الأمريكيَّةُ والدُّولُ الاستعماريَّةُ الغربيَّة، وهم يُحَقِّقُونَ كلَّ يومٍ إنجازاتٍ عظيمةً تُؤَكِّدُ بما لا يَدَعُ مجالًا للشَّكِّ أنَّ شعبَنا المقاومَ البطلَ يسيرُ بخطى ثابتةٍ نحو النَّصرِ المُؤَزَّرِ، وأنَّ بواسلَنا يبذلونَ الوقتَ والجهدَ والعرقَ والدَّمَ لتحريرِ الأرضِ واستعادةِ المُقَدَّسات.
لقد حاولَ العدوُّ الصّهيونيُّ الحاقدُ التَّطاوُلَ على مُقَدَّساتِنا الإسلاميَّةِ والمسيحيَّةِ، والتَّنكيلَ بأهلِنا في حيِّ الشِّيخ جراح، فواجَهَ في القدسِ أُسُوداً لا تَهابُ الرَّدى، تُدافِعُ عن الأقصى بالعيونِ والقلوبِ، وكان بواسِلُنا أبطالًا ميامينَ يَصْنَعُونَ عُنفوانَ الأُمَّةِ وكرامَتَها بصبرِهِم وشجاعتِهِم، وإصرارِهِم على مَنْعِ قُطعانِ المستوطنينَ من الوصولِ إلى باحاتِ المسجدِ المُقَدَّسِ؛ مؤكِّدِينَ أنَّ الدَّمَ الطّاهرَ هو وحدَهُ مَنْ يكتُبُ التّاريخ. وعندما ازدادتِ الهجماتُ المسعورةُ للصَّهاينةِ، كان الرَّدُ على اعتداءاتِهِم مقاومةً تَصْنَعُ مجداً أعادَ للقدسِ أَلَقَها ومكانتَها، فصواريخُ المقاومةِ مع انتفاضةِ أهلِنا في كلِّ فلسطينَ من نهرِها لبحرِها، أعادَتْ قضيَّتَنا العادلةَ إلى واجهةِ اهتماماتِ العالَمِ، مؤكِّدةً أنَّ للفلسطينيَّ حقًّا مشروعاً في المقاومةِ والحرِّيَّةِ والحياةِ كباقي شعوبِ الأرض.
إنَّ هذهِ المَلْحَمَةَ التي اندلعَتْ شرارَتُها من أُولى القبلتينِ وثالثِ الحرمينِ الشَّريفينِ ستستمرُّ، ولن تُفْلِحَ محاولاتُ المتآمرينَ في إعادةِ زمامِ المبادرةِ للكيانِ الصّهيونيِّ، فشعبُنا يعرفُ أنَّ طريقَ حرِّيَّتِهِ مُعَمَّدٌ بالدَّمِ القاني، وقد عَقَدَ العزمَ على الوصول إلى أهدافهِ المنشودةِ مهما غلتِ التَّضحيات.
إنَّ خيارَ شعبِنا كان ولا يزالُ هو التَّمسُّكُ بالمقاومةِ طريقاً لتحقيقِ أهدافهِ في التَّحريرِ والعودةِ وإقامةِ الدَّولةِ الفلسطينيَّةِ المستقلَّةِ فوقَ ترابِهِ الوطنيِّ المُحَرَّرِ وعاصمَتُها القدسُ، ونحنُ في جيشِ التَّحريرِ الفلسطينيِّ ندعو إلى وحدةِ الصَّفِّ الوطنيِّ والقوميِّ، وإلى العملِ بكافَّةِ السُّبُلِ لدعمِ صمودِ شعبِنا في الأرضِ المحتلَّةِ، ولكشفِ جرائمِ الاحتلالِ اليوميَّةِ ضدَّ أهلِنا؛ داعينَ إلى وقفةٍ حقيقيَّةٍ شاملةٍ لمساندةِ أهلِنا المقدسيِّينَ في معركةِ الوجودِ التي يخوضُونَها بكلِّ شجاعةٍ وإباءٍ، ونُعْلِنُ رفضَنا لكلِّ أشكالِ التَّطبيعِ، والاستسلامِ،
والتَّنازُلِ والتَّفاوضِ العبثيِّ، والتَّنسيقِ الأمنيِّ المُخزِي التي نعتبرُها طعنةً في الظَّهْرِ لنضالِ شعبِنا، ولدماءِ شهدائِهِ، وتشجيعاً للعدوِّ على ممارسةِ المزيدِ من الإجرامِ بحقِّ أهلِنا في الوطنِ المحتلِّ وخارجَهُ، داعينَ إلى الالتفافِ حولَ القيادةِ التّاريخيَّةِ الحكيمةِ والشُّجاعةِ للسَّيِّد الرَّئيس المفدّى بشــار حافــظ الأســد للسَّيرِ قُدُماً في طريقِ دَحْرِ الإرهابِ المجرمِ، وأدواتهِ الدَّمويَّةِ الحاقدةِ، والانطلاقِ لمعركةِ تحريرِ أرضِنا العربيَّةِ المُغْتَصَبَةٍ في الجولان، طريقُنا إلى ذلكَ الشَّهادةُ أو النَّصرُ، والشَّهادةُ أوَّلًا لأنَّها الطَّريقُ إلى النَّصر
الـمجد والـخلود للشُّهداء الأبرار والشِّفاء العاجل للجرحى
** وإنَّنــــــــــــا لعائــــــــــــدون **
رئاسة هيئة أركان جيش التَّحرير الفلسطينيّ
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية