أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

من ينقذ غزة من الكوارث الإنسانية ومكر السياسة ؟ .. زهير الخويلدي

"ان البشر يسعون وراء غاية أخيرة... ويسمح تملكها بالتحقيق الكامل موضوعيا للطبيعة البشرية"
ما يحدث لغزة منذ عام هو جريمة إبادة بالمعنى الحقيقي للكلمة وليس مجرد خدش في ضمير الإنسانية ولا ملف لقضية تشغل الرأي العام العالمي لأن الكوارث الطبيعية والانقسامات الداخلية والعدوان الغاشم الصهيوني والاقتتال الداخلي الفلسطيني والتكالب على السلطة كلها أمور قد زادت وضعية سكانها الحياتية والبيئية والاقتصادية تدهورا وانغلاقا.
إن عملية الرصاص المسكوب كانت محرقة لا تقل بشاعة عن جريمة الهولوكست ذهب ضحيتها الأبرياء وان تعفن مياه الشرب وتعثر إصلاح مسالك الصرف الصحي وتدهور البنية التحتية بسب الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة واعتماد سياسة التجريف والأرض المحروقة قد أدت إلى اختناق سكانها وتكاثر الأوبئة والأمراض المستعصية وارتفاع عدد الوفيات. كما أن حالة الحصار الدائم والعزلة التامة والتحرش المبرمج التي تعاني منها المدينة تسبب في تجويعها وحرمانها من مقومات البقاء وانقطاع المساعدات الطبية العاجلة ووسائل الطاقة والإغاثة الضروريتين للمحافظة على الحياة.
كما أن الشروع في بناء جدار عازل على حدودها مع مصر والتفكير في إقامة جدار ثان مع سيناء إضافة إلى المراقبة الشديدة والتضييق على الشريط الساحلي وغلق المطارات والموانئ قد يؤدي إلى احتقان الوضع الداخلي ويشجع على بروز التطرف والحلول العدمية داخل الطبقة السياسية. علاوة على أن الفيضانات الأخيرة والتي كانت بفعل فاعل وما جرفته مما تبقى من معالم الحياة يؤدي إلى التنبؤ بكارثة جديدة تحل بمن تبقى على قيد الحياة من سكانه.
من البين إذن أن غزة ليست فقط ضحية اللانظام العالمي الجديد والايديولوجيات المغلقة التي تفرخ الشمولية والصهيونية والتمامية بل هي أيضا مستهدفة من ألعاب السياسة القذرة التي تحتكم إلى مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ومن كوارث الطبيعة التي تخضغ لمشيئة قانون الانتخاب والبقاء للأصلح.
إن المطلوب اليوم القيام به هو وقفة حازمة وجدية من طرف الهيئات الدولية والمنظمات الحقوقية للضغط على الكيان الغاصب من أجل فتح المعابر وتوفير قنوات الاتصال الجوي والبحري وتفعيل المزيد من المبادرات الفردية والجماعية كالتي قام بها جورج غالويه وما قام به من بعث شريان الحياة في جسدها المنهك.
إن أقل ما يمكن أن تقوم به الأنظمة العربية المجاورة هو التعويض للسكان لما أصابهم من أضرار وتتبع المذنبين والمدبرين للمكائد والعمل على مساعدة القوى الفاعلة في الداخل والناشطة في الشتات سواء من فتح أو حماس أو غيرها من الفصائل الوطنية والإسلامية على التصالح والتفاهم من أجل إنقاذ القطاع من الهلاك الحتمي وليس تغذية النزاعات وتشنيج الأجواء بين الفصائل وإبرام الصفقات السياسية وكسب المنافع الاقتصادية ، فمتى تحن الطبيعة على غزة ويلطف الرب بسكانها؟ ومتى تأخذ الحلول السياسية مكانها الجدير بها بدلا عن الحلول العسكرية ومنطق العزلة والحصار والجدران؟


كاتب فلسفي

(78)    هل أعجبتك المقالة (85)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي