بقيت حادثة إطلاق النار على الحافلة السورية على طريق طرابلس - دير عمار في الشمال حاضرة بقوة على المستويين السياسي والأمني واكتسبت أبعاداً إضافية بفعل مقاربتها في جلسة مجلس الوزراء والموقف اللافت لوزير الداخلية زياد بارود الذي شدد فيه على أن التعاطي مع الحادثة يتم بدرجة عالية من الجدية لكونها لها دلالاتها.
![]() |
وأوضح بارود أن التحقيقات في حادثة دير عمار مستمرة وهي في أيد أمينة، رافضاً الدخول في أي تفاصيل حول التحقيق «لأنه يخص سلامة الموضوع».
إلى ذلك واصلت الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة تحقيقاتها في جريمة الاعتداء على الباص السوري في محلة دير عمار قرب طرابلس والتي أدت إلى استشهاد عامل سوري كان يقصد لبنان بهدف العمل. بينما سطر قاضي التحقيق العسكري فادي صوان استنابات قضائية إلى الأجهزة الأمنية المختصة في حادثة إطلاق النار على الحافلة السورية في دير عمار، وطلب التحري عن الفاعلين والمحرضين والمتدخلين وكشفهم وسوقهم إلى دائرته.
وأوضحت مصادر متابعة أنه تم الوصول إلى ما يمكن اعتباره خيطاً رفيعاً يمكن البناء عليه لإحراز تقدم من شأن متابعته الإمساك برأس الخيط، وكشفت أن المعلومات الأولية المتوافرة تشير إلى أن الفاعلين قد يكونون من سكان المنطقة مكان حصول الحادث وان التحقيق يتركز راهنا على الرصاصات التي عثر عليها في المحلة وعددها سبع أطلقت من سلاح حربي نوع «كلاشينكوف». وأكدت أن ثمة شاهداً في القضية ادعى أنه رأى شخصين قريبين من المكان قبيل الحادثة.
وإذ وصفت المصادر الحادثة بالخطيرة جداً كونها تكتسب أبعاداً سياسية، مضت إلى القول إن الأجهزة الأمنية مصرة على الوصول إلى كشف الفاعلين انطلاقاً من الخلفيات التي تكمن وراء العمل والهادفة إلى تعكير الأجواء بين لبنان وسورية وخصوصاً أن المتضررين منها كثر ويبدو أنهم يحاولون تفويت فرصة المصالحة بين البلدين من خلال أعمال مشابهة يخشى أن تتوسع دائرة استهدافاتها، تماماً كما حصل إبان انتهاء أحداث نهر البارد حيث عمدت جهات معينة آنذاك إلى استهداف حافلات للجيش اللبناني تباعاً في إشارات متتالية إلى استمرار حضورها رغم الانتصار الذي حققه الجيش عليها.
وأكدت أن عدم التعاطي مع الحادثة بالمستوى المطلوب من الجدية من شأنه إفساح المجال أمام «الفئات» المتضررة للمضي في مخططها. ويرى المراقبون في بيروت أن هذا الحادث شكل أول اختبار لحكومة الحريري على صعيد القدرة على ضبط الأمن، وكذلك لانطلاقة العلاقات اللبنانية- السورية في خطواتها الأولى على صعيد إعادة بنائها بعد نحو خمسة أعوام من شبه القطيعة.
ولاحظوا أن ردّ الفعل السوري جاء تحت السقف الدبلوماسي- المؤسسي الذي يرغبه البلدان، بينما شدّد مجلس الوزراء على ضرورة الإسراع في التحقيق.
ويلفت المراقبون إلى أن الجريمة جاءت بعد نحو 24 ساعة على حادثة إحراق مركز لحزب البعث العربي الاشتراكي في محلة الكولا (في بيروت) ليل السبت، أي بالتزامن مع توجه الحريري إلى العاصمة السورية، ما يرجّح وجود جهة ما وراء حادث دير عمار وأنه ليس عملاً فردياً.
ويخشى المراقبون أن تكون هناك جهة، أو جهات، تهدف إلى تخريب مسار العلاقات اللبنانية - السورية، وتالياً يمكن الاستنتاج أنها لن تتوقف عند جريمة دير عمار وقد تمضي بعيداً في محاولة ضرب هذه العلاقات، ما يوجب بذل أقصى درجات التنسيق والتعاون بين الأجهزة الأمنية دعماً لمسيرة الحكومة في أولى خطواتها.
الوطن
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية