في مثل هذا اليوم من كل عام - السادس من كانون الأول- يحتفل أبناء الشعب العراقي العظيم ومعهم أبناء الأمة العربية ذكرى تأسيس الجيش العراقي البطل، في هذا اليوم وفي الذكرى التاسعة والثمانون لتأسيس أول جيش عراقي وطني - تأسس عام 1921- فان أبناء الأمة يستذكرون البطولات العديدة التي خاضها أبناء العراق النشامى ليس فقط على ارض الرافدين، لا بل وفي معظم مواقع البطولة والفداء التي وقعت في المنطقة.
لقد كان تشكيل الجيش العراقي الذي أعقب ثورة العشرين التي شارك فيها أبناء العراق رمزا للوحدة والإخاء بين جميع مكونات هذا الشعب، وقد رفرفت رايات هذا الجيش عاليا في كل مواقع العز والرجولة، حيث ساهم في الكثير من المواقع والمعارك التي فرضت في أحيان كثيرة على امة العرب، ومن هنا فلم يكن غريبا أن تتواجد مقابر الشهداء من أفراد هذا الجيش في فلسطين والأردن وفي سوريا وغيرها. إن وجود تلك المقابر إنما هو الدليل "الأسطع" على عروبة هذا الجيش، وعلى دور أبناء العراق في الذود عن حياض الأمة، بغض النظر عن النتائج التي يمكن أن تكون قد تحققت في معظم تلك النزالات التي شارك فيها أفراد هذا الجيش.
إن - فكرة- أو -مبدأ- المشاركة في النزالات التي فرضت على الأمة، هي التي تؤكد على أن هذا الجيش، إنما كان يمكن أن يكون مقدمة لتكوين جيش عربي موحد يذود عن أبناء الأمة وعن خدودها ومقدراتها فيما لو خلصت النوايا وتوحدت الأهداف لقادة الأمة.
جيش العراق العظيم الذي شارك في الدفاع عن ارض فلسطين، كما شارك في مواقع العز والشرف في الجولان السورية المحتلة، ودافع عن عاصمة الأمويين وحال دون سقوطها في حرب أكتوبر، كما شارك صقوره في الذود عن عاصمة المعز وغيرها من مدن مصر العروبة، هذا الجيش الذي دافع أبناؤه ببسالة عن البوابة الشرقية للوطن العربي،كان دوما في خندق الكرامة ولم يدر أبدا ظهره لمعتد أثيم كما فعلت بعض جيوش امة العربان. وما وجود مقابر الشهداء العراقيين في فلسطين والأردن وغيرها سوى الدليل على ان هذا الجيش كان دوما في خندق الأمة وفي جبهات الشرف.
من هنا ولان هذا هو الدور الذي كان يلعبه دوما هذا الجيش، فإنه كان لابد من وضع حد له ولدوره العروبي العظيم، ومن هنا فإن احد أول القرارات التي اتخذها المحتل الأجنبي لأرض الرافدين في العام 2003، كان حل هذا الجيش في توجه واضح يبين الحقد الذي يحمله الغزاة على دور هذا الجيش كما ويهدف بشكل واضح وبين لا لبس فيه إلى خدمة أغراض دولة الاغتصاب الصهيوني في فلسطين.
إن أي مراجعة لهذا القرار - قرار حل الجيش العراقي- وأي قراءة متروية لما كتبه بول بريمر الذي حكم العراق بعد احتلاله حول حل الجيش في كتابه - عام قضيته في العراق- يؤشر بشكل لا مجال للشك فيه أن غزو العراق واحتلال إنما كان خدمة لأغراض خبيثة تصب في مجملها في مصلحة دولة العدوان في فلسطين ومن اجل إضعاف دور العراق العربي وإيجاد - جيش لحدي- جديد، يأتمر بأوامر الأجنبي لكن في العراق هذه المرة.
أن نختلف مع النظام السابق في العراق أو تلك الأنظمة التي سبقته، أو أن نتفق معه أو معها، فهذا لا علاقة له بالموقف من جيش العراق، الذي جسد الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا البلد، كما وجسد الروح العربية الأصيلة التي يتميز بها أبناء العراق العظيم بكل أطيافهم وإثنياتهم وأعراقهم، كما ويعبر عن شموخ الإنسان العراقي وأنفته، وما يتمتع به من سمات الرجولة والإباء والهمة العالية.
لأن العراق بأبنائه وجيشه كان على الدوام هذه مميزاته وهذه سماته، فقد كان لا بد من غزوه واحتلاله ووضع حد لما يمكن أن يمثله أبناؤه وجيشه في مستقبل الأيام. ومن هنا فقد سعت قوى الشر والعدوان وكل الحاقدين على العراق منذ السبي البابلي وحتى اليوم إلى هذا الاحتلال، ونجحت في أن تجر معها بعضا من امة العربان الذين سقطوا في براثن الطغاة والطامعين، غير مدركين بان لعنة التاريخ ولعنة الأجيال ستظل تطاردهم وستكون لهم بالمرصاد.
في ذكرى تأسيس جيش العراق العظيم، لابد من القول طوبى للعراق وأهل العراق وجيش العراق، طوبى للجباه العالية التي دافعت عن امة العرب، طوبى للذين سقطوا في مواقع العز والشرف ووقفوا في وجه الأطماع التي استهدفت عروشا وأنظمة وأراض ما كان لها ان تبقى لولا وقوف العراق في وجه تلك الأطماع، في ذكرى تأسيس الجيش العراقي، فانه لا بد من القول بأن ما جرى ولا زال يجري في ارض الرافدين من - بلاء وقتل ودمار- سوف ينتهي على أيدي أبطال المقاومة العراقية، وهذا لن يكون بعيدا، وسوف يبزغ فجر عراقي جديد، يعاد فيه بناء الجيش العراقي كما كان، لا بل وبصورة أكثر إشراقا ليعود إلى ممارسة دوره في الدفاع عن حياض الأمة وعزة العراق.
6 كانون الثاني 2010
في ذكرى تأسيسه، حل الجيش العراقي وإضعاف العراق من أهم أسباب الغزو
رشيد شاهين
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية