أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

وكالة أنباء عالمية تعتبر 2009 عام الصواب السوري

دمشق اجتازت امتحان الضغوط والعزلة بزيارات رسمية مهمة

اعتبرت وكالة الانباء الالمانية (د.ب.ا) عام 2009  عام “الصواب” والنجاح للسياسة السورية الخارجية، واجتياز جيد لامتحان اقتصادي واجتماعي داخلي، واضافت بتقرير بثته مساء امس أن ذلك لا يعني بالضرورة حل المعضلات كافة، إنما جزء مهم منها، وترحيل بعضها إلى خطط خمسية، في منطقة تشهد المزيد من الغليان والتحولات وإعادة تشكيل التحالفات الجيوسياسية .


وتابعت الوكالة منذ صعود نجم الرئيس الأمريكي باراك أوباما والتباشير التي كانت تشير إلى فوزه وزوال “خط” المحافظين الجدد في البيت الأبيض عاد “أوكسجين” التنفس السوري لوضعه المستقر وتراجع “التهديد المباشر” الذي كانت دمشق تتعرض له منذ أصبح الجيش الأمريكي على حدودها الشمالية الشرقية وزوال نظام البعث العراقي . وحمل مطلع العام أولى علامات الانفراج مع وصول أوباما إلى البيت الأبيض وبداية حديثه عن “علاقات احترام متبادل مع دول العالم ومصالح مشتركة”، ودعم أوروبي وفرنسي بشكل خاص لهذا التوجه .


واردفت رغم أن مطلع العام المنصرم حمل محرقة غزة إلى واجهة الأحداث ودمشق كانت معنية ربما أكثر من غيرها بهذه الحرب، إلا أن الحرب نفسها، ما إن وضعت أوزارها، حتى ساهمت في إعادة التموضع لعاصمة اعتادت الاستفادة بذكاء من استثمار التناقضات وتحويلها لأوراق تستخدم عند الحاجة، وهو الأمر الذي يحسب للجانب السوري . وتعاملت دمشق مع هذا الحدث، بكثير من الشحن والتجييش وتحولت ساحات وشوارع المدن السورية إلى مسيرات مؤيدة للمقاومة ومنددة بالعدوان “الإسرائيلي” على غزة المحاصرة .


وكشفت محرقة غزة حجم التباعد العربي وفرزت المواقف، وتبعت وسائل الإعلام العربية الشارع الذي انشطر إلى قسمين، كما هو حال الوضع الرسمي . وأعلنت سوريا توقفها عن المفاوضات غير المباشرة مع “إسرائيل” برعاية تركية .


لكن دمشق اجتازت امتحان الضغط والعزلة وبدأت مؤشرات الانفتاح تظهر مع زيارة العديد من وفود الكونغرس والرسائل التي حملتها إلى القيادة السورية تؤكد رغبة الإدارة الاوبامية الجديدة في الانفتاح على سوريا وبداية حوار يشبه مبدأ “خارطة طريق” يشمل كل القطاعات .


وواكملت انطلق الرئيس السوري بشار الأسد في تنفيذ برنامج زيارات خارجية طال تأجيله شمل أكثر من عشرين زيارة كانت بدايتها من القمة الاقتصادية العربية في الكويت، ثم قمة الدوحة الطارئة، وجاءت قمة الكويت التي حملت مبادرة مصالحة من العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، وتم اجتماع قادة السعودية ومصر وسوريا والكويت .


وأصبح الانفراج العربي تدريجيا يصل إلى سوريا، وتلت ذلك مصالحة قمة في السعودية أتبعها الأسد بزيارة، إلى أن وصل العاهل السعودي إلى سوريا أواخر سبتمبر ليعلن الجانبان أنهما طويا خلافات الماضي ويتجهان إلى تعزيز مصالحهم المتبادلة الثنائية والإقليمية مؤكدين على الأطراف اللبنانية ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة وفاق يرأسها سعد الحريري .


وتحقق بالفعل تشكيل الحكومة اللبنانية وقام الحريري بأول زيارة له لدمشق منذ دخوله حلبة العمل السياسي، واتفق الأسد والحريري على فتح آفاق جديدة في العلاقات .


ومع بداية انفراج عربي ودولي تجاه سوريا، بدأ الأسد جولة عربية وزار تباعا بعد السعودية الأردن وقطر ثم البحرين وسلطنة عمان لتأكيد متانة العلاقات الثنائية .


وحاولت سوريا خلق مزيد من التوازن في علاقاتها الخارجية وفق الحياد الايجابي أو تعويض خسارة الدول الغربية بدول آسيوية مثل الهند وروسيا والصين وفق مبدأ “الاتجاه شرقا” . ثم بدأت الولوج إلى بوابات أوروبا عبر دول سجلت موقفا إلى جانبها، وكانت أولى الزيارات إلى النمسا بعدما كانت جولات “تعزيز الثقة” بين فرنسا وسوريا حققت أشواطا متقدمة .


بالنسبة للوضع الداخلي، استلزم الأمر بعض التأجيل في كثير من القرارات لأن سوريا كانت تعطي الأولوية للأمن والاستقرار حسب ما أعلنت الحكومة مرارا، لكن الانشغالات الخارجية لم تكن لتشغلها عن استحقاقاتها الداخلية وقت الحاجة ورغم عدم رضا الشارع المحلي عن نشاط حكومته في الجانب الاقتصادي المعيشي .


واستمرت دمشق في تقوية روابطها الخارجية فزار الأسد أرمينيا وأذربيجان وسط تنسيق وتشاور مع حليفة سوريا تركيا، وأعلن الأسد رؤيته “لربط البحار الأربعة” واستعداد بلاده لوساطة ايجابية بين باكو ويرفان . وقام بزيارة طهران واجتمع إلى أركان الثورة الإسلامية، بعد إعادة انتخاب أحمدي نجاد، كما زار اسطنبول وأنقرة ليعلن مع تركيا محطة مفصلية من التعاون وتأسيس مجلس تعاون استراتيجي، أدى إلى ربط مشترك وإلغاء تأشيرات الدخول .


ولعل عام 2009 كان بالنسبة لسوريا عاما متميزا من حيث عودتها لممارسة دورها في القضايا الإقليمية وتواجدها العام في ساحة المجتمع الدولي إلا أن بعض المنغصات لا تزال تظهر في مواجهة الحكومة السورية، إذ أن العلاقة مع واشنطن تسير ايجابيا لكن ببطء، وواشنطن لم توافق لسوريا على صفقة طائرات اير باص التي هي بأمس الحاجة لها، كما أنها لا تزال تضعها في “محور الشر”، إلا أن ابرز معاناة تكمن في العقوبات الأمريكية على الاقتصاد، ولا تكف واشنطن عن مطالبتها بلعب دور ايجابي في الوضع العراقي وملفات أخرى عالقة ليس اقلها شأنا الفصائل الفلسطينية في دمشق والعلاقة مع حزب الله وإيران .


وفي إطار توق دمشق لمد مزيد من الجسور استضافت ممثلي عشرات الأحزاب الشيوعية جاؤوا من 43 دولة ليعقدوا اجتماعاتهم ويعلنوا تأييدهم للمواقف السورية والقضية الفلسطينية .


ودعا المؤتمر العام الخامس للأحزاب العربية الذي استضافته الحكومة السورية تحت شعار “القرار العربي المستقل” إلى استمرار النضال من أجل تحقيق الديمقراطية والإصلاح في الوطن العربية كما شدد على ضرورة حماية مشروع المقاومة .


وشهدت العلاقات السورية العراقية مزيدا من التدهور إثر اتهام بغداد لدمشق بإيوائها بعثيين عراقيين يقفون خلف تفجيرات انتحارية إرهابية أودت بحياة مئات العراقيين ودمرت مباني رسمية وضربت الأمن والاستقرار، وردت دمشق بالنفي .


ويمكن إجمال الحصيلة النهائية للعام الحالي في سوريا بأنه “عام القطاف” السوري بعد سنوات من المد والجزر، كاد فيه “المد” بعض الأحيان يصل حد الطوفان، لكنه في العام الحالي أخذ “الجزر” مكانته شبه المستقرة وأصبح الشاطئ السوري شبه آمن، من دون إغفال أن “قطاف 2009” تطلب الكثير من التكلفة والصبر .      

زمان الوصل
(184)    هل أعجبتك المقالة (129)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي