أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

توبة ... دجلة الناصري

بعد ليال نازفات بالفراق , واعوام عجاف بالبعد انغمست لحظاتها , قطعت تذكرة سفر ومضت....!!

وبيدها ورقة صغيرة فيها عنوان لاغير , حال وصولها اخذت سيارة اجرة من امام بوابة المطار واعطته العنوان وقالت لسائقها ...

من فضلك اريدك ان تاخذني اليه الان .!!

اخذتها الطرقات بلهفة الى درب كانت تتمنى ذات يوم ان يكون هو من يقودها اليه , .!!

وقفت السيارة امام بوابة منزل كبير قال لها السائق .

هاهو سيدتي عنوانك ,

اعطته اجرته ومضى , اتجهت صوب البوابة الكبيرة وبيد مرتجفة طرقت الباب.. طرقات خفيفة , تكابد يديها الماً لطرقها, فجاءة اطلت امرأة تتشح بالسواد من اخمص قدمها حتى شالها الحرير الذي يغطي شعرها ,.!!
اخذت تتفحصها مليا وكانها تعرفها من زمان بعيد , تعيد النظرة تلو النظرة الى وجهها , فتوقفت وكانها ابصرت اعصار هزها مقدمه , ابصرت في عمق عينيها ثم أطرقت براسها نحو الارض فاندلقت دموعها شلال يصعب ايقافه , اخذت تتمتم قائلة ..

أنها هي أجل انها هي فهي على يقين فكم مرة راتها في عينيه ترقد وهو يكلمها عنها , لقد كان حضورها الان يشرح الحكاية معه بكل وجع ...!!

قالت بصوت يملوه الحزن ويقطعه الانين تسالها..

اجئتي تبحثين عنه اليوم , على ذلك العنوان الذي كان يخاف ضياعه من ذاكرتك منذ اعوام ؟

قطرات من الخوف تغلغلت في مساماتها فسدت عليها مجرى الانفاس وسرت ارتعاشات في دمائها , هزت كل ذلك الجسد المتعب من فكر ومن قلق , اخذت على النفاذ من صبر, حتى اوشكت على قحط في شريانها ,نظرت الى مجرى دموع تلك المرأة وهي تتناثر على الارض مبلله, وشال الحرير الاسود الذي تمسكه بيديها المرتجفة يهتز معها كورقة في مهب ليل عاصف, كل المظاهر والمعالم تعلن عن خبر , سبحت في الاوعي من أفكارها ..

آهو تاخير أخر وسفر كما تعود أم أنه وداع ورحيل ...!!؟

أجابتها بصوت مرتعش من وجل ..

اجل جئت أطلب رشة عطره فان بقايا المنثور في أنفاسي اوشكت على قحط , اريد روية هيثم .!!؟ ...

حتى وسادته اشتكت غيابه , وستائر غرفتي حنت اليه , وانية زهري تريد ان تغازل طيفه , وقارورات عطري مخنوقة , كتبي هاجرت سطورها مهملة من هجرها وحيدة فوق رفوفها .!!

لاتزال ضحكاته تحتل القناديل الوردية تلك التي كان يضيئها ليل سحر , واحاديث حب منقوشة على الجدران لاتزال اصدائها تنزف هناك تريد ان يتوقف سيل دماء شوقها , وشقاوة وضحكات ودعوات للسفر هناك في بلاد ممنوع علي موانئها , واسرار لنا صغيرة كتبها وفاء القمر واستودعها في عيونه , لانه لم يرى قبلاً قصة مجنونة ادمن قرائتها سراً ليباهي من يوماً تطلب وده سيقول لها ..

كانوا هنا الالهة ورحلوا فلا عشاق بعد من رحل .!!...

أستدرات نحو عينيها تبحث عن الممكن والمحال , شحب وجهها كيتيم ليلة عيد وحيداً , فهاج الفواد وعم صهيله فحرائق تكمن في اللحظة يعتصر الالم وكل اوردتها فطلبت صارخة منها اليقين .

من فضلك اجيبيني اهو سفر ام وداع ..؟

لماذا تتاخرين في الاجابة ياامرأة ماالذي جرى له أين هيثم الآن .؟

بخطوات راقصة بالية تعثرت من هبة ريح , تقدمت تلك المرأة نحوها واحتضنتها بين ذراعيها , واخذت تسمع طبول دقات قلبها المتصارعة وانفاس لهفتها الحارقة , حاولت قدر الامكان ان تنزع حد السكين التي ستغرز في الكبد وبلطف حاولت وحاولت ان تسترخي أعصابها المهترئة واعصارها الذي يلفح وجهها بقوة , حاولت ان توقف دموعها التي تتساقط كالمطر في ليلة غاب فيها القمر فاستباحت ارضه النار ...

وبهمس مطحون سالتها ..أين هو بربك قولي لي أين اجده ..؟

ساد الاختناق المكان وعمت اجوائه سحائب سوداء , حفرت الاهات مجرى فيه واخاديد , وامسى الدمع هطول ورعود , استندت على مكبى الذاكرة هاربة وجائها فصلها الاخير الراقد في الاعماق , قبل عدة اعوام التقته صدفة , في حفلة عرس , سئلها عن اسمها وقبل ان تجيب سواله قال ...داليا ..

تعجبت منه معرفته وقالت .. كيف عرفته سيدي ؟

قال .. منذ خط العمر كان وشماً منقوش على يدي حروف يقرائها كل من امد له يدي مصافحاً حتى اضحت اسم يرافق اسمي , طلب منها الخروج من اجواء ذلك العرس وانسلوا خارجين نحو الحديقة , وهو يدعوها لحفلة في وسط المدينة , اخذها الى مرابع فرح يراقصها ملامساً خصرها بين يديه , يهمس لها اريد ان اتعلم لغة جديدة , لااغني اغنية لذلك المغني الاسمر الذي يوماً سمعته في حفلة وهو يقول..

اسئلي الحقول واسئلي الرياح عن تلك التي أحبها وتلك التي كانت تخفيها عني الاقدار , لقد حضرت أنها أنتِ لاغير ,...

واخذ يدور ويدور بها حتى وصلت الى النجوم خطاها , نغماته تلامسى رموش عينيها فتتورد وجناتها , هو وهي لقاء مستحيل كان...

ولكنه ولد من بين صبار المستحيل ذاته , فكانت لهفة اللقاء , ورحمة القدر فالتقت عينيها خجلاً بعينيه , وتلاقت أنفاسهما , وامتدت مواعيد نبض تعانق نبض ترنوا لحظة مخلدة تسري في شريان العمر , وكعادته ليل الفرح ينفذ كنفاذ مسك عربي في ذاكرة صروح,

قال لها تعالي معي الان ,؟

دست راسها بين يدية وقالت ليست لنا حق اللحظة هذه فهناك مواعيد تنتظرني على رصيف الانتظار يجب ان اعدها واوفيها حقها فلاترنو الى لقاء الان ولكن اعطني عنوانك فانني ساوافيك فيه على موعد لقاء ....!!اخذت الريح تصطك وتمشط صراط الاعوام فلا لوحة رسمت بريشة الوان لقاء قريب ولا فرصة ولدت لتمد في الامل عمر معشوشب بحضور, ولكن كان يرقد وعد منها على منصة لقاء ..

لم يضيق بقلبها الوجود ولا المساحة الشاغرة فقد كانت تستمد من لحظة واحدة فقط هي عمر الزمان , فلا الاشواق سافرت في غياهب جب اعوام فراق.!! كانت وكانها نهر دفء يمضي الى مصبه بدون عناء ولكن بصبر لم ينضب ابداً , ولم تهدا امواج بحر , كان مده مرسوم نحو بحر , لم تهداء لهفة لرويته فقد وعدته ولازالت تتذكر.

ذات يوم قائلة بانها ستاتي ..؟

لقد كانت , لحظات ومعالم عشق مجنون تعد للحظة واحدة فقط.!! هي لحظة لقائه حتى ولو كانت في اخر الكون والزمان والعالم ..

ضلت تراقب ملامح حزنها وقطرات دمعها تتسلل لقلبها فيفيق بركان ارتعاشاته تعصف باطرافها ويبتدا شوحب وجهها يرسم لوحة وجل يعتصر وجدانها حريق لا بل حرائق ستعلنها الان هذه المرأة بكلمة واحدة لاغير ..

تحاول ان تبعدها عنها برفق قدر الامكان فقد ماتت ارادتها في مربع الخوف حاولت أن تمني النفس بالتعليل لعله على سفر ولم يرجع الى هذا الحين لعله فقد العنوان ولم تاتي الحمائم حاملة خبر عنه الى تلك الباكية المتشحة بالسواد , أينما كان , لعل ولعل ولعل.....!!

أنها حرقة القلب المرعوب تغطيها بمرهم التعليل.....نعم .!!

انها تلك الوساوس الذي تريد قتلها الان ....

تريد عذراً للدموع وللغياب...

وليس الرحيل حاولت بشتى الاماني ان تتلحف بها...

وللمرة الالف تصرخ بها قائلة ...

ارحيل ووداع ام سفر ولقاء ياامرأة اجيبي أين هو ماسر دموعك وكيف عرفتي بقصتي معه , والعنوان ماالذي اخبرك عني , وماالذي حصل له انطقي ؟

شعرت وكانها في معركة نزال لاتملك فيه غير ريشات من اجنحة مكسرة ولااحد معها في معركتها , الا فواد مكسور وخوف وحنينن ودموع تتساقط بغزارة انها كل عدتها ..

هل جئت متاخرة , والركب راحل ,

اصرت ان تعرف اليقين حتى لو اصابها منه مقتل....؟

هاهي انفاسها تخنقها ونار تحتل صدرها ويداها تقبض على البرودة نار وثلوج في جسد اثقله الرعب فارداه قتيل ...

فقد صعد ببطى الى الدماء واستقر....

اخذت تلوي رقبتها وعينيها تتفحص المكان , نظرت صوب الكرسي الوحيد هناك امام النافذه , اتراه كان يجلس هنا ينتظر مقدمها , أينما تولي انظارها في المكان ترى اثر .!!.

فجاءة نطقت تلك المرأة وصوتها على وتيرة الجوى مازال يعزف ..

... داليا لقد مات هيثم لقد مات ...؟

ضاعت الحروف تاهت الكلمات , ضاع الزمان وضاع العمر وضاع اللسان , واحترق الجواب بين الشفاه , كانت تحاول ان تمسك على معنى , كانت مات هي تلك الكلمة التي تحكي نهاية حكاية , وموعد لم تعرف وقته , الا بعد فصول اعوام ثقلها جبال وحزن والم ووجع ..ياه انها لعنة حين لانعرف وقت مولد لقاء ,

مات مات تقدمت نحوها وكان الخطوة فراسخ للكون بعيدة وارتعاشات جسدها لاينتهي وكانها طفل ابعدوه بالقوة عن صدر امه شعرت بحد سكين الحروف الثلاثة صرخت ...لالالا

دائماً يسقط المطر في غير اوانه وفصله ...

لالالا.....ياربي ارحيل بدون وداع....توبة .!!

تخطوفي أعياء مذل نحو مساحات الجليد لقد ذابت نارها واضحت جبال صقيع ,

مات وجئت اليوم حفلة تائبينه ....توبة .!!

تتناثر الفرحة باللقاء الى ماتم ,,,ووامرأة جاءت متاخرة تبحث عن رشة عطر أضافي ...؟

كيف ستتقبل اشباح الموت التي لاتعير للهفة ولا الوجد قيمة ...

لقد وعدته بالحضور لانها لم تقطع الامل ....

ولكن القدر كان اسرع منها ... تصرخ توبة .!!

تضيق بها الجدران تلاصق جسدها وتخنق انفاسها , وسكاكين من وجع تغرس في جنباتها يالها من امرأة مقتولة كطائر لامناص بعد وصوله يذيبه وتدمع عيناه وهو يرى مراسيم ذبحه ,

ابتلت عن اخرها فدموعها اغرقت رعود بين العمر والحزن محطات حسبتها عدتها الا محطة الرحيل فانها كانت ملغية ملغية ..!!

استدرات نحو المرأة وقالت أين اجده الان اريد قبره .

اجابتها قائلة .. تم دفنه منذ اسبوع و على نفس العنوان المرفق عندك كان يعلم بانك ستاتين لرويته فقد كان يقول ان الحكاية تعرف من عنوانها وانت كنت عنوانه الذي قضى العمر في وجع يحاول ان ينساه ولكن .!! كان كمن يحرث البحر بابرة , صعب النسيان والانتظار كان يرددها دوماً ..

فجاءة تنبهت اليها وهي شاحبة ترتجف كعصفور تحت مطر , حين تتكلم معها عنه ...

سالتها . من أنت .!!؟

قالت ....زوجته ؟

ولكن أطمئني كانت حكايتك يرويها لي كل مساء ..

وهو يحضنني مغمض العينين يردد اسمك فالصمت لايخترق الا باسمك ولايبدا الا حين يرحل عنا , وهو يتوسطنا , اليك....!!

لقد كنت امرأة تفوح داليتك من مساماته هو فاشمها أنا .مرغمة .وهاأنتِ تطلبين رشة يامصيبتي لآعطرين في قارورة واحدة الا انتِ وهو ,.!!

(101)    هل أعجبتك المقالة (91)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي