يتحدث فيلم نقطة تحول عن الواقع الفلسطيني في حقبة من الزمن غير بعيدة، وهي تمتد منذ بداية السبعينيات في القرن الماضي إلى أواسط الثمانينيات من ذات القرن، انه يحكي قصة الإنسان الفلسطيني كما هي في واقع الحياة الحقيقية، حيث انه ونتيجة الاحتلال البغيض الذي جثم على صدر أبناء الشعب الفلسطيني منذ العام 1967 اخذ - الناس- وخاصة العرب منهم، يرسمون صورة نمطية للفلسطيني وبالأخص الموجود في الأراضي المحتلة، هذه الصورة التي تتمحور حول وقوعه تحت الاحتلال، وبالتالي فان ليس من حقه أن يعيش حياته كباقي البشر، وان دوره لا يجب أن يكون سوى في ساحة المواجهة- وهنا يكون المقصود المواجهة العسكرية أو المقاومة- ويتم استبعاد أي شكل من أشكال المقاومة الأخرى علما بان المقاومة قد تكون من خلال التعلم والتعليم، والحفاظ على الإنسان الفلسطيني صامدا على أرضه، باق بها، ويقوم على تطويرها وتطوير كل جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والزراعية والثقافية...الخ، كما ان البعض يعتقد بأنه يمنع على الفلسطيني ان يحب أو ان يرتبط بحبيبة، أو ان يعيش لحظات فيها من الرومانسية الحد الأدنى مثله مثل باقي البشر.
فيلم نقطة تحول يصور الإنسان الفلسطيني بشكل مختلف عن الصورة النمطية تلك، فهو بالإضافة إلى انه يجسد صورة الإنسان المقاوم والمناضل والأسير أو المعتقل، فان الفيلم يجسده أيضا كطالب مجتهد برغم ظروف الاحتلال، وهو مبدع، صبور، مجد، يتمتع بقلب محب كباقي الناس، ولديه القدرة برغم كل ما يتسببه الاحتلال له من آلام ومشقة ان يعيش لحظات الفرح بكل ما فيها، ولديه القدرة على التفوق والصمود في وجه جلاديه، ويستطيع ان يتدبر أمور حياته برغم الأوضاع الاقتصادية السيئة وضنك العيش.
حول موضوع الفيلم يقول الأستاذ سليم دبور الذي كتب قصة وسيناريو وحوار الفيلم "ان الفيلم يسلط الضوء على مرحلة أو حقبة معينة من الزمن، وكيف كان الفرد الفلسطيني يعيش تلك الأوقات، والكيفية التي كان الناس فيها يتحملون مسؤولياتهم بحس من الوطنية عال وانتماء وطني مميز، كانوا يفعلون ذلك دون انتظار لمنة او مكافأة من احد، كما ان الفيلم يصور كيف كانت الأجيال في تلك الأيام تتحمل المسؤولية والأعباء الكثيرة التي تنتج عن فقر الحال ووعورة الأوضاع بشكل عام"
ويضيف الأستاذ دبور " القصد من الفيلم هو ان تطل الأجيال الحالية على الكيفية التي كانت فيها الحياة في تلك الأيام، وكيف كان الطفل يبحث عن العمل بينما هو يبدع في المدرسة ويقدم العون للعائلة ويبقى محافظا على درجاته المميزة على سبيل المثال، كما انه يتضمن إطلالة على صعوبة الحياة وان كل هذا الذي نراه من كماليات ورفاهية لم يكن موجودا إذا ما قورنت المرحلة الحالية بالمرحلة السابقة، كما انه يتحدث عن المقاومة والاعتقال وحتى عن قضايا لها علاقة بالعملاء والحكم عليهم بالموت والإعدام او محاسبتهم على الأقل.
ويقول الأستاذ دبور انه تم اختيار هذا الاسم للفيلم لان فيه الكثير من المواقف التي تعتبر نقاط تحول في قصة حياة أبطال الفيلم، فاحدهم يتعرض إلى موقف معين وبعد ان كانت هذه الشخصية تتسم بالثقافة والتعليم والاحترام يتحول الى شخص مجنون بسبب ذلك الموقف أو الحدث وهكذا تدور أحداث الفيلم من موقف الى آخر، كذلك فان المواقف في المعتقل تعتبر نقاط تحول في حياة الشخصية التي لعبت هذا الدور، إلا ان السيد دبور لم يرغب في الحديث بشكل فيه الكثير من التفصيل حتى لا يتم حرق قصة الفيلم.
أما حول ان الفيلم فلسطيني مئة في المئة، فيقول الأستاذ دبور، المقصود هنا هو ان هذا الفيلم هو فعلا فلسطيني صرف، فهو من حيث القصة فلسطيني وهي قصة حقيقية تتمحور حول الواقع الفلسطيني، وهو بجميع كوادره من الفلسطينيين، سواء من ناحية المخرج او مساعده او المنتج او الممثلين، كما انه تم بتمويل كامل من رجل أعمال فلسطيني هو الدكتور انس ابوسعده.
أما ممول الفيلم السيد أنس أبوسعده الذي يحمل الجنسية الهولندية وهو طبعا من أصول فلسطينية فيقول "كان حلمي الدائم ان يتم عمل فني درامي مميز يتحدث عن الواقع الفلسطيني كما هو بدون رتوش، وان يتضمن هذا الفيلم صورة واقعية حقيقية للفلسطيني الواقع تحت الاحتلال، احلم بفيلم يحكي عني وعنك، عن كل فلسطيني بمشاعره الإنسانية المتنوعة، أحلم أن يصور الواقع الحقيقي للإنسان الفلسطيني بدون تضخيم أو إسفاف،، فيلم يحكي قصص الحياة الفلسطينية اليومية الواقعية بحيث يبرز فيها كيف يتغلب هذا الإنسان على الاحتلال والفقر والعقبات التي تواجهه ليصل الى النجاح، كل ذلك بالحب، الإرادة، بالصبر والطموح الذي لا يحول دونه أي عائق ..أحلم أن يكون فيلما درامياً روائياً عربياً لكن بنكهة فلسطينية 100%.
ويضيف السيد أبوسعده بان الفيلم يتميز بأنه يتحدث عن قصة حقيقية وليس من الخيال، وهي بشكل عام قصة أي فلسطيني وهي تصور الحياة بكل ما فيها من صعوبات ونجاحات وتحد وشموخ وهنات وإخفاقات أحيانا، هذا عدا عن الفيلم سوف يتميز في الاستعمال الجيد للتقنية العالية بحيث يكون مختلفا في هذه الزاوية عما سبقه من الأعمال التي لا نحاول ان نبخسها حقها.
15-12-2009
الفيلم الفلسطيني "نقطة تحول" يتعامل مع حقبة زمنية بشكل هادف
رشيد شاهين
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية