أبت يد المنون ألا يمضي العام 2009م إلا وقد اختطف الموت شاباً مصرياً عشق الصحافة المصرية والعربية ، وشغف بها حباً وهام في دروبها بروح العاشق الولهان .. يوم الأربعاء الموافق 30 من ديسمبر 2009 واري ثري مدينة بورسعيد التي ولد فيها جثمان ابنها الصحفي الراحل أشرف حماد الفقي الذي وافاه الأجل يوم الثلاثاء 29 ديسمبر 2009 م بعد إصابته بأزمة قلبية فأجأته وهو يقوم علي تغطية احدي الندوات بمكتبة الأسكندرية . كان أشرف الفقي يعمل مديراً لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية بمدينة الأسكندرية كما شغل منصب مديرمكتب جريدة الوطن السعودية في القاهرة .. أشرف الفقي أحد حملة رسالة صاحبة الجلالة وأحد أبنائها الشرفاء الذين عشقوها وهاموا في دروبها كالدراويش وأحد الذين شغفوا بها ، كان مدادها دماً يجري في شرايينه مجري الدم ،هدفه السعي دون كلل أو ملل ، ومن كثرة ركضه في دروبها وسعيه الدائم في دأب المحب لم يحتمل قلبه وطأة التعب الذي هو محدق به ، فأصاب الوجع شرايين قلبه الطيب فأرهقه واستبد به وأمسك بتلابيبه منذ العام 2004م .. باغته الوجع وهو يسجل حدثاً هاماً مر بتاريخ الأمة العربية ، كان الزعيم الفلسطيني أبي عمار قد رحل ، وكانت الأمة العربية تبكيه من خليجها العربي حتي محيطها الأطلسي في جنازة حاشدة ، كان أشرف الفقي قد كُلف بتغطيتها صحفياً ، فراح ينقل الأحداث في أمانة ، ينتقل من موقع لموقع حاملاً علي كتفه سلاحه يسجل به لحظة بلحظة دقائق الموقف بصدق ، وما أن انتهي أشرف الفقي من أداء المهمة الصحفية الموكولة إليه حتي سقط عليلاً وقد أصاب قلبه الوهن ورقد لتلقي العلاج بالمستشفي .. لم تهدأ النفس الأبية ، ولم تستسلم للسكون والدعة فعاد صاحبها يصول ويجول ، النفس التواقة للمهام الصعبة في مهنة البحث عن المتاعب شوق عارم للعودة من جديد مقاتلاً يحمل السلاح القلم ، بدّل الطبيب شرايين القلب المتعبة وعاد أشرف الفقي ثانية لخوض المعركة في محراب الكلمة الشريفة ، ويبذل أقصي مايملك من الجهد والطاقة من أجل رسالة مهنية آمن بها وعشقها حتي الثمالة .. كانت أمنيته الآخيرة أن يعد العدة لزيارة بيت الله الحرام في العام القادم ، ولكن يد المنون سبقت تحقيق الأمنية . ضرب أشرف الفقي مثلاً أعلي في العطاء لكل من عمل معه في عالم الصحافة ، جهد فوق العادة وطاقة بشرية لا يحدها تعب ، يعمل في صمت دونما ضجر. خمسون سنة هي كل سنوات عمره ، لكن الحياة ليس بقياس السنوات ، لكن أشرف الفقي حمل عبء إرساء قواعد العمل في تأسيس مكتب جريدة الوطن السعودية ، جعل منه خلية نحل دائماً في شغل ، وعاش أشرف الفقي حلم تأسيس مؤسسة الفكر العربي من خلال المتابعة وحضور الإجتماعات التحضيرية لوضع حجر الأساس في هذا الصرح العملاق حتي خرج إلي حيز الوجود تحت قيادة الأمير خالد الفيصل في مؤتمره الأول الذي عقد في القاهرة في أكتوبر من العام 2003م .
كما شارك في بداية ديسمبر 2009م في " فكر 8" الذي انعقد في الكويت . اتسم أشرف الفقي بعلاقاته الحميمية علي المستوي الشخصي والإجتماعي فكان مشاركاً لكل رفاق رحلة حياته في أفراحهم وأتراحهم ، كما كان كالنحلة التي لا تهدأ فهو مشارك أصيل في كل نشاط وعلي كل الأصعدة ، فهو مع الساسة يلتقط بعينه الثاقبة ويلحظ ويراقب ويتابع عن كثب ، أو في مباراة لكرة القدم يحلل ويشاهد ويكتب الرأي ، أو في متابعة أمسية شعرية يتنصت لوقع الكلمات ونبضها في موقع قريب ، أو في حفل موسيقي يرهف السمع محلقاً في عالمها السخي ، أو يشارك بزيارة أجد معارض الفن التشكيلي .. كان أشرف الفقي طاقة مبدعة متألقة متجددة في عالم الصحافة المصرية والعربية.. كما عمل محرراً للشئون العربية بمكتب جريدة الحياة اللندنية بالقاهرة ، وجريدة القبس الكويتية ، وعمل بجريدة الشرق الأوسط وفي مكتبة الأسكندرية التي كانت في انتظار ضيفها ، وقف الدكتور اسماعيل سراج الدين ليطلب من الحضور قراءة الفاتحة علي روح أشرف الفقي وسط ذهول الجميع المشاركين .. في سبتمبر الماضي نجح أشرف الفقي في إرساء أسس جديدة بعد نجاحه المدوي الذي بهر الجميع وعلي أثره أصبح رئيساً لمجلس إدارة نادي 15 مايو بالأسكندرية بعد أن تقدم ببرنامج طموح هدف من خلاله النهوض بالنادي علي المستوي الإجتماعي والرياضي كان أشرف الفقي حتي آخر لحظات حياته يعمل ، وكان آخر ما أنتجته قريحته الصحفية هو التقرير الذي أعده عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لمصر . ترك أشرف صفحة طيبة في عالم الصحافة المصرية والعربية وجمع في خلال رحلته بين دماثة الخلق وحرفية الصحفي المتألق
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية